خمس طرق لبناء مدن ذكية عبر الابتكار والاستدامة

تشهد المدن توسعًا مستمرًا بوتيرة متسارعة. وتتوقع الأمم المتحدة أن يعيش 68% من سكان العالم في مناطق حضرية بحلول سنة 2050 مما يجعل التنمية المستدامة للمدن الموضوع الأكثر أهمية لضمان مستقبل صحي يتسم بالكفاءة في استخدام الموارد.

وسعيًا لمناقشة تطوير المدن الذكية عبر الابتكار وأسلوب الحياة الخضراء، تبادل خبراء من شتى أنحاء العالم الآراء والأفكار خلال قمة الدوحة للمدن الذكية التي أقيمت عبر الإنترنت ونظمتها مشيرب العقارية التابعة لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.

عُقدت جلسة نقاشية بعنوان "الابتكار والاستدامة: من التحول في نمط الحياة إلى التغير المناخي" تحدث فيها خمسة خبراء ومتخصصين في مجال صناعة المدن الذكية وركزوا على الطرق التي يمكن من خلالها الدمج بين الابتكار والاستدامة لتحقيق قفزات هائلة نحو التنمية المستدامة.

وفيما يلي خمس طرق تناولتها الجلسة النقاشية:

1. بناء المدن الذكية يستلزم عقلية جديدة فضلاً عن التقنيات المبتكرة
أكد العديد من المشاركين في الجلسة النقاشية على أهمية وجود عقلية مناسبة لضمان العيش بأسلوب مستدام، وهذه العقلية ضرورية على مستوى الحكومة والشركات والمواطنين على حد سواء. ومع ذلك أوضحوا أن العقلية الإيجابية لا يمكنها أن تحقق النتائج المرجوة بدون التقنيات والحلول المناسبة.

من جانبه، قال أدريان وود، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز في قطر والكويت: "لا خيار أمامنا سوى المضي قدمًا في الحلول الذكية أو منظومة متكاملة من الحلول، والطريق الوحيدة لذلك أن ندمج بين المفاهيم الجيدة والتكنولوجيا. إذ نحتاج إلى الأمرين معًا، جنبًا إلى جنب. وبمجرد التوصل إلى المفهوم الذي تحتاجه والتقنية المطلوبة، يمكنك الدمج بينهما فتحصل على الحل المناسب لك". وأضاف "أحيانًا تكون هناك العقلية المناسبة مبدئيًا لكن لا يتم توجيهها بشكل مناسب خلال المشروع. لذا فإن الأمر يتعلق بالتوجيه الصحيح للعقلية بمساعدة مختلف الأطراف المعنية مع الحفاظ في الوقت ذاته على تلك العقلية التي شعارها "أود أن أكون أذكى وسأبذل قصارى جهدي" ولا تترك السياسات أو المشاكل المالية تعرقل مسيرتها".

2. المدن العالمية المتطورة لا يلزمها أن تضحي بثقافتها المحلية
إن المدن العصرية المهووسة بالتكنولوجيا المتقدمة عادة ما تُبنى وتُطور دون أن تكون لها هويتها الخاصة، وهذا أمر لا ينبغي كما يقول جايسون تويل خبير التنمية المتجددة الذي يشغل منصب مدير مشروع البرنامج العام لمؤسسة قطر الخاص بكأس العالم.

ويقول تويل: "أظن أننا لا زلنا عالقين في هذا النوع من التفكير الآلي التكنوقراطي في التعامل مع المدن، ولذا نواجه مشكلة تشابه الطراز المعماري وتشابه الأماكن إلى حد التطابق". وذكر تويل الدور البارز لمشروع "مشيرب قلب الدوحة" في تحدي هذا المفهوم، وهو مشروع للتجديد والتطوير المستدام. وأضاف أن "مشيرب نموذج رائع للالتزام بنهج مختلف في التطوير. ومن خلال الاستفادة من التراث والقيم الثقافية والتنوع البشري والكنوز الأثرية لهذا البلد، أتيح للشركة أن تنظر للعمارة بنظرة مختلفة مع استغلال هذا القدر الهائل من التكنولوجيا في الوقت ذاته للوصول إلى أقصى حد ممكن من الذكاء في البناء والتطوير".

أضاف: "ولاجتذاب المواهب ورؤس الأموال إلى المدن، تحتاج في الحقيقة إلى الاستفادة من ثقافة المدينة وأن تكون وثيق الصلة بالمكان من حولك، وأن تكون وجهة متفردة تجذب ذاك النوع من المواهب الراغبة في الانطلاق إلى مكان أصيل".

3. التنمية المستدامة تزدهر في منظومة متعددة القطاعات
فيما يخص التنمية المستدامة الشاملة، تحتاج المجتمعات إلى الموازنة بين سد النقص في الضروريات الحياتية من الطعام والمسكن والرعاية الصحية – والإفراط في استخدام الموارد المحدودة للكوكب مثل الماء العذب والهواء.

وترى ليوني فان دن بيوكين، مدير البرامج في مشروع مدينة أمستردام الذكية أن الموازنة بين النقص والإفراط، المعروف باسم اقتصاد الدونات، هو ما يساعد أمستردام في أن تصبح مدينة ذكية. وتقول: "إن أي نجاح لتحالف الدونات هذا يكمن في الرؤية بعيدة المدى. ولا بد أن يكون كل شخص في موقعه ويتحمل مسؤوليته، فالحكومة واجبها التنظيم واللوائح وتقديم الإعانات، والسوق ضرورية لتصميم التقنيات، والمؤسسات الاجتماعية للتواصل مع المواطنين، وبالطبع المؤسسات المعرفية والعلمية لإجراء البحوث المتعمقة. وطالما نسعى إلى جمع كل هذه الفئات معًا ونتعامل مع جميع الأخطاء ومواطن القصور بعقلية راغبة في الوصول إلى المدينة المستدامة المزدهرة الشاملة والعادلة، فإننا نحرز النجاح.

4. المزيد من الحلول التقنية المالية يمكنها أن تدعم الاستدامة
يرى جان رينمولر رئيس القرية الرقمية في شركة كي بي إم جي في سنغافورة أن المدن تحتاج إلى دعم خدماتها ووضعها المالي من خلال دمج التكنولوجيا لتحسين هذه الخدمات وإدارتها بشكل آلي. ويبيّن وجود علاقة ترابط بين الكفاءة الاقتصادية والاستدامة. وما رأيناه خلال السنوات القليلة الماضية جليًا في سنغافورة يدل دلالة واضحة على الارتباط بين البنية التحتية الجديدة الهائلة وبين الكفاءة الاقتصادية وبناء منظومة تقنية مالية مناسبة وبحث سبل تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون أكثر كفاءة وفاعلية. ويضيف جان رينمولر: "في النهاية سوف تعلمون المزيد عن البيانات التي يجري تجميعها نظرًا لأنه بمجرد رقمنة جميع المجالات المختلفة، يمكن حينئذ تكوين تصور أفضل عن كيفية إنفاق الناس لوقتهم وأموالهم".

5. قوة الاتصال هي مفتاح التنمية الحضرية التقدمية
شدد مهدي سعد الحبابي، رئيس قطاع الأعمال في فودافون قطر على أهمية الترابط والاتصال في بناء مدينة ذكية، وأن هذا لا يقتصر على الاتصالات الرقمية وإنما يشمل دور هذه الشبكات في تحسين العالم الواقعي، ومن ذلك تتبع إدارة المخلفات أو استهلاك الكهرباء.

وقال الحبابي: "نضطلع بدور مهم جدًا بوصفنا شركة اتصالات ومقدم خدمات رقمية في إتاحة الأسس اللازمة للترابط الشبكي والاتصال. ونؤمن بأن أي مدينة ذكية تحتاج إلى شركة اتصالات قوية لا مجرد شركة تقليدية، بل شركة مبدعة لديها العديد من التقنيات الجديدة والأفكار المبتكرة علاوة على خدمات التسويق التجاري المتميزة".

لمعرفة المزيد حول ما تناولته قمة الدوحة للمدن الذكية، انقر هنا.