صانع أفلام ضمن سلسلة محاضرات المدينة التعليمية:"الدهشة والتعجب يحوّلان الشك إلى فرص"

في محاضرته التي قدّمها ضمن سلسلة محاضرات المدينة التعليمية الخاصة بمؤسسة قطر، شجّع مقدّم البرامج التلفزيونية، وصانع الأفلام، والمفكر المستقبلي، جيسون سيلفا، الشباب على تبني مبدأ "الدهشة"، وذلك في إطار معالجة مواضيع كالتعليم والتكنولوجيا وصلتها بحالة الناس.

تحدّث جيسون سيلفا، وهو أيضًا صاحب برنامج "ألعاب العقل" على قناة ناشيونال جيوجرافيك، والذي ترشّح عنه للحصول على جائزة "إيمي"، عن أهمية ممارسة إعادة التخيل وإعادة الابتكار بشكل مستمر حول الطريقة التي نعيش بها حياتنا في عصر "التغير الفوري والتطوّر التكنولوجي السريع"، وذلك في محاضرة عامة ألقاها في مكتبة قطر الوطنية، بالاشتراك مع مهرجان أيّام الدوحة للتعلّم، وهو مهرجان التعلّم التجريبي الذي ينظمه مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز".

وقال: "إن السلوك الصحيح الواجب علينا اتباعه في عصر التغير السريع، هو أن نلعب لعبة لا نهاية لها، والتي نحقق فيه فوزًا وخسائر على المدى القصير، ولكن نستمر فيها، ونواصل الابتكار، ونحافظ على إعادة الابتكار".

سلسلة محاضرات المدينة التعليمية هي منصة تجمع الخبراء من شتى المجالات في مؤسسة قطر لمشاركة تجاربهم وأفكارهم ووجهات نظرهم مع مجتمع دولة قطر، وتتيح فرص للناس للتفاعل في مناقشات بنّاءة مع الضيوف. ويُعد سيلفا، الذي يقدم محتوى ملهمًا على موقع يوتيوب في سلسلة حلقات بعنوان "شوتس أوف أو"، أحد المتحدثين من مجالات الصحة، والابتكار، وريادة الأعمال، والرياضة، والإعلام، إلى جانب كبار الشخصيات من الأمم المتحدة.

وقال خلال المحاضرة: "إحدى أهم المدخلات التي أحرص على أن أقولها لنفسي هي الدهشة والتعجب، ففي وجه التغير السريع، من السهل أن تتوتر عقولنا، حيث أن التغيير يسبب الشك. إلا أنّ التغير المُطَّرد لا يعني بالضرورة فقط الشك المُطَّرد، ولكن يعني أيضًا الفرص".

وأضاف: "لتتمكن من إدراك ذلك، عليك أن تسلّم لشعورك بالدهشة، وأن تسمح لهذا الشعور بأن يكون نموذجك الخاص عن العالم، وأن تدعه يُسيطر على شعورك بالمعرفة المسبقة، والتشويش والخوف. إن هذه اللحظات من شعور الدهشة والتعجب تُخلف في داخلك وهجًا من الفوائد المعرفية، كالرفاه النفسي والتعاطف مع الآخرين، وتخرجك من حالتك وتذكرك بأن العالم أكبر بكثير من مما تتصور".

وصف سيلفا التكنولوجيا بأنها وسيلة "لقلب عقل الإنسان رأسًا على عقب". وقال: "إنها امتداد للإبداع في داخل عقولنا، لكنّ هذا أيضًا يُثير العديد من التحديات حول كيفية توجيه هذا الكم الهائل من الأفكار والمسار الذي ندفعها باتجاهه".

"لطالما كانت التكنولوجيا والابتكار تُحدث التغيير في العالم، وقد كانت التكنولوجيا التي نمتلكها تخريبية، ولكن الأمر المختلف اليوم هو أننا نعيش في عالم من التغير المُطَّرد".

وتابع: "في الماضي، تراكم الابتكار على مدى أجيال عديدة، ولم تحدث الكثير من التغيرات في عالمنا، ولكن اليوم، فإن التغيير يحدث بشكل فوري، فنحن نعيش في زمن التطوّر التكنولوجي السريع، لذلك من الضروري للغاية أن نعيد تشكيل أفكارنا وتصوراتنا حول طريقة قيامنا بالأمور".

وقد أكّد سيلفا خلال حديثه على أن الإنسانية لا يجب أن تشعر بمعرفتها المسبقة بكافة الأمور، بل على العكس، علينا إن نعيد توجيه أنفسنا والتطلع لما يخبئه المستقبل".

وقال: "يبدأ الأمر كله بالغموض، وإلى جانب التفكير بالأجوبة، ينبغي علينا التفكير باسئلة جديدة ومختلفة، فإن الباحثون هم من وجدوا ومن نعرفهم بناءً على يتطلعون إليه، وما يحتاجه عالمنا هو أكثر بكثير مما هو موجود حاليًا".

"إن التعليم ضروري من حيث المعرفة التقنية، ولكنه أيضًا يعلمنا كيف نعيش، إن الحياة تتلخص فيما نعيشه من لحظات، ومهمتنا هي أن نجعل هذه اللحظات ذات أهمية ومترابطة وعظيمة، وأن نجعل من حياتنا تحفة نوّد أن نعيشها مرارًا وتكرارًا لو سنحت لنا الفرصة.

وفي إجابته على اسئلة الحضور، تحدث سيلفا عن أهمية إيجاد معنى وهدف في الحياة قائلاً: "نحن مخلوقات دائمة البحث عن المعنى وعن صناعة المعنى، يُمكننا أن نعيش أيامًا عديدة دون طعام، وأيامًا قليلة دون ماء، ولكن لانستطيع أن نعيش ساعة واحدة دون الأمل".

"إلى جانب النجاح المادي والوفرة الاقتصادية، توجد مجموعة من الأمور التي ينبغي علينا النظر فيها، مثل "ما هو معنى حياتي؟ وما معنى وظيفتي إذا لم تلهمني بالطريقة التي أريدها؟". هذه الأمور تفرض علينا ضغوطًا وأعباءً جديدة، لكنني مقتنع بأننا قادرون على مواجهتها، لأننا نحن من نوجد الحلول للمشكلات، وهذا هو ما نقوم به".