للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
مكسيم نصره، أخصائي صيانة الكتب، في إدارة المجموعات المميّزة بمكتبة قطر الوطنية، يؤكد على ضرورة التوعية حول طرق الحفاظ على مقتنيات التراث الوثائقي في العالم العربي للحد من الإتجار غير المشروع بها
يتخذ الاتجار بالمواد الأثرية أشكالًا مختلفة، تتراوح بين السرقة من مؤسسات التراث الثقافي أو المجموعات الخاصة، بدءًا من نهب المواقع الأثرية، إلى تهريب وبيع القطع الأثرية بسبب النزاعات والحروب. وغالبًا ما ترتبط هذه التجارة أيضًا بجرائم غسيل الأموال والإرهاب.
يوجد العديد من العائلات في العالم العربي التي تحتفظ بتراث وثائقي ومخطوطات تكون قد توارثتها من جيل لآخر، وإذا لم نفعل شيئًا سيضيع جزءٌ كبير من ذاكرة الدول العربية
يشير مكسيم نصره، أخصائي صيانة الكتب في إدارة المجموعات المميّزة بمكتبة قطر الوطنية، إلى أن التجارة غير المشروعة بالمواد التراثية ذات طبيعة دولية، لذلك تتطلب استجابة دولية، ولذلك فالتعاون الدولي هو أكثر الوسائل فعالية لحماية التراث حول العالم.
مكسيم نصره، أخصائي صيانة الكتب، في إدارة المجموعات المميّزة بمكتبة قطر الوطنية.
وتحدث نصره، عن مشروع "حماية"، أحدث المشاريع التي تعمل عليها مكتبة قطر الوطنية والمتعلقة بحماية التراث الوثائقي، قائلًا: "طورنا فكرة مشروع "حماية" مع عدد من الشركاء الإقليمين والعالميين لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث الوثائقي." وأضاف قائلًا: "نسعى من خلال مشروع "حماية" إلى فهم خصائص الاتجار غير المشروع بالتراث الوثائقي، والتخفيف من كمّ التداول غير المشروع والمبيعات الخفية للوثائق التراثية ليس فقط في المنطقة، ولكن أيضًا في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، يوجد العديد من العائلات في العالم العربي التي تحتفظ بتراث وثائقي ومخطوطات تكون قد توارثتها من جيل لآخر، وإذا لم نفعل شيئًا سيضيع جزءٌ كبير من ذاكرة الدول العربية".
وأضاف نصره: "لمعرفة كيفية الحفاظ على التراث الوثائقي أو المقتنيات الثقافية بشكل عام، يجب أن نعرف ما المقصود بالتداول غير المشروع وأهم دوافعه وأسبابه، فإن أي عملية بيع وشراء غير قانونية، وعمليات التهريب، والسرقة والنهب، تندرج تحت التداول غير المشروع للتراث الثقافي".
كما أشار نصره إلى أن الإتجار والتداول غير المشروع يكون لمقتنيات متنوعة ومختلفة، كالتي توجد في المتاحف، أو بعض المكتشفات الأثرية، كتحف الفسيفساء، والرموز والمجسمات وغيرها، موضحًا دور مكتبة قطر الوطنية في الحفاظ على التراث الوثائقي، قائلًا: "انطلاقًا من دورنا في التركيز على التراث الوثائقي، فنحن معنيون بالحفاظ عليه في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وأكثر ما يتم التداول فيه بشكل غير مشروع المخطوطات الإسلامية والخرائط، التي يزخر بها العالم العربي والإسلامي".
يوجد العديد من العائلات في العالم العربي التي تحتفظ بتراث وثائقي ومخطوطات تكون قد توارثتها من جيل لآخر، وإذا لم نفعل شيئًا سيضيع جزءٌ كبير من ذاكرة الدول العربية
وتابع قائلًا: "يجب أن نعي حقيقة أن قنوات البيع غير المشروعة مختلفة، فمعظم المخطوطات الإسلامية تنتهي في مكتبات عامة أو خاصة في الشرق الأوسط".
وكانت مكتبة قطر الوطنية قد اختيرت في عام 2015 من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات "الإفلا" لتكون مركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها في المنطقة العربية والشرق الوسط.
وفي هذا الصدد أوضح نصره قائلًا: "يكمن دورنا الأساسي في تطوير قدرات العاملين في هذا المجال في المنطقة العربية والشرق الأوسط، حيث أننا نقوم بتقديم عدد كبير من الدورات التدريبية، ونشر الوثائق الفنية ومحتوى باللغة العربية للحفاظ على التراث الوثائقي".
مضيفًا: "كما نهدف إلى تمكين الإعادة المشروعة للمواد التراثية إلى ملاكها القانونين وتوعية المجتمعات المحلية بموضوع الاتجار غير المشروع، ومساعدة وكالات إنفاذ القانون، والدعوة إلى العناية الواجبة بأمناء المكتبات وأمناء دور المحفوظات والمتاحف، والمساعدة في تدريب ضباط الشرطة والجمارك ليكونوا على دراية أوسع بالمخطوطات الإسلامية ومراقبة المزادات ووسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق ببيع العناصر المشتبه بها والمبيعات غير المشروعة، وفهم أفضل لخصوصية تهريب المخطوطات في الشرق الأوسط".
وتابع قائلًا: "على سبيل المثال، من السهل إخفاء الكتب صغيرة الحجم عن ضابط الجمارك، حيث أن عناصر الشرطة والجمارك لم يتدربوا جميعهم بشكل كافٍ على التراث الوثائقي في الشرق الأوسط حتى أنه من السهل جدًا على المهرب أن يقول إن ما يحمله هو كتاب ديني أو مصحف، وبالتالي سيسمح له ضابط إنفاذ القانون بالذهاب مع المقتنيات غير المشروعة بسبب احترام التقاليد والدين، وقد يكون ما بحوزته مخطوطة ثمينة."
إن إنتاج قطع مزورة لمواد تراثية يمثل تحديًا آخر، لأن مثل هذه المواد تُنتج لكي يتم تضليل العلماء الذين يحاولون مكافحة التداول غير المشروع بالمواد التراثية
وأضاف نصره: "الدوافع الأساسي الذي تجعل الناس يتاجرون بهذه القطع الأثرية هو من أجل الربح، لكن هناك أسباب ودوافع أخرى تختلف من مكان إلى آخر، ففي بعض مناطق النزاعات قد يتعرض متحف أو مكتبة للنهب مثل ما حدث في العديد من البلدان العربية".
إن أحد أهم العناصر الأخرى التي ستكون ضمن مشروع حماية هي "العناية الواجبة" عند اقتناء المكتبات للمقتنيات التراثية، ووفقًا لمكسيم نصره، فهذا إجراء يتعين على أمناء المكتبات والمتاحف اتباع عند أي عملية اقتناء لمواد تراثية، ويشمل التدقيق والتحقق في أصلها وتداولها القانوني وتصديرها من المكان الذي تم الاحتفاظ بها في الأصل، والتأكد بأنها لا ترتبط بالاتجار أو النزاعات أو حتى عملية تمويل الإرهاب.
وأضاف: "في عالم مثالي، يجب على تجار الكتب الأثرية أيضًا اتباع هذه العملية قبل بيعها للمكتبات. ومكتبة قطر الوطنية هي واحدة من أوائل المكتبات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي وضعت مثل هذا الإجراء وتطبقه منذ عام 2018".
وتابع نصره: "يرتبط مشروع "حماية" ارتباطًا وثيقًا بالمنظمات الدولية الرئيسية التي تكافح تهريب القطع الأثرية مثل الإنتربول ومنظمة الجمارك العالمية، ونعمل معهم على تقديم أدوات مختلفة للتعلم، كترجمة الدورات التدريبية الحالية على الإنترنت باللغات العربية والتركية والفارسية لموظفيهم، وتطوير دروس تعليمية محددة حول التراث الوثائقي الإسلامي، وتنظيم دورات فورية في بلدان مختلفة في المنطقة، وإنتاج مجموعة أدوات تساعد على تمييز المخطوطات الإسلامية المختلفة من خلال مقارنة النماذج والقوالب المختلفة، والمساعدة على التمييز بين المنتجات المقلدة والأصلية.
اختتم قائلًا: "إن إنتاج قطع مزورة لمواد تراثية يمثل تحديًا آخر، لأن مثل هذه المواد تُنتج لكي يتم تضليل العلماء الذين يحاولون مكافحة التداول غير المشروع بالمواد التراثية. وتضم مكتبة قطر الوطنية أحد أكثر المعامل العلمية تطورًا في الشرق الأوسط في تحليل مواد المخطوطات ودراستها وإجراء البحوث التي تساعد في اكتشاف المواد المزيفة".