إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | المجتمع
11 November 2020

بلسان حالها :" هكذا أنقذ الوباء كوكبنا وأحلامنا معًا"

مشاركة

مصدر الصورة: Wana News Agency، عبر موقع REUTERS

تتصور لولوة المري، والدة طالب في إحدى مدارس مؤسسة قطر كيف ستروي حكاية قبل النوم لحفيدها بعد خمسين عامًا من اليوم، حول كيف غّير (كوفيد-19) العالم.

كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان سكان الأرض يعيشون معًا في قرية عالمية كبيرة، وكان العالم يبدو كشاشة الكترونية عملاقة، من خلالها، كنا نتواصل مع الآخرين ونراقب ما يجري حولنا، رغم أن هذه الشاشة كانت تحجب ملامحنا وضحكاتنا ودموعنا أيضًا.

نسي الأطفال كيف يقودون الدراجة، وكيف يركلون الكرة، وكيف يتسابقون في الجري، ومن يصل إلى قمة التلّة أولًا؟

لولوة المري

دعني أخبرك يا صغيري أكثر عن العالم قبل خمسين عامًا، وعمّا غيّر مساره إلى الأبد!

لقد كان عالمنا متطورًا، لكنه كان غريبًا ومضطربًا.

قبل خمسين عامًا، في الحي ذاته الذي نسكن فيه اليوم، كانت توجد حديقة كبيرة تعيش فيها الطيور والأرانب والقطط والنمل الصغير، وتحتضن مائة نوع من الزهور الملونة. لكن تلك الحديقة كانت حزينة، فطيورها كانت تحط على نوافذ غرف الأطفال كل يوم وتغرّد لهم كي يلعبوا معها، لكنهم كانوا غارقين في الألعاب الإلكترونية، شاشة صغيرة لا رائحة لها ولا لون، لكنها كانت عالمهم المفضل.

مصدر الصورة: Yves Herman، عبر موقع REUTERS

كل صباح، كان الأب يذهب إلى عمله بسيارته الفارهة، ويعود الى البيت متأخرًا ومتعبًا، كان يشتري الكثير من الألعاب لأولاده ولكنه في كل مرة، كان ينسى أن يحضنهم ويقبّلهم.

كنّا محاطين بالمزارع الخضراء، وكانت تتوفر لدينا كلّ العناصر الغذائية اللازمة لتحضير وجبة شهية في البيت، ولكننا كنا نختار الوجبات السريعة، لأننا لم نكن نملك الوقت لإعداد وجباتنا.

نسي الأطفال كيف يقودون الدراجة، وكيف يركلون الكرة، وكيف يتسابقون في الجري، ومن يصل إلى قمة التلّة أولًا؟

عندما انتشر الوباء، اختبأنا في المنزل، فتمكّن كوكبنا من التنفس، الحيوانات خرجت من مخابئها وزحفت السلاحف نحو الشواطئ، وحلّقت الطيور في فضاء غير ملوث، وأصبحت الكائنات من حولنا تتمتع بالحرية

لولوة المري

كنّا نحلّق في الفضاء بالطائرات كالصقور، ونقود السيارات بسرعة تفوق سرعة الفهود، ونحصل على كلّ ما نريد بكبسة زر واحدة.

رغم كل ذلك، لم نكن يا حفيدي سعداء، بل كنا نبحث عن السعادة، وفي عالم مضطرب، لم تكن السعادة سوى وهم.

في يوم من الأيام، استيقظنا كالعادة، نظرنا عبر النافذة، فشاهدنا أمرًا غريبًا يجري، لقد كانت الشوارع خالية إلا من بعض الأفراد الذين يرتدون الكمامات والقفازات ويهرولون خائفين إلى بيوتهم.

في الأخبار العاجلة، كانوا يتحدثون عن فيروس قاهر اسمه "كورونا" أو "كوفيد-19"، لونه أحمر قاتم، ولديه تيجان كثيرة، ورغم أن أحدًا لا يمكن أن يراه بالعين المجردة، إلا أننا اكتشفنا أنه يهدد كل انسانٍ يعيش على هذا الكوكب.

ارتدى الجميع الكمامات الطبية لحماية أنفسهم من العدوى، بدا وكأن السماء أمطرت كمامات، كما استخدمنا المعقمات لطرد هذا الفيروس عنّا.

خلال عزلتنا عثرنا على دفء العائلة الذي افتقدناه، أصبحنا نلعب أكثر، نتعلم، نعجن البيتزا، ونقطف الخضار والفواكه بأيدينا، نعزف الموسيقى، بدأنا نحضن أطفالنا أكثر، وتعلّمنا قيمة التقدير

لولوة المري

اختبأنا في البيوت، ولم نعد نقابل أحدًا، عزلنا أنفسنا عن العالم الخارجي، لم يعد الأطفال يذهبون إلى مدارسهم، ولا الآباء إلى أعمالهم، ففي لحظة واحدة فقط، تغيّر كل شيء.

فيروس كورونا هذا كان مخيفًا جدًا، لم يحبه أحد، فقد جعلنا نفقد الكثير، وتسبب بالألم لنا وخصوصًا للأسر التي فقدت أحبابها، لكن هل تعلم يا حفيدي، أنه أيضًا، علّمنا الكثير؟ وبفضله تمكنّا من إنقاذ البشرية وكوكب الأرض قبل فوات الأوان، وهو ما سمح باستمرار العالم حتى يومنا هذا.

قبل انتشار الفيروس، كنّا أنانيين لا نبالي سوى برفاهيتنا، لدرجة أننا لم نحافظ على الكوكب الذي نعيش فيه، لقد قضينا على التنوع الحيوي للكائنات، أنشأنا المصانع الكبرى، واستخدمنا الكثير من الفحم والبترول، كل ذلك من أجل رفاهيتنا.

مصدر الصورة: Rebecca Naden، عبر موقع REUTERS

كان المطر ينزل من السماء نقيًا، فجعلناه يسقط محملًا بمخلفات كيماوية من مصانعنا.

الأسماك والطيور والحيتان التي تحبّها، استقرت في بطونها النفايات البلاستيكية التي رميناها في البحر.

والسلاحف ظنّت أن أكياس البلاستيك قناديل بحر، فابتلعتها وماتت، أما الطحالب والنباتات البحرية فلم تقاوم التلوّث فذبلت، كذلك التفّت شباك الصيد حول سمك السلمون من كلّ مكان فلم يعد يتكاثر.

أما الحيوانات البرية، فقد هربت من الإنسان، وتوارت لأنه لم يحسن معاملتها، بل كان يصطادها ويعتدي على مساكنها في الغابات.

لكن عندما انتشر فيروس كورونا (كوفيد-19) في العالم، وعندما اختبأنا في الحجر المنزلي، تمكّن كوكبنا من التنفس، حيث خرجت الحيوانات من مخابئها دون خوف، وزحفت السلاحف نحو الشواطئ، حلّقت النسور والطيور في فضاء غير ملوث، تكاثرت الأسماك، وأصبحت الكائنات من حولنا تتمتع بالحرية، بينما رحنا نبحث عمّا يخفف عنّا شعور العزلة في بيوتنا.

نَم يا حفيدي الآن بهدوء، فنحن نعيش في زمن آمن، لا أوبئة فيه، ولتحلم كثيرًا، فكل الأحلام التي نصنعها، تتحقق يومًا ما

لولوة المري

لمّا بحثنا وجدنا الكثير، عثرنا على دفء العائلة الذي افتقدناه، أصبحنا نلعب أكثر، نتعلم، نعجن البيتزا ونعدّها بأنفسنا، ونقطف الخضار والفواكه بأيدينا، نعزف الموسيقى، بدأنا نحضن أطفالنا أكثر، وتعلّمنا قيمة التقدير فأصبحنا نصفق للأطباء والممرضين، الذين تحوّلوا إلى أبطال، استبدل بهم الأطفال شخصيات الأبطال الخارقين في ألعابهم.

بعد سنوات، وفي يوم من الأيام، أشرقت الشمس على الكوكب وهي تحمل الأمل، خرج جميع سكان الأرض من بيوتهم إلى الشوارع واحتفلوا، رموا الكمامات في الهواء، وتصافحوا وعانقوا بعضهم البعض، لقد احتفلنا جميعًا بالتعامل مع فيروس كورونا (كوفيد-19)، بعد أن عثر العلماء على علاج له.

منذ ذلك الحين، ونحن متمسكون بما علّمنا إياه الوباء، فقد حفزّنا على إنقاذ كوكبنا، وإنقاذ أنفسنا من العزلة وسط الضجيج، فأحدثنا قفزة بشرية هائلة نحو الأفضل.

مصدر الصورة: Rebecca Naden، عبر موقع REUTERS

تخيّل يا حفيدي، أن الحديقة التي كانت في حيّنا هنا، امتلأت بضحكات الأطفال الذين لاحقوا الطيور فرحًا وراقبوا الزهور وهي تنمو، والنمل وهو ينقل حبوب القمح ويخبئها في مسكنه تحت التراب.

لعبوا كثيرًا، اتسخوا، وتعبوا وغرقوا في نوم عميق، تمامًا كما غفوت الآن بين يديّ، وأنت تصغي إلى حكاية ما قبل النوم. حكاية ما كانت لتكتمل لولا قدرة البشر على إحداث تغيير هائل في العالم.

نَم يا حفيدي الآن بهدوء، فنحن نعيش في زمن آمن، لا أوبئة فيه، ولتحلم كثيرًا، فكل الأحلام التي نصنعها، تتحقق يومًا ما.

قصص ذات صلة