بلسان حاله يقول: سيكون دائمًا لدولة قطر مكانة خاصة في قلبي

سرني اللقاء والتواجد مع مركز مناظرات قطر، في النسخة الأولى من بطولة آسيا للمناظرات باللغة العربية، وشرفني حضور هذه البطولة الهامة، التي تعد واحدة من أكثر بطولات المناظرة تنوعًا في آسيا، والتي شارك فيها 30 فريقًا ومشاركًا من 20 دولة.

وجودي في تلك المناظرات، جعلني أشعر بالحنين إلى تلك الأيام التي كنت أشارك فيها بالمناظرات خلال دراستي الأكاديمية. لم تكن اللغة الإنجليزية لغتي الأولى، وقد عملت بجد لتحسين مستوى إتقانها، وإنه لإنجاز بالفعل أن نتعلم كيف نتقن لغة أخرى، ناهيك عن المناقشة بها، وأنا أقدّر بالفعل هذا المجهود من متناظرينا.

لقد جمعت هذه البطولة فرقًا من جميع أنحاء العالم، بدءًا من كوريا إلى قيرغيزستان، والعراق إلى إندونيسيا، فلسطين إلى فيتنام، وتضم هذه الفرق ألمع العقول التي تخوض هذا التحدي المعرفي، والبعض منهم من غير الناطقين باللغة العربية كاللغة الأم.

يسعدني دائمًا أن أشجع على تبني مهارات المناظرة لأنه كان لها تأثير كبير على نشأتي، وقبل أن ألتحق في مجال المناظرات، لم أكن على دراية تامة بها، وقد كان عليَّ أن أعمل ضعف ما يبذله أقراني كونهم يتقنون اللغة ولديهم خبرة أكثر مني في هذا المجال.

التحاقي في مجال المناظرات كان أفضل قرار اتخذته على الإطلاق، فالتناظر يشجع التفكير النقدي ويحرك لديك الفضول لاستكشاف العالم من حولك، لتكون على اطلاع جيد بالقضايا الحالية. كما يعلمك مهارة الإقناع وفن التفاوض، وتقبل الفشل، وكيف تفهم القضايا من الجانب الآخر، ويعزز لديك مشاعر الرحمة والتعاطف. فأن تخسر إحدى الجولات لا يعني أنه لا يمكنك الفوز بالجولة التالية.

المناظرة بالنسبة لي هي مهارة أستخدمها كل يوم، فهي تجعلني أفكر بطريقة نقدية، وتعزز حبي للاطلاع والقراءة، وتجعلني شخصًا أفضل، ونتيجة لذلك، فهي تحدث تأثيرًا إيجابيًا على كل ما أفعله في حياتي.

بحكم طبيعة عالم المناظرات التنافسي يجب عليك أن تقرأ أكثر، ليصبح لديك إطلاع أكبر، وإتقان التحدث بشكل أفضل، وفي النهاية كل ذلك سيصبح عادة يومية، فعندما تتبنى المناظرة، فأنت تتعامل معها كنمط حياة، وهو شيء سيرافقك أينما ذهبت.

شعرت لفترة طويلة أن التناظر يجب أن يكون نشاطًا شاملاً ومفتوحًا للجميع، ولا يجب أن تكون مناقشة الأفكار والنظريات بلغة واحدة فحسب كاللغة الإنجليزية، المعرفة قوة، ويجب ألا تقتصر على لغات محددة، إذ تعد اللغة العربية واحدة من أقدم اللغات وهي خامس أكثر اللغات تحدثًا في العالم بما يقارب أكثر من 400 مليون ناطق، المناظرة وإلقاء الخطابات باللغة العربية كانت ممارسة شائعة منذ زمن، وهي أكثر أهمية اليوم.

على حد تعبير "المتناظر" الإسلامي ابن رشد حين قال: "الجهل يؤدي إلى الخوف، الخوف يؤدي إلى الكراهية، والكراهية تؤدي إلى العنف، هذه هي المعادلة". وفي وقتنا الحالي، عصر التضليل والجهل وقلة المعرفة، أصبح التفكير النقدي والحوار البناء أحد أكبر التحديات التي تواجهنا، وبالتالي أدى ذلك إلى الانقسام وانتشار الكراهية.

كإخوة وأخوات نعيش معًا في هذا العالم، نحتاج إلى التركيز على بناء الجسور بدلاً من الجدران، ومثل هذه الفعاليات هي دليل على أننا نسير في الاتجاه الصحيح.

كان لي الشرف في التحكيم في البطولة الدولية لمناظرات الجامعات التي تم تنظيمها سابقًا، قدمت المناظرات مستوى جيد، ومستوى التحكيم أيضًا كان جيد، دولة قطر تستضيف أفضل المحكمين والمدربين من حول العالم لحضور البطولة، ولعقد ورش تدريبية قبل وبعد البطولة، كما حظيت بفرصة حضور بعض البطولات وورش العمل التي استضافها مركز مناظرات قطر.

أثناء تواجدي في قطر، شاركت في عدد من برامج مناظرات قطر، مثل أسبوع التدريب المكثف مع الفريق الوطني استعدادًا لبطولة مناظرات المدارس العالمية، كما قمت بالمساعدة بتنظيم أكثر من 25 دورة تدريبية في المدارس الإعدادية والثانوية في جميع أنحاء قطر.

سيكون دائمًا لدولة قطر مكانة خاصة في قلبي، ففي كل مرة أزورها، أجد فيها الترحيب وحسن الضيافة، وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأشكر مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع على العمل الرائع الذي تقوم به، لقد أثرت حقًا الحوار وعملت على تمكين العقول. وأؤكد على فخري بجميع المشاركين المتناظرين في جميع البطولات وأقول لهم: وجودكم هنا يضفي قيمة هائلة على تجاربكم ومساركم الأكاديمي ومستقبلكم.

_ سعادة سيد صادق هو مدرب زائر في مركز مناظرات قطر، الذي حصل على جائزة أفضل متحدث في آسيا، وأفضل متحدث باللغة الإنجليزية كلغة ثانية، في بطولات المناظرات في أكسفورد وكامبردج لمدة ثلاث سنوات متتالية، وأفضل متحدث باللغة الإنجليزية كلغة الثانية في بطولة العالم للجامعات. وتمت دعوته عضو في لجنة التحكيم في دوري مناظرات جامعات قطر والبطولة الدولية لمناظرات المدارس، وحضر البطولة الدولية لمناظرات الجامعات بالعربية في عام 2017، ودعم الفريق الإعلامي بمركز مناظرات قطر بتغطيات على مواقع التواصل الاجتماعي.