خبيرة بيطرية بمؤسسة قطر تناقش أحد أكثر أمراض الخيول حدة

هل يمكنك تخيل حصان يبدل حذائه الرياضي المريح كي يرتدي حذاء الكعب العالي ولا يمكنه خلعه من قدميه، ذاك هو الشعور بالألم الذي يعتري الخيل المصاب بمرض التهاب الصَّفيحة. إنه أحد أكثر الأمراض المسببة للعجز والألم المستشرية في أقدام الخيول.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر سلالات الخيول شيوعًا في دولة قطر هي الخيول العربية، وللأسف فهي مهيأة وراثيًا لبعض الحالات التي تسبب الإصابة بمرض التهاب الصَّفيحة. وهذا يعني أن الخيول العربية أكثر عرضة من السلالات الأخرى للإصابة بالتهاب الصفيحة الحاد، الأمر الذي غالبًا ما يتطلب دخولها إلى المستشفى لفترات طويلة من الزمن.

وفي هذا الشأن، تصرح الدكتورة جيسيكا جونسون الطبيبة البيطرية الإكلينيكية الأولى في المركز الطبي البيطري للخيول، عضو مؤسسة قطر، بأن "مرض التهاب الصفيحة يشير إلى التهاب الصفيحة في قدم الحصان. والصفيحة عبارة عن أنسجة حساسة تقع بين جدار الحافر وعظم التابوت. وتعمل الصفائح على تثبيت العظم في جدار الحافر دون أن يتحرك من مكانه.

ويمكننا تخيل الصفيحة على أنها قطعة من الشريط اللاصق القوي الذي يثبت العظم في مكانه. وتوضح الدكتورة جونسون بأن الالتهاب الحاد في الصفيحة يمكن أن يؤدي إلى إضعافها وإلحاق الضرر بها، مما يجعلها غير قادرة على تثبيت العظام في مكانها. ومع عدم وجود الشريط الذي يثبت العظم في مكانه، يمكن للعظم أن ينغمس داخل الحافر أو أن يلتف لأسفل - وكلاهما مؤلم للغاية ويمكن أن يؤدي إلى إصابة الحصان بالعَرَج.

وتضيف قائلة: "في الحالات القصوى، يمكن للعظم أن يبرز من خلال نعل الحافر وهو أمر مؤلم للغاية. بل وقد يصل الأمر في مثل هذه الحالات إلى أن يكون القتل الرحيم هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة الحصان."

وإدراكًا منها للألم الحاد الذي يمكن أن يسببه ذلك المرض، بدأت الدكتورة جونسون مشروعًا لمعالجة هذه المشكلة، وهي تؤكد على أن "مرض التهاب الصفيحة في الخيول العربية يفتقر إلى التوثيق الجيد، رغم علمنا بأن السلالة العربية مهيأة للإصابة بهذه الحالة." وتوضح الدكتورة جونسون بأن الخيول العربية لديها أقدام أصغر وأكثر استقامة - وهو شكل مختلف قليلاً عن السلالات الأخرى. ولذلك فإن القياس الطبيعي لسلالة أخرى لا ينطبق بالضرورة على الخيل العربي. وتستخدم الدكتورة جونسون صور الأشعة السينية لإنشاء المرجع الأول لقياسات القدم الطبيعية في الخيل العربي.

كما أن مرض التهاب الصفيحة غير قابل للشفاء ولكن يمكن إبطائه والسيطرة عليه. فبخلاف الوقاية، يُعد الاكتشاف المبكر هو أهم عنصر في السيطرة على مرض التهاب الصفيحة. وتستطرد بقولها "لا نريد للمرض أن يصل إلى نقطة يكون فيها الوضع سيئًا لدرجة أنه يسبب انزعاجًا مرئيًا للحصان. وتتمثل الطريقة الأكثر فعَّالية للكشف المبكر في التصوير بالأشعة السينية الذي يبين التغيرات الطفيفة للغاية في زاوية العظم، فقد يشير الدوران الحاصل في العظم حتى لو كان طفيفًا إلى باكورة الإصابة بمرض التهاب الصفيحة ويمكن رؤية ذلك في صورة الأشعة السينية."

ولإنشاء هذا المرجع، تسجل الدكتورة جونسون قياسات أقدام أكثر من 100 حصان عربي سليم باستخدام الأشعة السينية. وبمجرد إنشاء هذا المرجع، سيكون هناك فهم أفضل لما هو "طبيعي" بالنسبة للخيل العربي، وسيتم استخدام المرجع لاكتشاف التغيرات الطفيفة جدًا في زاوية العظم في قدم الخيل.

وتؤكد الدكتورة جونسون على "أن وجود مرجع خاص بالسلالة العربية سيتيح إمكانية الكشف المبكر، وهو أمر أساسي لمنع الإصابة بالمرض من التفاقم والوصول إلى نقطة تتطلب التدخل الجراحي. وفي حالة الكشف المبكر، يمكن أن تكون التدخلات الأبسط مثل التغيير في النظام الغذائي ودعم القدم وتقليم الحوافر والتغيرات في النشاط البدني كافية لإبطاء تفاقم الحالة بشكل كبير."

وهناك سبب آخر يجعل الخيل العربي أكثر عرضة لهذه الحالة، وهو سبب يمكن التحكم فيه بسهولة، آلا وهو الإفراط في التغذية. وحسبما ذكرت الدكتورة جونسون "فالخيول العربية هي خيول جميلة تستخدم غالبًا كخيول استعراض. وفي عالم العروض، يعتبر الحصان السمين ذو الجسم المتعرج جميلًا. وأسهل طريقة للوصول إلى هذا القوام المرغوب هي إطعامهم نظامًا غذائيًا عالي السكريات بشكل مكثف، ومن المعروف أن مثل هذا النظام الغذائي يسبب التهاب الصفيحة. فكلما زاد وزن الحصان، زاد الضغط على الصفيحة وزادت فرص تلفها. "

وتصرح الدكتورة جونسون بأن السمنة في الخيول هي المساهم المشترك في الإصابة بخلل الأنسولين، وهو بادرة معروفة للإصابة بالتهاب الصفيحة. وتقول: "تُعد مكافحة السمنة عاملاً رئيسيًا للوقاية، لكن تكمن المشكلة في أن العديد من مالكي الخيول لا يدركون ببساطة أن خيولهم تعاني من زيادة الوزن إلا بعد فوات الأوان. كما قد تم وضع قالب محدد للشكل العام وأداء السلالة العربية للخيل، مما يؤدي بدون قصد إلى ظهور حالات مرضية معينة فيها، والتهاب الصفيحة هو بالتأكيد أحد هذه الحالات."

وفي معرض حديثها عن نوع العلامات التي يجب على مالكي الخيول الانتباه لها، قالت الدكتور جونسون: "انتبه للتغييرات الحاصلة في سلوك خيلك، خاصةً طريقة وقوفه وقيامه. فإذا لاحظت أن حصانك ينقل الوزن أو يفضل ساق على الأخرى، فقد يكون ذلك مؤشرًا على وجود مشكلة."

وأضافت أن العناية الروتينية بالقدم بما في ذلك تقليم الحوافر من الأمور الحيوية. ويجب على مالكي الخيول التأكد أن خيولهم تخضع لفحوصات صحية روتينية سنويًا. وهو أمر ضروري للانتباه إلى التغييرات الصغيرة قبل أن تتطور إلى شيء أكبر.

ولقد قام المركز الطبي البيطري للخيول بتطوير خيارات علاج التهاب الصفيحة خصيصًا للخيول الفردية. كما صرحت الدكتورة جونسون قائلة: "يتبع المركز الطبي البيطري للخيل نهجًا متعدد التخصصات لرعاية حالات التهاب الصفيحة ، حيث نجمع بين الخبرة التي يتمتع بها فريق من المتخصصين ومجموعة متنوعة من الخدمات المتوفرة في الموقع. ولا يتضمن ذلك العلاج الطبي والعربات العلاجية فحسب، بل يشمل أيضًا التقنيات الجراحية وحتى العلاج بالخلايا الجذعية."