للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
ليلى سعد، مؤلفة كتاب Me and White Supremacy.
في مقابلة مع مؤسسة قطر تتحدث مؤلفة كتاب عن العنصرية الأكثر مبيعًا عن دور المؤسسات والمناهج التعليمية في تعزيز مدارك الأطفال ورؤيتهم حول قضايا متنوعة
تقول مؤلفة كتاب Me and White Supremacy الذي يتصدر لائحة الكتب الأفضل مبيعًا والذي فتح آفاقًا جديدة في تناوله لمسألة العِرق والهوية، أن الآباء والطلاب يجب أن يكونوا في المقدّمة عند دعوة المؤسسات والمعاهد التعليمية للابتعاد عن تقديم ذلك النمط من التعليم الذي "يتمحور حول العِرق الأبيض".
وأوضحت ليلى سعد، التي حلَّت ضيفًا على أحدث نسخة من سلسلة محاضرات المدينة التعليمية التابعة لمؤسسة قطر، أنها وجدت جمهورًا واسعًا لكتابها حول العالم، والذي يدعو القرّاء لإعادة النظر في الطريقة التي يدعمون بها - حتى عن غير قصد- فكرة تفوق أصحاب العرق الأبيض والامتيازات التي ينعمون بها، ويقدم لهم الأدوات التي تساعدهم وتمكنهم من مكافحة العنصرية عمليًا.
وقد أصبح كتابها الذي كان في الأصل تحديًا استمر على مدى شهر عبر موقع إنستغرام، واحدًا من أكثر الكتب مبيعًا ضمن لائحة "نيويورك تايمز"، ومنح مؤلفته ليلى سعد، مكانة بارزة باعتبارها إحدى أكثر الأصوات حيوية في العالم التي تتناول قضية امتيازات العرق الأبيض والظلم العرقي الواقع على غير البيض. وترى الكاتبة أن كتابها قد لمس وترًا حساسًا لكونه "يمنح الناس القدرة على التفكير النقدي" وسلوكياتهم العنصرية، حتى وإن لم يدركوا ذلك قط.
وفقًا لليلى سعد إن العنصرية موجودة على "المستوى الشخصي"، حتى وإن كانت توجد في المؤسسات وتعيش ضمن الأنظمة.
كان الكتاب في الأصل تحديًا عبر موقع إنستغرام، وأصبح الآن واحدًا من أكثر الكتب مبيعًا ضمن لائحة "نيويورك تايمز".
توضح مؤلفة الكتاب قائلة: "العنصرية تظهر ضمن مستويات مختلفة. وهي وإن كانت توجد في المؤسسات وتعيش ضمن الأنظمة، فهي أيضًا موجودة على المستويات الشخصية. لقد حاولت أن أقدم للأشخاص السياقات ومهارات التفكير النقدي لاختبار ذلك، لأن جزءًا كبيرًا من التاريخ قد تم محوه، ولا تتوفر لدى الناس دائمًا الصورة الكاملة لكيفية سير الأمور في الوقت الحاضر، وإنما تتوفر لديهم العناوين الرئيسية فقط".
أضافت: " الكتاب يمنح الناس القدرة على التأمل الذاتي ومراجعة الطريقة التي يفكرون بها في مسألتيْ العرق والهوية منذ لحظة استيقاظهم، وصولاً إلى فترات وجودهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن العمل والمدارس وعلاقاتهم بالآخرين، ويجعلهم كذلك يعترفون بأن امتيازات العرق الأبيض موجودة دائمًا، سواء اعترفوا بذلك أم لا، فهم مساهمون من ناحية وأخرى".
أعتقد أن معظم الناس يقولون إنهم لا يريدون أن يكونوا عنصريين، وأنهم لا يرغبون في العيش وسط مجتمع عنصري. لكنّ أحد جوانب القضية هو أنهم يميلون إلى تبني فهم متطرف للعنصرية، لكنهم لا يرون أنفسهم على هذا النحو
تتابع ليلى سعد: "أعتقد أن معظم الناس يقولون إنهم لا يريدون أن يكونوا عنصريين، وأنهم لا يرغبون في العيش وسط مجتمع عنصري. لكنّ أحد جوانب القضية هو أنهم يميلون إلى تبني فهم متطرف للعنصرية، لكنهم لا يرون أنفسهم على هذا النحو، ويعتقدون أنهم يحسنون صنعًا لأنهم يعاملون الناس بالحُسنى، إلا أن كون المرء يعامل الآخرين بالحسنى فذلك لا يعني أنه مناهض للعنصرية.
وأشارت المؤلفة: "يجب علينا أن ندرك أن تفوق العرق الأبيض تدعمه قوة جذب، وأن هذه القوة تمنح امتيازات خاصة للأفراد البيض أو الذين يبدون من ذوي البشرة البيضاء. وتُشعرهم بالقوّة لأنهم يحظون بهذا الامتياز، الذي يبعث في نفوسهم الشعور بالأمان وعدم القلق، وأنه إذا ما حدث شيئًا، فإنه سيكون بسبب لون البشرة".
تابعت المؤلفة: "قد يظهر الانحياز للبيض لدى الأطفال في سنوات ما قبل المدرسة. منذ سن مبكرة، تأتينا رسائل تؤكد فكرة أن أصحاب البشرة البيضاء أفضل من المنتمين لأعراق وألوان أخرى، وهذا يصبح جزءًا من نظرة الأفراد للعالم بشكل يجنبهم العودة إلى التفكير بذلك مرة أخرى أبدًا. وعليه، لما كان ذوي البشرة البيضاء يهيمنون على جميع المناصب القيادية في الشركات وكذلك مجالس إدارتها. ولما تفاجأنا حينما نرى أصحاب البشرة السوداء في مناصب قيادية."
لا أعتقد أن المؤسسات التعليمية سوف تنظر إلى نفسها نظرة فاحصة ما لم يطالبها الناس بذلك. لكل منّا دور يجب أن يؤديه
كما أردفت قائلًة: "إن الأمر لا يتعلق هنا بإهانة أو لوم أي أحد، أو جعل أصحاب البشرة البيضاء يشعرون بالخجل من لونهم، لأن ذلك يمثل رادعًا يحول دون إيجاد عالم تعيش فيه جميع الأعراق بحرية. لقد أخذت الأوضاع الراهنة صورتها التي هي عليها الآن لأنها تشكلت على هذا النحو منذ زمن بعيد. لم يتشكل مفهوم العرق إلا من خلال العنصرية والحاجة إلى تصنيف الناس بطريقة معينة تمنح السلطة للبعض وتحجبها عن الآخر".
وأضافت: "لقد تشكلت هذه الأوضاع قبل وجود أي منّا هنا بزمن طويل، لا ينبغي أن يشعر أي أحد بالذنب حيال ذلك. لكن يجب أن نشعر بمسؤوليتنا عن استمراريتها - وإذا أدركنا أننا مسؤولون عن ذلك، فيمكننا أيضًا أن نحمل على عاتقنا مسؤولية تغييرها."
وترى السيدة ليلى أن إحدى الطرق لتحمل هذه المسؤولية هي توجيه أصابع الاتهام للمناهج التعليمية والبرامج التي تشوه الأوساط الأكاديمية التي تتناول هذه المواضيع وفق منظور أو عدسة بيضاء فقط. موضحًة: "لا أعتقد أن المؤسسات التعليمية سوف تنظر إلى نفسها نظرة فاحصة ما لم يطالبها الناس بذلك. لكل منّا دور يجب أن يؤديه".
في حديثها مع مؤسسة قطر، قالت المؤلفة الشهيرة ليلى سعيد: "إذا كان طفلي يذهب إلى مدرسة تضم في الغالب معلمين وموظفين ومسؤولين من ذوي البشرة البيضاء، فأود أن تتحمل هذه المدرسة مسؤولية التفكير في ماهية ما تقوم بتدريسه، بما يضمن تقديم محتوى يعبّر أكثر عن مسارات التاريخ والحياة"، مضيفًة:" يجب علينا أن ندعم الأطفال حتى يكونوا قادرين على التفكير في الأشياء وتعلمها برؤية أوسع من تلك المتمركزة على اللون الأبيض بما يجعله هو المعيار. ولا يجب أن تقع مسؤولية القيام بذلك على عاتق الآباء من ذوي البشرة السوداء أو غيرها من الألوان. إنما يجب على الآباء من ذوي البشرة البيضاء التعبير عن أهمية أن يحصل أطفالهم على رؤية أوسع من خلال التعليم".
نحن أسلاف أحياء. سيرث أحفادنا ما نشكّله لهم، لذلك علينا أن نسأل أنفسنا ماذا نريد أن نمنحهم؟
في تأكيد على هذه الفكرة، شددت ليلى على أن: "جميع الآباء يريدون لأبنائهم أن يحظوا بأفضل تعليم ممكن، وهو تعليم يجب أن يتضمن مجموعة متنوعة من وجهات النظر التي يقدمها طيفًا متنوعًا من الأفراد – وألّا يتم تقديم المنظور الأبيض فقط الذي يقدمه ذوي البشرة البيضاء بالدرجة الأولى، والذين يتم تلقيننا أنهم أبطال جميع القصص، سواء كانت خيالية أو غير خيالية".
إن الأمر مناط في كتاب السيدة ليلى سعد، وفي تفكيرها، هو فكرة أن يصبح الناس "نموذجًا جيدًا من الأسلاف". وتوضح ذلك قائلة: "أن نكون نموذجًا جيدًا من الأسلاف هو أمر مهم في صياغة المستقبل. نحن أسلاف أحياء. سيرث أحفادنا ما نشكّله لهم، لذلك علينا أن نسأل أنفسنا ماذا نريد أن نمنحهم؟"
تستشهد المؤلفة خلال حديثها لمؤسسة قطر أيضًا بنموذج "جون لويس" الذي شكّل مصدر إلهام للحركة المدنية الحقوقية الأمريكية، معتبرة أن لويس كان مدركًا بأنه لم يتم القضاء على العنصرية خلال حياته، ولكنه كرَّس حياته لإحداث تغيير، حتى يُورِّث الناس شيئًا مختلفًا عمّا ورثه هو.
أشارت ليلى سعد إلى أنه إذا أراد الآباء لأبنائهم أن يحظوا بأفضل تعليم ممكن، يجب أن يضمنوا أن تعليمهم يتضمن مجموعة متنوعة من وجهات النظر، وعدم تقديم المنظور الأبيض فقط الذي يقدمه ذوي البشرة البيضاء بالدرجة الأولى.
وهذا ما تتخلله "نسخة الكتاب الموجهة للقراء الصغار" التي تقوم ليلى سعيد حاليًا بإعدادها للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 إلى 14سنة من جميع الأعراق. وتقول: "في البداية، كنت أظن أنها ستكون مجرد نسخة معدَّلة للأطفال البيض من الكتاب الموجه للكبار، لكني كلما عملت عليها، أدركت أنها يجب أن تكون مختلفة".
ختمت بالقول: "رأيتُ أنه سيكون من الخطأ تقديم فهم دقيق للأطفال البيض عن امتيازات العرق الأبيض دون تقديم نفس الفهم للأطفال السود وغيرهم. لذلك أصبح بالنسبة لي مشروعًا جديدًا تمامًا، ومصممًا لمساعدة الأطفال في فهم امتيازات العرق الأبيض وكيف يؤثر ذلك في حياتهم. حينما يكبرون ويصلون إلى مرحلة البلوغ، سوف يكون بوسعهم أن يديروا هذه الحوارات بين أنفسهم ومع الآخرين ذات الصلة بطريقة قد لا يتمكن الكبار اليوم من القيام بها دائمًا. إنه عمل شاق، ولكنه عزيز جدًا على قلبي، وآمل حقًا أن يقدم للأطفال، وآبائهم ومعلميهم، أداةً تساعد في تعليم وإعداد الجيل القادم من الأسلاف الجيدين".