مقال رأي: كيف تدعم المكتبات أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عبر إشراك الشباب

في عام 2011، قامت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بزيارة جامعة نورثوسترن في قطر وتحدثت إلى خريجي وخريجات الدفعة الأولى للجامعة الشريكة لمؤسسة قطر، وكانت وقتذاك إحدى الجامعات الجديدة. وبعد خطاب سموها الملهِم، بقيت منه ثلاث كلمات ظل صداها يتردد لديّ حتى يومنا هذا، وهي "اصنعوا فرقًا". ولذلك سألت نفسي وقتها كيف لي وأنا إنسانة بسيطة وبلا قوة أو سلطة، أن أحدث فرقًا في هذا العالم الكبير.

أعتبر نفسي مواطنةً عالمية وأريد أن أكون عضوًا نشطًا في مجتمعي حتى يمكنني جعل العالم مكانًا أكثر مساواة وعدلًا واستدامة. في عام 2015، أطلقت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة وهي تضم 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة وتركز على مواجهة تحديات وقضايا عالمية مثل القضاء على الفقر وتحقيق الرخاء وحماية البيئة.

وبعد حصولي على درجة علمية في الصحافة من جامعة نورثوسترن في قطر، ثم درجة الماجستير في دراسات المكتبات والمعلومات من كلية لندن الجامعية في قطر، انضممت إلى فريق مكتبة قطر الوطنية في عام 2016.

وبصفتي أخصائية معلومات أولى في قسم الأطفال واليافعين في مكتبة قطر الوطنية، تواصلت في بداية عام 2020 مع رئيس قسم اليافعين بالمكتبة، أحمد المالكي، واقترحت عليه أن نحدد هدفًا يدعم أهداف التنمية المستدامة بين مجتمع اليافعين في قطر. إن المكتبات حول العالم هي مؤسسات يمكنها الآن الاضطلاع بدورٍ فاعل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال ما تقدمه من خدمات وبرامج متنوعة يمكنها تعزيز الجهود الرامية لتحقيق كل هدف من هذه الأهداف.

في السنوات الأخيرة، شارك الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات بفاعلية في وضع خطة الأمم المتحدة لعام 2030، والتي تدعو إلى إدراج الوصول إلى مصادر المعرفة وحماية التراث الثقافي وتعزيز ثقافة القراءة والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصال ضمن أهداف التنمية المستدامة. ونتيجة لذلك، تم اعتبار الوصول إلى مصادر المعلومات هدفًا من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.

وتهدف البرامج الخاصة بأهداف التنمية المستدامة في مكتبة قطر الوطنية إلى تشجيع اليافعين على أن يصبحوا مواطنين عالميين، وذلك من خلال تعزيزها برامج التوعية المعلوماتية وإتاحة الوصول المجاني إلى المعلومات لجميع أفراد المجتمع. وتنفذ مكتبة قطر الوطنية سلسلة من البرامج بالتعاون مع مبادرات مختلفة في قطر للتعريف بأهداف التنمية المستدامة وأهميتها وكيفية تحقيقها.

وفي إطار جهودها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تسلط مكتبة قطر الوطنية الضوء على مبادرات محلية من قبيل شبكة جيل التنمية المستدامة، ومنظمة مستقبل أكثر اخضرارًا، ومشروع الدوحة للأعمال البيئية، وذلك لتعريف الشباب بالمبادرات المحلية القائمة التي تركز على تعزيز جهود الاستدامة، وكيف يمكن للشباب الإسهام والمشاركة بها باعتبارهم صناع التغيير في قطر وفي جميع أنحاء العالم. ومن خلال هذه المبادرات، تعلَّم هؤلاء الشباب كيفية تقليل النفايات البلاستيكية وإعادة تدوير نفايات الطعام وتحويلها إلى مخصِّبات للتربة وتأثير التلوث على الأرض والكائنات الحية.

ومنذ عام 2018، وبإشرافي، تعمل مكتبة قطر الوطنية بالتعاون مع مؤتمر "ثيمن قطر" (نموذج لاهاي للأمم المتحدة) وهو منظمة غير ربحية تهدف إلى تعزيز الحوار بين الشباب حول العالم ووضع الحلول للقضايا العالمية الملحة، لعقد العديد من الجلسات التفاعلية الرامية إلى تعريف الشباب بأهداف التنمية المستدامة. ومن خلال التعريف بهذه الأهداف، يمكننا معًا العمل على حل المشكلات العالمية وصنع مستقبل أفضل.

إن عملي في مكتبة قطر الوطنية يتطلب مني قدرًا كبيرًا من الالتزام والمسؤولية، حيث توفر المكتبة مجموعة متنوعة من مواردها وبرامجها التي تثري المجتمع اجتماعيًا وثقافيًا وفكريًا. لذلك فأنا أمارس دوري مع مجموعة حيوية من الجمهور المستهدف والتي تضم شبابًا من قطر والعالم، وأرغب في تعزيز ما لديهم من قيم وأهداف. وتسعى المكتبة دائمًا إلى تصميم واختيار البرامج التي تسهم في تنمية الشباب وتطورهم.

وبالإضافة إلى ذلك، قمت في أغسطس 2020 بالتسجيل في الاجتماع الـ 26 لجمعية الشباب التابعة لمؤسسة سفراء الصداقة حتى يمكنني المشاركة بصفتي مندوبًا للشباب ضمن الوفد القطري، ومن ثم التواصل مع قادة الشباب وتبادل وجهات النظر وإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة القضايا العالمية. وقد أتاحت لي هذه الفرصة الرائعة التواصل مع الآخرين والبحث معًا في كيفية اتخاذ إجراءات استباقية لتعزيز أهداف التنمية المستدامة بين أفراد مجتمعاتنا. وبذلك فأنا أساهم في دفع عجلة التغيير الإيجابي وإيجاد عالم ينعم الجميع فيه بالسلام والاستدامة.

ومن خلال العمل على تعزيز أهداف التنمية المستدامة، نأمل أن يغير الشباب عاداتهم اليومية وطريقة اتخاذهم للقرارات، وأن نشجعهم على إطلاق مبادرات مستدامة في قطر والعالم بأسره. إن شباب اليوم سيكونون قادة الغد. ولا شك أنهم سوف يصبحون أكثر قدرة على تحمل المسؤولية واتخاذ قرارات سليمة عبر هذه البرامج التعليمية والتوعوية الموجهة لهم ضمن أهداف التنمية المستدامة، مما سيتيح لهم في نهاية المطاف أن يصنعوا فرقًا ويُحدثوا أثرًا إيجابيًّا ويسهموا في صنع عالم أفضل.

نحن في مكتبة قطر الوطنية ومن خلال برامجنا التي تصب في نفس الاتجاه، نساعد الشباب حتى يصبحوا مواطنين عالميين فاعلين وعلى دراية بقضايا العالم الملحة مثل الفقر وتغير المناخ والحرمان من التعليم.