إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | المجتمع
19 March 2020

مقال رأي: نحتاج إلى إجماع عالمي حول كيفية استخدامنا للتكنولوجيا

مشاركة

محللة الصور أليسون بوتشيوني - التي شاركت مؤخرًا في حدث خاص نظمته مناظرات الدوحة، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، حول دور التكنولوجيا في تمهيد الطريق للسلام العالمي - تتحدث عن كيفية إيجاد طريقنا الصحيح في هذه المرحلة الصعبة من عصر المعلومات الرقمية.

إن إمكانية الوصول بشكل متزايد إلى التكنولوجيا تؤدي إلى دمقرطة المعلومات، وهو، برأيي، ما يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عالم أكثر إنصافًا ويساعد على العيش بسلام.

خلال مسيرتي المهنية التي امتدت على مدار 27 عامًا، عملت مع أنظمة المخابرات والاستطلاع التي تم تحويلها إلى مجرد حراس للبوابة الحكومية لعدد قليل جدًا من البلدان. وقد تم بناء هذه الأنظمة بنفقات هائلة واستخدمت لعقود لمراقبة النشاط الاستراتيجي سرًا في جميع أنحاء العالم. وبعد نهاية الحرب الباردة، بدأت بعض أنظمة الاستطلاع في خدمة مهام جديدة ومختلفة.

شاركت أليسون بوتشيوني في فعالية مناظرات الدوحة التي ركزت على كيفية تأثير التكنولوجيا على السلام.

كانت وظيفتي الأولى كمحللة صور، هي رصد النشاط في البلقان: البوسنة في منتصف التسعينات، ثم كوسوفو في عام 1999. وقد شهدت تلك المنطقة آلامًا وحروبًا خلال ذلك العقد: عشرات الآلاف من الناس لقوا حتفهم أو نزحوا خلال الحروب والإبادة الجماعية. إذا سألت أهالي المنطقة الذين نجوا من ذلك العقد، أو محاربين في القوات الدولية الذين شهدوا حروب البلقان، أو حتى محللي الصور الذي شهدوا الأضرار والدمار من قواعد العمليات البعيدة الخاصة بهم، ستدرك أن لديهم، كما لديّ، الكثير من الروايات حول الأوقات الصعبة التي مروا بها.

كان ذلك خلال التسعينات، حين اكتشفت العديد من الحكومات مدى فائدة أنظمة الاستطلاع العسكري للمهام العامة، مثل الدعاوى القضائية لمحكمة جرائم الحرب والاستجابة للكوارث.

في ذلك العقد نفسه، بدأت الحكومات ومن بينها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في رعاية وصول ودعم أنظمة الاستطلاع التجاري في العالم المفتوح، عالمنا.

ونتيجة لذلك، يمكننا اليوم الوصول من خلال هواتفنا الذكية إلى أنواع الاستطلاع التي تم تحويلها إلى أعلى المستويات السرية لوكالات المخابرات النخبوية قبل عقود قليلة فقط.

يمكننا استخدام هذه المعلومات لإعلام أنفسنا بشكل أفضل عن الأحداث التي تؤثر على حياتنا وتشكلها

أليسون بوتشيوني

هذه البيانات قدمت لنا مساعدة، حيث لدينا إمكانية الوصول إلى صور الأقمار الصناعية التجارية. وفي الأوساط البحثية والأكاديمية، نطبق هذه البيانات لتعزيز السلامة البشرية، ومراقبة النشاط الحكومي ومساءلة الجهات الحكومية المسؤولة عن أفعالهم، والتعبير عن آرائنا على نطاق غير مسبوق.

يمكننا استخدام هذه المعلومات لإعلام أنفسنا بشكل أفضل عن الأحداث التي تؤثر على حياتنا وتشكلها، مثل النزوح الجماعي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، والتلاعب المتعمّد بالمعلومات من قبل الحكومات وانتشار الأسلحة النووية في دول تعتيم وسائل الإعلام مثل كوريا الشمالية.

طوال القرن العشرين، تم تطوير معظم التطورات التكنولوجية الطليعية من قبل الحكومات ومن أجلها، والعديد منها لأغراض عسكرية. ولكن الآن، القطاع التجاري هو الذي يقود التطور التكنولوجي مثل السفر بالصواريخ والفضاء، والبحوث بمساعدة التعلم الآلي، ومراقبة الأرض من الفضاء، وتكنولوجيا الحوسبة. المؤسسات الربحية لا تمنح إمكانية الوصول المفتوح، ولكن التكنولوجيا المتاحة تجاريًا هي خطوة خارج حدود التنظيم الحكومي الكامل ونحو دمقرطة الأنظمة المتقدمة.

يجب أن نتعامل مع التكنولوجيا العالمية الناشئة بالطريقة التي نتعامل بها مع نشاط هام مثل اتفاقية الحرب أو حقوق الإنسان.

أليسون بوتشيوني

في ديسمبر 2019، كان لي شرف قضاء أسبوع في الدوحة مع خلية الابتكار في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام التابعة للأمم المتحدة، حيث التقى قادة الفكر داخل الأمم المتحدة مع الأكاديميين والصحفيين والباحثين الاستقصائيين لتبادل الأفكار حول كيفية استخدام التكنولوجيا لتسهيل مهمة بناء السلام. لقد استكشفنا استخدام التصوير بالأقمار الصناعية لتحسين الأمن المائي، وتحليل السلوكيات لتحفيز الناس بشفافية على تطعيم أطفالهم، وأدوات تحليلية متطورة لوسائل التواصل الاجتماعي لتعكس بشكل أكثر دقة مشاعر الناس الذين تخدمهم الأمم المتحدة.

كما شاركتُ في حدث لمناظرات الدوحة، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، حيث ناقشت كيف تؤثر التكنولوجيا على السلام مع عالم الأخلاق الشهير سوبو فنسنت وخبيرة الأسلحة المستقلة أرييل كون. في هذا النقاش، أكدت على أن التكنولوجيا الناشئة تمنح حقًا لعدد أكبر من سكان العالم، بينما حذر آرييل من عيوب شديدة لهذه التكنولوجيا سريعة التطور والتي تفوق المعايير الدولية، وافترض سوبو أن التكنولوجيا في حد ذاتها لن تسهل ولا تعوق بناء السلام، بل تعكس نية أولئك الذين يطورونها.

على الرغم من أننا اختلفنا في وجهات نظرنا الأولية، إلا أننا سرعان ما توصلنا إلى رأي متفق، وهو أن التكنولوجيا تؤثر علينا - من أجل الخير والشر - عبر الحدود بطرق غير مسبوقة، وبالتالي يجب تنظيم التكنولوجيا على المستوى الدولي.

نحن نعيش الآن في عالم حيث يمكن لدولة واحدة أن تؤثر على نتائج انتخابات دولة أخرى، وتدفع نحو التعديل الوراثي دون فهم العواقب، أو إصدار أوامر لمركبة جوية بدون طيار لضرب الهدف بدقة على بعد آلاف الأميال. قد تكون قدرتنا على ابتكار وتصميم تقنيات جديدة تؤثر علينا جميعًا قد تجاوزت بالفعل قدرتنا على وضع مجموعة من المعايير والاتفاق عليها بشأن طريقة استخدامنا للتكنولوجيا على أنفسنا وعلى بعضنا البعض.

وفقًا لبوتشيوني يجب على العالم أن يسعى إلى وضع مجموعة من المعايير بشأن طريقة استخدامنا للتكنولوجيا على أنفسنا وعلى بعضنا البعض.

لذلك يجب أن نتعامل مع التكنولوجيا العالمية الناشئة بالطريقة التي نتعامل بها مع نشاط هام مثل اتفاقية الحرب أو حقوق الإنسان: من خلال البحث عن مجموعة من المعايير المناسبة والمتعددة الأطراف التي ستعزز مُثلنا الجماعية مع كبح الخصائص السلبية للطبيعة البشرية.  

قد لا يُلام المرء عند التشكيك بمثل هذا الميثاق الدولي خلال المناخ السياسي الذي نعيشه اليوم، ولكن - كما هو الحال مع القضايا الرهيبة مثل تغير المناخ - ليس أمامنا خيار سوى التفاؤل. يجب أن نجد طريقنا بشكل واقعي ورصين خلال هذه المرحلة الصعبة من عصر تطور المعلومات.

لن يكون ذلك أمرًا سهلًا. ولكن مع وجودها في الأيدي الصحيحة، ومع الحكمة والتنظيم، ستوفر التكنولوجيا الناشئة أدواتًا وصوتًا ومنصة ليصبح المزيد منا جزءًا أكبر من روايتنا العالمية لبناء السلام.

قصص ذات صلة