إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | المجتمع
22 March 2021

طبيبة بيطرية في مؤسسة قطر تحل لغز الإنفلونزا الغامضة التي تصيب الخيل العربية

مشاركة

مصدر الصورة: Callipso، عبر موقع Shutterstock

الدكتورة كاميلا جاميسون أخصائية أولى في الطب البيطري السريري بالمركز الطبي البيطري للخيل تكتشف أسباب أعراض الرشح المحيرة على المُهر العربية

تتمتّع الخيل بميّزة تُشبه أنظمة التبريد ولكن بشكل طبيعي، وذلك من خلال ما يُسمى بـ "الجَيب الحَلْقِيَّ"، وهو كيس مملوء بالهواء موجود داخل الرأس تحيط به أوعية دموية كثيرة. عند تدفق الدم من سائر الجسم إلى الدماغ، يمر الدمّ عبر هذا الجيب الذي يقوم بدور مكيف الهواء، فيعمل على تبريد الدم قبيل دخوله إلى الدماغ.

ويعتبر النسيج الدماغي أكثر حساسية تجاه درجات الحرارة المرتفعة مقارنة بالأنسجة الأخرى في الجسم، فإن آلية التبريد هذه تصبح نافعة للغاية لا سيما في الأوقات التي تمارس فيها الخيل نشاطًا بدنيًا شديدًا أو مطولًا.

الجَيب الحَلْقِيَّ تكوينٌ فريدٌ من نوعه لا نجده إلا في الخيل وبعض الحيوانات الأخرى، ومن المعروف جيدًا أن هذا الجيب الحلقيّ نافع ومفيد، ولكنه قد يكون مصدرًا للإصابة بالأمراض أحيانًا وخاصة لدى مُهر الخيل العربية

كاميلا جاميسو

تقول الدكتورة كاميلا جاميسون، أخصائية أولى في الطب البيطري السريري بالمركز الطبي البيطري للخيل التابع لمؤسسة قطر: "الجَيب الحَلْقِيَّ تكوينٌ فريدٌ من نوعه لا نجده إلا في الخيل وبعض الحيوانات الأخرى، ومن المعروف جيدًا أن هذا الجيب الحلقيّ نافع ومفيد، ولكنه قد يكون مصدرًا للإصابة بالأمراض أحيانًا وخاصة لدى مُهر الخيل العربية".

عندما انضمت الدكتورة جاميسون إلى فريق المركز الطبي البيطري للخيل عام 2018، لاحظت ظهور أعراض الرشح الأنفي على عدد من الأمهار واستمرارها دون تحسّن رغم استخدام العلاجات المعتادة. وتعلّق الدكتورة جاميسون قائلة: "في البداية ظننت أنها مجرد نزلة برد عادية وسوف تأخذ دورتها وتتعافى الأمهار بعدها، ولكن ذلك لم يحدث، فأعطيناها بعض المضادات الحيوية. وبعد مرور شهرين ظلت الحالة كما هي دون تحسن، وحينئذ بات واضحًا أنها ليست عدوى تنفسية معتادة كتلك التي تصيب الأمهار، وأن ثمة أمرًا آخر يحدث".

كاميلا جاميسون

ناقشت الدكتورة جاميسون المسألة مع الأطباء البيطريين الآخرين، وعلمت أن هذا البرد الغامض الذي تعذر علاجه حتى بالمضادات الحيوية لم يكن بالأمر غير المعتاد بين الأمهار العربية، وأن اللائمة في حدوثه أُلقيت لسنوات على مقاومة مضادات الميكروبات.

اكتشفنا أن الجيبات ممتلئة بالصديد، وهي حالة طبية تُسمى تقيُّح الجَيب الحَلْقِيَّ. وعند تنظيف الجيبات الحلقية من هذا الصديد، تتحسن حالة الأمهار بين عشية وضحاها

كاميلا جاميسون

ولدى اقتناعها بأن الإصابة أكثر من مجرد نزلة برد، بدأت الدكتورة جاميسون تتحقق من الأمر بإجراء فحوص تنظيرية والتصوير بالموجات فوق الصوتية. ويُجرى الفحص التنظيري بإدخال كاميرا صغيرة للتحقق بصريًا من حالة المجرى الهوائي والجَيب الحَلْقِيَّ عند الأمهار المريضة، وهناك في الجَيب الحَلْقِيَّ اكتشف مصدر البرد الغامض وسبب حدوثه.

تقول الدكتورة جاميسون: "اكتشفنا أن الجيبات ممتلئة بالصديد، وهي حالة طبية تُسمى تقيُّح الجَيب الحَلْقِيَّ. وعند تنظيف الجيبات الحلقية من هذا الصديد، تتحسن حالة الأمهار بين عشية وضحاها. وهكذا تبين أن ما بدا لنا في صورة أعراض رشح أنفي وسعال منشأه الرئتان كان في واقع الأمر عدوى بكتيرية في الجَيب الحَلْقِيَّ؛ إذ كان الصديد المتراكم داخل الجيب يتسرب إلى مؤخر الأنف والحلق ومنه إلى الممرات الأنفية ليخرج من فتحتي الأنف مسببًا أعراض الرشح الأنفي عند الأمهار"

تظهر الفحوص المبدئية أن آخر الحلق عند الخيل العربية يمتاز بتشريح فريد من نوعه، ما يعني أنها قد تكون غير قادرة على البلع بشكل طبيعي تمامًا

كاميلا جاميسون

تتابع الدكتورة جاميسون موضحة أن تقيُّح الجَيب الحَلْقِيَّ عرضٌ شائعٌ بين الخيول البالغة من جميع السلالات ولكنه ليس شائعًا بين الأمهار: "يُعزى سبب حدوث هذه الحالة عند الخيول البالغة إلى أن تجويف الجيب عندها يكون أكبر كثيرًا – لِنَقُل في حجم قدح القهوة مثلاً – ما يجعله أكثر عرضة لإيواء البكتيريا أو حتى الفطريات ومن ثمّ حدوث عدوى".

بعد التوصل إلى سبب هذا البرد الغامض، كان السؤال التالي هو: لماذا تعاني الأمهار العربية مشكلة صحية لا نراها عادةً إلا في الخيول البالغة. وفي الإجابة عن هذا السؤال تقول الدكتورة جاميسون: "تظهر الفحوص المبدئية أن آخر الحلق عند الخيل العربية يمتاز بتشريح فريد من نوعه، ما يعني أنها قد تكون غير قادرة على البلع بشكل طبيعي تمامًا؛ فالحليب الذي يفترض أن ينزل إلى معدتها فقط يتخذ في الحقيقة مسارًا خاطئًا وينتهي به المطاف داخل الجَيب الحَلْقِيَّ. وعندما يستقر الحليب في هذا المكان تنشأ البكتيريا لا محالة، ومن ثمّ تحدث العدوى".

صورة 1 من 5

يتمثل الدرس المستفاد من هذا الجهد الطبي أنه على الأطباء البيطريين في حال ظهرت على أحد الأمهار العربية لديهم أعراض الرشح الأنفي أن يبدؤوا أولاً بفحص الجيبات الحلقية للتحقق مما إذا كانت تحتاج إلى تنظيف. وتعليقًا على ذلك تقول الدكتورة جاميسون: "هذا الإجراء ليس شائعًا في الممارسة البيطرية العالمية المعيارية فيما يتعلق بالأمهار، وإنما نتبعه عادةً مع الخيول البالغة لأن الجيبات الحلقية عندها تكون أكبر حجمًا. ولكن ما رأيناه مع الأمهار العربية يشير بوضوح إلى ضرورة تضمين هذا الإجراء في عملنا البيطري وإلا اتجهنا إلى إعطائها كميات كبيرة من المضادات الحيوية دون ضرورة، ولن تجدي نفعًا لأنها لا تصل إلى هذه الجيبات. فعندما يضع الطبيب البيطري هذه الخطوة الأولى ضمن استراتيجيته التشخيصية، سوف يتمكن من تحسين فترة التعافي التي تحتاجها الأمهار وكذلك ممارسة رقابة أفضل على استخدام المضادات الحيوية".

قصص ذات صلة