للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
توضح أم أحمد كيف ساعدت طفلها في التعايش مع مرض السكري وتعزيز ثقته بقدراته.
"السكر يجي لأنه البنكرياس ما يخرج الأنسولين الي يحتاجه الجسم"…
هكذا يلخص الطفل أحمد المنصوري، بكل ثقة وإيجابية، الداء الذي يعاني منه، وهو السكري.
يبلغ أحمد من العمر 10 سنوات، وهو يعاني من السكري النوع الأول الذي تم اكتشافه منذ أن كان عمره خمس سنوات، ورحلته المليئة باللحظات الصعبة والجميلة كذلك، كانت كفيلة بأن تجعله طفلًا مثقفًا وإيجابيًا ويتمتع بالأفق الواسع. حتى أن والدته، أم أحمد، التي كانت تبتسم لابنها وتنظر إليه بكل حب وفخر قالت: "أصبح أحمد شخصًا مختلفًا مفعمًا بالثقة والحيوية".
إن السكري من الأمراض المنتشرة بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، فبحسب الإحصائيات التي قدّمها الاتحاد الدولي للسكري، يوجد حوالي387 مليون مصاب بالسكري حول العالم، وبحلول عام 2035، سيتجاوز عدد المصابين به إلى592 مليون. وتلك الإحصائيات ليست مجرد رقم ذو ثلاث خانات، بل هي أسلوب حياة وطريقة تعايش.
وأم أحمد، تنظر إلى مرض السكري من هذا المنظور كذلك، حيث تؤكد أن مرض السكري ليس مرضًا، بل هو حالة تعايش، وتقول: "السكري عبارة عن ثقافة ورياضة ونمط حياة صحي، وهذه الأمور مهمة لدى جميع الأفراد، وليس فقط للأفراد الذين يعانون من السكري".
أما بالنسبة لرحلة التعايش، فتصفها أم أحمد بالـ "صعبة" في المراحل الأولى، حيث تقول: "بالطبع، لقد أثّر السكري على نمط حياة أحمد ووالده وجميع أخوته كذلك. عندما اكتشفنا إصابة إبني بالسكري، كنت حاملًا في الشهر الرابع بطفلي الآخر، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، ولكننا اكتشفناه مبكرًا، فكنت ألاحظ أن أحمد يدخل الحمام بكثرة وكان يشرب الماء كذلك باستمرار. لكنني وقتها لم آخذ ذلك بعين الاعتبار لأن الجو كان حارًا، وكان الجميع يشرب الكثير من الماء، ولكن كي نطمئن، اصطحبناه إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من وضعه."
ما ساعدني على تقبل الواقع، تواصلي مع أمهات يعاني أطفالهن من السكري
وبعد إجراء الفحوص والقيام بعمل تحاليل السكر، تبين أن أحمد يعاني من السكري النوع الأول.
تقول أم أحمد: "كانت أول وخزة إبرة لابني، وأول جرعة أنسولين، مؤلمة جدًا بالنسبة لي، حيث شعرت بأن الدنيا قد انهارت من حولي. عندما ترى طفلًا يبكي لأنه وقع وجرح يده، تخاف عليه، ولكن ما هو أصعب من ذلك، أن يقوم والداه بوخزه للحصول على نقطة دم، فكنا نقيس السكر لديه كل ساعة، وكنا ننام والأضواء لا تزال منارة، خوفًا من حدوث مكروه ما له، كغيبوبة السكر".
وأضافت: "ما ساعدني على تقبل الواقع، تواصلي مع أمهات يعاني أطفالهن من السكري، فقد كان لهن أثر إيجابي كبير جدًا في حياتي، حيث أخبرنني قصص نجاح عديدة عن أطفالهن، على سبيل المثال، تأكيدهن أن أولادهن قد أكملوا تعليمهم وحصلوا على شهادات عليا في تخصصات متنوعة، مما أشعرني أن السكري يمكن التأقلم معه وأن الدنيا بخير!"
وبيد أن السكري قد أثّر على حياة الأسرة بأكملها إلا أن التثقيف والدعم كان لهما دور كبير في التأقلم مع المرض حتى أنه أصبح جزءًا طبيعيًا من حياة أحمد اليومية.
كان من المهم جدًا بالنسبة لي أن أقوم بتثقيفه كي يمتلك الوعي الكافي حول مرضه مما مكنه من أن يصبح مستقلًا
يتحدث أحمد عن مدرسته فيقول: "الرياضيات هي المادة المفضلة لدي، وأحب ممارسة الرياضة، وخصوصًا السباحة!"
وفقًا لوالدته، فأحمد غالبًا ما يذهب إلى أسباير لممارسة الرياضة كالسباحة والمشي، حيث تعدّ جزء لا يتجزأ من حياته اليومية.
تعلمت خلال المخيم الكثير من المهارات، مثل كيفية استخدام المضخة بنفسي، وكيفية التصرف عند الشعور بالدوران، ومهارات أخرى أساسية في حياتي اليومية
لأحمد دور فعّال في التعامل مع السكري نتيجة حرص والدته على تثقيفه منذ صغره، لكي يتمكن من الاعتماد على نفسه ويصبح قادرًا على التحكم في غذائه. تقول أم أحمد: "في البداية، كي أتعلم مقاييس الغذاء، كنت استخدم الأكواب والميزان كذلك، وكنت أشرك ابني باستخدام الأكواب وأسأله، هل هذا يكفي؟ لكيلا يشعر بأنه مختلف عن أخوته. وكنت دائمًا أسأله، ما هي كمية النشويات التي يجب وضعها هنا، وكم تحتاج؟ فقد كان من المهم جدًا بالنسبة لي أن أقوم بتثقيفه كي يمتلك الوعي الكافي حول مرضه مما مكنه من أن يصبح مستقلًا."
وتحدثت أم أحمد عن الثقة التي اكتسبها أحمد من خلال مخيم البواسل، الذي تنظمه الجمعية القطرية للسكري، عضو مؤسسة قطر، فقد شارك أحمد بالمخيم منذ عام 2017، وكان له دور أساسي في تعزيز ثقته بنفسه وتوعيته أكثر.
وحول تجربته، يقول أحمد: "تعلمت خلال المخيم الكثير من المهارات، مثل كيفية استخدام المضخة بنفسي، وكيفية التصرف عند الشعور بالدوران، ومهارات أخرى أساسية في حياتي اليومية".
وعلقت الوالدة: "يعلم المخيم الطفل كيفية قياس السكر، واستخدام المضخة، وأهمية تناول الغذاء الصحي، وممارسة الرياضة، والاحتياطات التي يجب أن يتخذها الطفل في حالة هبوط، وأنه في حالة الشعور بدوار، يجب أن يقيس الدم ويخبر والديه على الفور، أو المسؤولة في المدرسة لو حصل الدوار خلال الدوام الدراسي".
وقد قدّم أحمد مؤخرًا عرضًا حول مرض السكري أمام زملائه الأصغر سنًا منه في المدرسة، حيث شرح لهم كيفية استخدام جهاز مضخة الأنسولين وهو العلاج الذي يعتمده كل يوم، وعند كل وجبة. وهذا التفاعل الإيجابي كان مصدر إلهام وطمأنينة لكل من الوالدة والأسرة بأكملها.
وتقدم أم أحمد نصيحة للأمهات اللاتي اكتشفن للتو أن أطفالهن يعانون من مرض السكري، بالقول:" أقول لكل أم اكتشفت اصابة ابنها بالسكري: هذه ليست نهاية الدنيا، أبدًا!، تحدثي مع أم أخرى لطفل يعاني من السكري كي تستفيدي من تجربتها. امنحي ابنك الاهتمام والحب الكافي، وعلميه كيف يتأقلم مع مرضه وكيف يتقبله كجزء من حياته، وامنحيه الثقة بأنه قادر على أن يكون شخصًا ناجحًا وفاعًلا في مجتمعه، وأن يمتلك أحلامًا كبيرة يريد تحقيقها في المستقبل".