إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | البحوث
7 September 2020

التعليم في القرن الحادي والعشرين: الحاجة إلى ما هو أكثر من المرونة

مشاركة

بدأت المدارس حول العالم في فتح أبوابها مجددًا بعد التحوّل إلى التعلّم الإلكتروني نتيجة تفشي جائحة كوفيد-19.

مصدر الصورة: Eric Gaillard، عبر موقع REUTERS

يتحدث سترافوس يانوكا، الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز" وهو المنتدى العالمي في مجال التعليم التابع لمؤسسة قطر، عن ضرورة إحداث تحوّل أساسي في مسار التعليم بغض النظر عن الصمود والمرونة

يواجه الملايين من التربويين حاليًا الواقع الجديد للتعليم في خضم تفشي الوباء: فترات طويلة من الاضطراب، نقص في الموارد لدعم الاحتياجات المتزايدة، وغياب الطلاب أو غياب مشاركتهم، التي تعد خسارة يصعب تعويضها أسبوعًا بعد أسبوع.

أصبحنا ندرك أن الصمود وحده غير كافٍ، وقد حان الوقت المناسب الآن لإحداث التحوّل الأساسي، وإيجاد مسار جديد ومستدام للحصول على تعليم جيّد

سترافوس يانوكا

لكنّ التعليم قد واجه دائمًا تعقيدات تتطلب إيجاد حلول لها. إذ لا تُعد المساواة في الوصول إلى تعليم جيّد أمرًا أساسيًا بالنسبة لغالبية شعوب العالم، وتوجد شواهد وأدلة كافية تُثبت كيف كافح قطاع التعليم لإعادة صياغة صورته في سياق القرن الحادي والعشرين.

على مدار الشهور القليلة الماضية، توقعنا من المدارس أن تعمل على الصمود أمام المشكلات المتصاعدة وأن تتعامل معها بمرونة، لكنّ الآثار السلبية المترتبة على ذلك بدأت تتفاقم، وأصبحنا ندرك أن الصمود وحده غير كافٍ، وقد حان الوقت المناسب الآن لإحداث التحوّل الأساسي، وإيجاد مسار جديد ومستدام للحصول على تعليم جيّد.

سترافوس يانوكا، الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز". مصدر الصورة: REUTERS

القيمة مقابل النجاح
لطالما كان هناك اختلاف واضح بين مناهج التعلّم السائدة والمهارات المطلوبة لتحقيق النجاح والإزدهار على أرض الواقع، حيث لا يزال النجاح الأكاديمي يعتمد إلى حدٍ كبير على طرق تقييم قديمة قد عفا عليها الزمن وتفتقر عمومًا إلى فهم صورة التعليم الحقيقية.

توجد أمثلة ناجحة تبرهن أن بعض المدارس قد بدأت بتطوير هذا النمط من التفكير. على سبيل المثال، تركز The London Interdisciplinary School على بناء الكفاءات العالمية، بدلًا من اتباع تدابير التعلّم التعسفية، مما يُسهم في تعزيز الفضول للتعلّم وحل المشكلات لدى الطلاب، وتمكينهم من التعامل مع تعقيدات العالم الحقيقي.

بذلك، تتمكن مثل هذه المدارس من إيجاد مساحة كافية للمحتوى والتعلّم غير مبنيّة على معايير محدودة للنجاح، بل على احتياجات الطلاب والسياق الذي يعيشون فيه.

تعامل قطاع التعليم في كثير من الأحيان مع التغيير بحذر، ولكن نظرًا للحاجة الملّحة والمتزايدة لإمعان النظر في المستقبل، كان العامل الأساسي للصمود يكمن في الاستفادة من تجارب الآخرين ممن اتخذوا اتجاهات مختلفة خارج هذا النطاق

سترافوس يانوكا

منظومات مبتكرة
تعامل قطاع التعليم في كثير من الأحيان مع التغيير بحذر، ولكن نظرًا للحاجة الملّحة والمتزايدة لإمعان النظر في المستقبل، كان العامل الأساسي للصمود يكمن في الاستفادة من تجارب الآخرين ممن اتخذوا اتجاهات مختلفة خارج هذا النطاق، ومن أفضل الأمثلة على ذلك هو تطوير العلاقة بين مجال تكنولوجيا التعليم والقادة الأكاديميين.

في السابق، كان هناك فرق واضح بين الممارسين وروّاد الأعمال بسبب اختلاف الأفكار، وكانت النتيجة المترتبة على ذلك هو أن التكنولوجيا لم تلبي احتياجات الفصل الدراسي، إلى جانب عدم تقبّل المعلمين لأي أدوات تعليمية جديدة. وسعيًا لحل تلك المشكلة، تم إنشاء منظومات مثل "إد تيك دنمارك" (Edtech Denmark) لمواصلة الحوار بين الأطراف الأساسية المعنية، وأسفر ذلك عن فهم أعمق لعوامل نجاح التكنولوجيا في التعليم.

بالإضافة إلى قدرتها على تعزيز الابتكارات، بات لهذا النوع من المنظومات أهمية كبرى لأنها تدعم ثقافة النماذج التكرارية والتجارب التي تعمل على إثراء مساحة التعليم وتعزيزها.

وفقًا لسترافوس يانوكا، الضغوطات التي تعرضت لها المؤسسات التعليمية لمحاولة الصمود فحسب أسفرت عن نتائج سلبية وقد بدأت تتفاقم الآن. مصدر الصورة: Pascal Rossignol، عبر موقع REUTERS

العودة إلى الأساسيات
مع بداية الفصل الدراسي الجديد، نجد أننا نواجه تحديات في غاية الخطورة، كما أن الطلاب العائدين إلى الفصول الدراسية سيواجهون العديد من الصعوبات، ليس بسبب عدم وصولهم إلى الموارد اللازمة، ولكن بسبب طريقة استخدامها.

كان للتكنولوجيا في مجال التعليم دور أساسي ومباشر في معالجة التحديات التي واجهتها المدراس، إلا أن ابتكار أي أداة جديدة يعتمد في الأساس على قدرات مستخدميها

سترافوس يانوكا

عندما بدأت الجائحة، وُجدت الحاجة الملّحة للتحوّل إلى العالم الرقمي دون فهم حقيقي لكيفية التنقل داخله واستخدامه. في كثير من الأحيان، كان للتكنولوجيا في مجال التعليم دور أساسي ومباشر في معالجة التحديات التي واجهتها المدراس، إلا أن ابتكار أي أداة جديدة يعتمد في الأساس على قدرات مستخدميها، فالمعلمون الفاعلون وحدهم سيكونون قادرين على الاستفادة من التكنولوجيا كأداة تكمّيلية للمبادئ التربوية، لا كبديل عنها. إذا أردنا أن نرى تحولاً ذا مغزى في أسلوب تعلّمنا، ينبغي علينا الاستثمار أكثر في إعداد ممارسين يتمتعون بالقدرة الكافية لقيادة هذا التغيير.

إن إعادة تصوّر التعليم لا تتطلب بالضرورة إعادة بناءه، بل يجب علينا أن ننتهز هذه الفرصة لإجراء عملية إعادة تقييم فعلية وجادة لأهدافنا. ما هو دور المعلّم في العصر الحديث؟ كيف يُمكننا الارتقاء بالمعرفة الحالية لتحقيق مكاسب جديدة؟ ما الذي يوفره التعليم من مساعدة يتطلب تحقيقها؟

على مدار فترات طويلة من الزمن، تمكنّ التعليم من تجنب هذا النوع من التفكير والتحليل، وما زلنا نشهد ميلاً للعودة إلى أنماط التعليم السابقة. وعلى الرغم من ذلك، تدفعنا الجائحة إلى تقبّل الأزمة الراهنة والتعلّم من الدروس القاسية التي مررنا بها.

قال سترافوس يانوكا أن الطلاب العائدين إلى الفصول الدراسية سيواجهون العديد من الصعوبات نتيجةً لطريقة استخدام الموارد المتاحة. مصدر الصورة: Pascal Rossignol، عبر موقع REUTERS

لقد كان إثبات مرونة التعليم ضرورة، فبدون تلك المرونة، كان من الممكن أن يتراجع الأطفال لسنوات في غضون أشهر. وكاستجابة فورية لتحدٍ غير مسبوق، استطاعت مرونة التعليم في تحقيق غايتها. ولكن لا ينبغي لنا أن نخدع أنفسنا بأن المرونة تعني التحوّل أو تؤدي إليه، فقد مكنتنا من التكييّف مع الوضع الراهن فقط، وليس تحقيق التقدّم. يبقى لنا الآن أن ننظر فيما إذا كانت التجارب والدروس التي اكتسبناها تمكننا من التعايش مع الوباء.

لقد كان التعليم بحاجة إلى تغيير أساسي قبل جائحة كوفيد-19، وازدادت الحاجة إلى هذا التغيير أكثر الآن. مازال بإمكاننا صناعة هذا التغيير، ولن نتمكن من ذلك إن لم ننظر إلى أبعد من مجرد التحلّي بالمرونة والقدرة على الصمود.

قصص ذات صلة