للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
أستاذ سابق بجامعة شريكة لمؤسسة قطر يروي قصته كأب لثلاثة أطفال خلال الجائحة
لم يكن مألوفًا لأندرو ميلز وزوجته نهى أبو الدهب أن يخلدا لنوم عميق بعد شهور من الانغماس في العمل الروتيني الشاق. إذ أنهما والدان لثلاثة أطفال أعمارهم أقل من 10 سنوات، وبالتالي أضحت الراحة بالنسبة لهم إحدى وسائل الترف الذي لا يمكن تحمل تكلفته وخاصة في زمن الجائحة التي يمر بها العالم الآن.
فمنذ إغلاق المدارس في قطر بدءًا من شهر مارس 2020، كانت الأمور مزدحمة للغاية في منزل ميلز. وقد أصبح من المعتاد قضاء الأيام في رعاية الأطفال ثم العمل إلى ما بعد منتصف الليل. عندما ثبتت إصابة السيد ميلز، المستشار والأستاذ السابق في جامعة نورثوسترن في قطر، وهي جامعة شريكة لمؤسسة قطر، وزوجته أبو الدهب، التي تعمل في مجال البحوث والسياسات، بفيروس كورونا المستجد، أصبح من اللازم عليهما البقاء في العزل الصحي. وقد رافق هذا التشخيص العديد من المخاوف.
أندرو ميلز
فمنذ بداية شهر مارس، كان السيد ميلز وزوجته أبو الدهب مسؤولين عن تعليم أطفالهم الثلاثة وتوفير الرعاية لهم على مدار اليوم مع الوفاء بمتطلباتهم الوظيفية بدوام كامل. وقد ثبت أن تحديات محاولة القيام بذلك صعبة للغاية. ويعلق ميلز على ذلك بقوله "نحن محظوظون لأننا نعمل في وظائف مرنة نوعًا ما، ولكن عندما تقوم على رعاية أطفال من مختلف الأعمار، يكون من الصعب عليك إشغالهم في النشاط نفسه في الوقت ذاته."
وكان حلهم لهذه المشكلة هو أن يطلبوا من المربية رعاية طفلهم الأصغر بينما يقوم أحدهم بتعليم الطفلين الأكبر، وبالتالي يصبح بمقدور الوالد الآخر على الأقل تكريس نفسه للعمل. ثم يتبادلون الأدوار فيما بعد. ولكن مع وجودهم في الحجر الصحي ووجود مربية واحدة فقط، كيف سيحافظون على بقاء الأطفال مشغولين؟
نحن محظوظون لأننا نعمل في وظائف مرنة نوعًا ما، ولكن عندما تقوم على رعاية أطفال من مختلف الأعمار، يكون من الصعب عليك إشغالهم في النشاط نفسه في الوقت ذاته
يضيف ميلز قائلًا "كان اختبار جميع أطفالنا سلبيًا، لذلك أصبح من الصعب حقًا محاولة البقاء معهم في المنزل مع علمهم بوجودنا هنالك. وكنت أستخدم برنامج (زوم) معهم في أثناء وجودهم في الطابق السفلي وأنا على سريري".
كان من المثير للدهشة بالنسبة له العمل الرائع الذي قام به أطفاله في اتباع القواعد الموضوعة لهم. فكما يقول "كان شعورهم الجديد بالاستقلال يعني أنهم أفضل حالًا" دون المراقبة التطفلية من قبله وزوجته. وقد كان تناول الآيس كريم كما يحبون وأداء الرقصات في الحديقة أحيانًا لميلز وأبو الدهب لمشاهدتهم من نافذة غرفة النوم مجرد امتيازات حصل عليها أطفالهم نتيجة وجود والديهم في الحجر الصحي.
مع ذلك، كان الأمر برمته بمثابة تجربة انتقالية صعبة تعيّن على عائلة ميلز كلها التغلب عليها بنجاح في الأشهر القليلة الماضية. ولى الرغم من أن الأبوين كانا "محظوظين في تجنب الأعراض الأكثر خطورة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)"، إلا أن عدم اليقين بشأن كيفية تطور المرض كان أمرًا مخيفًا لهم.
ويعبر عن ذلك ميلز بقوله "لقد كان الأمر المخيف حقًا هو التفكير في أسئلة مثل: هل سيزداد الأمر سوءًا؟ متى سأعرف ما إذا كانت الحالة ستتدهور أكثر؟"
شعر الأطفال بخيبة أمل عندما اضطررت أنا وزوجتي إلى التوقف لبعض الوقت عن القيام بأشياء معهم للوفاء بمتطلبات وظائفنا لأن ذلك يعني عدم الاهتمام بهم مثلما كنا من ذي قبل
وعندئذ أصبح من المهم حقًا أن يبتكر ميلز وزوجته خطة مستدامة ليس فقط لإيجاد وقت للعمل من المنزل، ولكن أيضًا لضمان استمرار تعلم أطفالهم في أثناء إجازتهم من المدرسة.
ويعلق السيد ميلز على ذلك قائلَا "شعر الأطفال بخيبة أمل عندما اضطررت أنا وزوجتي إلى التوقف لبعض الوقت عن القيام بأشياء معهم للوفاء بمتطلبات وظائفنا لأن ذلك يعني عدم الاهتمام بهم مثلما كنا من ذي قبل".
مصدر الصورة: Hamad I Mohammed، عبر موقع REUTERS
ولكن ما ساعد في التعامل مع خيبة الأمل هذه عند أطفالهم هو جلوس ميلز وزوجته معهم في كل صباح وشرح ما سيفعلونه طوال اليوم. ويوضح السيد ميلز ذلك قائلاً "وجدنا أنه من المهم حقًا القيام بذلك لكي يفهم الأطفال أنهم لا ينتقلون من شيء إلى آخر فحسب، ولا يعرفون ما سيحدث لاحقًا في اليوم. فإذا عرفوا مثلًا أنهم سيشاهدون التلفزيون لمدة ساعة، فإن ذلك يساعدهم في إدارة المهام الأخرى التي لا يحبونها كثيرًا."
مع إعادة فتح المدارس في قطر وبداية العام الدراسي، يحاول ميلز وزوجته "التعامل مع توقعات أطفالهم وإعدادهم لحقيقة أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور المجهولة في ظل هذا الوضع". وفي خضم ذلك كله، فإنهم يتطلعون إلى عودة الحياة إلى طبيعتها من جديد.