للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
أخصائيو التغذية في سدرة للطب يقدمون النصائح للوالدين حول كيفية تنشئة أطفال أصحاء وسعداء
كيف نساعد أطفالنا على الازدهار في كل مرحلة من مراحل تطورهم؟ كيف نطلق العنان لإمكاناتهم، ونمهد الطريق كي يصبحوا أشخاصًا يتمتعون بالصحة والسعادة والثقة بالنفس خلال مراحل نموهم وفي المستقبل؟
تكمن الإجابات عن تلك الأسئلة في جوهر تربية الأطفال، والتي يمكن وصفها بعملية تعزيز ودعم النمو الجسدي والعاطفي والاجتماعي والفكري للطفل منذ الولادة وحتى مرحلة البلوغ.
سلطت آمنة الإبراهيم وموزا الجابر، أخصائيو التغذية المساعدتان في سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر، الضوء على العوامل المتجذرة في نمط الحياة والروتين الأسري الذي يشكل الأساس لصحة الطفل العقلية والجسدية.
آمنة الإبراهيم
في عالم اليوم سريع الوتيرة، قد يكون الالتزام بالأكل الصحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام أمرًا صعبًا، وقد تلجأ الكثير من الأسر إلى إيجاد حلول سهلة، مثل الاعتماد على الأطعمة المجمدة أو الوجبات الجاهزة والسريعة. ومع مرور الوقت يمكن أن تصبح هذه العادات غير الصحية أمرًا طبيعيًا.
تقول الإبراهيم: "تتكون العادات الغذائية في مرحلة عمرية مبكرة للغاية، بدءًا من إدخال الأغذية الصلبة في النظام الغذائي للرضيع، وتتطور تلك العادات وتتغير مع النمو والانتقال إلى المرحلة العمرية التالية. وبمجرد إدخال الأغذية الصلبة في نظام الطفل، ستؤثر عادات الأسرة وثقافتها المتعلقة بتناول الطعام وأنواعه على العادات الغذائية للطفل أو حتى الرضيع".
التوجيه غير الكافي من قبل الوالدين فيما يتعلق بالعادات الغذائية لأطفالهم قد يؤدي إلى نقص أو تشويه إدراكهم حول ما ينطوي عليه النظام الغذائي الصحي المتوازن
أردفت: "تجدر الإشارة إلى أن التوجيه غير الكافي من قبل الوالدين فيما يتعلق بالعادات الغذائية لأطفالهم قد يؤدي إلى نقص أو تشويه إدراكهم حول ما ينطوي عليه النظام الغذائي الصحي المتوازن، وهو ما قد يسبب لهم مشكلات صحية في المستقبل. لذلك، فإن اتباع نظام غذائي متوازن يتألف من وجبات رئيسية منتظمة ووجبات خفيفة بينهما يُعدّ أمرًا حيويًا في تشكيل علاقة الطفل بالغذاء".
عندما يشعر الطفل بالملل أو بالتوتر والقلق – وهي مشاعر قد تفاقمت بشدة خلال جائحة (كوفيد-19) – في كثير من الأحيان يلجأ الوالدين إلى إعطاء أطفالهم الحلوى أو عصائر الفواكه المعلبة والمشروبات الغازية.
يمكن أن تؤدي عادات التغذية السيئة إلى معاناة الطفل من نقص الوزن أو زيادته
تقول الجابر: "إن الإفراط في تناول الأطعمة غير الصحية، التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والدهون، والتي بالكاد تحتوي على أية قيمة غذائية مثل الشوكولاتة ورقائق البطاطس والحلويات والبسكويت والمشروبات السكرية - بما في ذلك عصائر الفاكهة – قد يؤدي إلى تكوين عادات سيئة. كما أن الإفراط في تناول مثل هذه الأطعمة يمكن أن يتسبب في اضطراب أنماط التغذية. ويمكن أن تؤدي عادات التغذية السيئة إلى معاناة الطفل من نقص الوزن أو زيادته".
موزا الجابر
وفقًا للجابر، إن نقص التغذية يمكن أن يؤثر على معدلات النمو وتطور الدماغ، أو يسبب نقصًا في المغذيات الدقيقة ومشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإمساك وضعف المناعة، بينما الإفراط في تناول الطعام فقد يؤدي إلى السمنة، ويعرض الطفل لخطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وأمراض الكبد.
يساعد اللعب النشط مع الأصدقاء في زيادة إفراز هرمون السيروتونين -هرمون السعادة - ويحدّ من الشعور الملل، وبالتالي يُجنب الطفل الشعور بالحاجة لتناول الوجبات الخفيفة التي يلجأ إليها بعض الأطفال كنوع من أنواع الترفيه
أوضحت الإبراهيم أن قلة النشاط البدني يمكنها أيضًا أن تسبب مشكلات صحية مثل: ضعف المفاصل، فقدان القوة العضلية والقدرة على التحمل، ضعف العظام، ضعف الدورة الدموية، وارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن التأثير السلبي لقلة النشاط الحركي على وظائف بعض الهرمونات مثل الأنسولين، واضطراب الغدة الدرقية.
كما أشارت الإبراهيم إلى جوانب أخرى متعلقة بالنشاط البدني قائلة: "يمكن أن يؤثر الجانب الاجتماعي للنشاط البدني أيضًا على صحة الطفل. على سبيل المثال، قد يساعد اللعب النشط مع الأصدقاء في زيادة إفراز هرمون السيروتونين -هرمون السعادة - ويحدّ من الشعور الملل، وبالتالي يُجنب الطفل الشعور بالحاجة لتناول الوجبات الخفيفة التي يلجأ إليها بعض الأطفال كنوع من أنواع الترفيه".
سلطت الإبراهيم الضوء كذلك على مخاطر قلة الحركة والنشاط البدني على المدى الطويل، حيث يمكن أن تؤدي إلى السمنة والإصابة بداء السكري، أمراض القلب، القلق، الاكتئاب، وأنواع معينة من السرطان، بينما يساعد النشاط البدني والحركي على تحسين النوم، والقدرة على أداء المهام اليومية، والتحصيل الذهني و صحة العظام والعضلات الهيكلية.
يمكن للوالدين أيضًا إشراك أطفالهم في إعداد الطعام. فذلك سيساعدهم على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لإعداد وجبات صحية ووجبات خفيفة
لمواجهة العديد من المشاكل الصحية، ينبغي على الوالدين تجنّب عادة تقديم الحلوى لأطفالهم كحلّ سريع لتقلباتهم المزاجية. من المهم تحديد روتين يومي يتضمن وجبات الطعام الرئيسية، ووجبات خفيفة، وممارسة الرياضة، والحد من وقت الشاشات، والأهم من ذلك ضمان الحصول على قدر كاف من النوم ليلًا.
يمكن للوالدين إنتقاء خيارات صحية للوجبات الخفيفة، مثل الفاكهة والخضروات مع الغموسات الصحية والمكسرات والزبادي. وإن جعل هذه الأطعمة سهلة الوصول إليها وعلى مرأى من الأطفال سيشجعهم على تناول المزيد من هذه الأطعمة المفيدة. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من شرب الماء بقدر كاف يوميًا للأطفال والحد من تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة. وتوضح الجابر أنه لا يزال من الممكن تقديم الحلوى ولكن يجب تقديمها من حين لآخر وليس استجابة لنوبة غضب أو لشعور الطفل بالملل.
تقول الجابر: "يمكن للوالدين أيضًا إشراك أطفالهم في إعداد الطعام. فذلك سيساعدهم على اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لإعداد وجبات صحية ووجبات خفيفة".
وفقًا للإبراهيم، يجب أن يقتصر الوقت الذي يقضيه الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين اثنين وخمس سنوات أمام الشاشة على أقل من ساعة واحدة، بينما بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يمكن أن يزيد هذا الوقت إلى حد ما في حالة ممارستهم التعلم عن بعد. يجب على الوالدين تشجيع أطفالهم على اللعب والمشاركة في الأنشطة التي لا تتطلب منهم التواجد أمام الشاشات.
فضلاً عن ذلك، يُعد النشاط البدني أمرًا ضروريًا للبقاء في صحة جيدة. وتعتبر الأنشطة التي تشمل الأسرة بأكملها محفزًا لتشجيع الأطفال على الحركة، ويمكنها أن تشمل المشي وصعود ونزول السلم وركوب الدراجة.
آمنة الإبراهيم وموزا الجابر تنصحان الوالدين بتحديد روتين يومي لأطفالهم يتضمن وجبات الطعام الرئيسية، ووجبات خفيفة، وممارسة الرياضة، والحد من وقت الشاشات، وضمان الحصول على قدر كاف من النوم ليلًا.
تقول الإبراهيم: "يمثل النوم عنصرًا هامًا أيضًا يمكنه التأثير على الصحة والوزن. حيث أثبت علميًا أن أولئك الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم هم معرضون لزيادة الوزن. ويعزى ذلك إلى التغيرات الهرمونية التي يمكن أن تحدث نتيجة الحرمان المزمن من النوم. بالإضافة إلى ذلك، يميل أولئك الذين يحصلون على قسطًا قليلًا من النوم إلى تناول وجبات خفيفة بكثرة، لاسيما عند بقائهم مستيقظين لساعات إضافية خلال الليل. وتختلف التوصيات حول عدد ساعات النوم الضرورية وفقًا للمرحلة العمرية، حيث يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات إلى حوالي 10-13 ساعة من النوم يوميًا؛ بينما يحتاج الأطفال من 6 - 12 عامًا إلى حوالي 9 -12 ساعة من النوم يوميًا؛ وبالنسبة للمراهقين فهم يحتاجون للحصول على النوم لمدة 8 – 10 ساعات يوميًا".
وفقًا للإبراهيم، فإن أفضل طريقة يمكن للوالدين اتباعها للمساعدة في إدارة وتحسين سلوك أطفالهم هي أن يكونوا قدوة يحتذى بها. فكون الوالدين يمثلان نموذجًا يحتذى به لأطفالهم، فإن ذلك سيحثهم على اتباع ذات العادات. وإن تطبيق كافة العادات الصحية السالف ذكرها سيسمح للطفل أن يعيش حياة صحية ونشيطة، وسيكون من الأسهل عليه اتباع تلك العادات حتى يصل إلى مرحلة البلوغ.