إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
29 December 2020

كواليس علمية حول استجابة قطر لجائحة (كوفيد-19)

مشاركة

مصدر الصورة: Simfalex، عبر موقع Shutterstock

الدكتور ليث أبو رداد أستاذ علوم الصحة العامة وكبير الباحثين في مجموعة وبائيات الأمراض المُعدية في وايل كورنيل للطب – قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، يتحدث عن الاستراتيجية التي اتخذتها قطر لمواجهة (كوفيد-19)

اكتشفت دولة قطر أولى حالات عدوى (كوفيد-19) المحليّة في 6 مارس 2020. ولكن قبل اكتشاف الحالة الأولى، اتبعت قطر نهجًا علميًا وأجرت تحليلات علمية لإعداد البلاد لما هو قادم.

ركزت أولى التحليلات على التنبؤ باحتياجات الرعاية الصحية في الدولة، والبحث عن التأثيرات المحتملة لفرض قيود التباعد الاجتماعي والجسدي

ليث أبو رداد

خلال فترة زمنية معينة من انتشار الوباء في دولة قطر، كانت معدلات الإصابة بفيروس (كوفيد-19) هي من الأعلى في العالم مقارنة بعدد السكان. ومع ذلك، فإن معدل الوفيات كان من أدنى المعدلات المسجلة.

وفقًا للدكتور ليث أبو رداد أستاذ علوم الصحة العامة ، وكبير الباحثين في مجموعة وبائيات الأمراض المُعدية، ومدير مختبر بحوث الإحصاءات الحيوية والأمراض الوبائية والرياضيات الحيوية في وايل كورنيل للطب – قطر، وأستاذ مساعد بكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، فإن العامل الأساسي الذي ساعد قطر في مواجهة تقلبات هذا العام هو النظرة المستقبلية التي تمتعت بها الدولة وقدرتها على أخذ احتياطاتها.

يوضح الدكتور ليث أبو رداد: "ركزت أولى التحليلات على التنبؤ باحتياجات الرعاية الصحية في الدولة، والبحث عن التأثيرات المحتملة لفرض قيود التباعد الاجتماعي والجسدي".

ليث أبو رداد

تابع: "ومن خلال التنبؤ باحتياجات الرعاية الصحية، بما فيها الرعاية الصحية الحثيثة، وعدد أسرّة العناية المركزة، والتنبؤ بعدد الحالات التي ستدخل المستشفى، كانت التوقعات قريبة فعلا مما حدث على أرض الواقع؛ فاستطاعت البلاد أن تستعدّ جيدًا لما هو قادم، ولم يتعرض النظام الصحي للإنهاك، ولم يبلغ الحد الأعلى من طاقته الاستيعابية طوال فترة الأزمة".

استندت قطر في تقديراتها إلى الأساليب الوبائية العلمية والنماذج الرياضية من أجل الاستجابة للوباء بما في ذلك التنبؤ بأثر قيود التباعد.

ووفقًا للدكتور أبو رداد، عملت قطر على مكافحة الوباء منذ بداية انتشاره وذلك بهدف تسطيح المنحنى قدر الإمكان، وتمكنت في النهاية من الحد من ذروته وتقليل عدد الحالات الشديدة وحالات العناية المركزة بنسبة تزيد عن 75 في المائة.

نحن نشهد تراجعًا للوباء، حيث تتلاشى حدّته ببطء، ولكنه ما يزال موجودًا

ليث أبو رداد

أضاف: "ما يزال النموذج الرياضي مُستخدمًا لرصد انتشار الوباء وتتبعه. ومن أهم استخداماته الآن مراقبة معدل التكاثر الفعّال للفيروس أو مايسمى بـ (Rt) وهو مقياس أساسي لمعرفة مدى سرعة انتشار الفيروس، مما يساعدنا على التنبؤ بحدوث موجة ثانية من الوباء. حتى الآن، لم تظهر أي علامات تشير إلى حدوث موجة ثانية في قطر وذلك لأن متوسط (Rt) ما يزال أقل من 1. ومن أكثر التطبيقات المهمة للنمذجة الرياضية هي التوقيت المناسب وطرق تخفيف القيود".

في المراحل الأولى من الوباء، قيّمت الحكومة الخيارات المتعلقة بكيفية تخفيف القيود المفروضة. وقد أظهرت النمذجة بشكل جلي أن تخفيف القيود قبل أوانها سيؤدي إلى انتشار الوباء، أو حدوث موجة ثانية بسرعة كبيرة، ولم يكن كلا القرارين مقبولًا لدى صناع السياسات في الدولة.

قال الدكتور أبو رداد: "أرادت دولة قطر تخفيف القيود بهدف تحقيق نتيجتين، الأولى: تجنب الموجة الثانية قدر الإمكان وذلك بسبب العواقب الصحية والأضرار التي ستلحق بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. والثانية: محاولة تجنب فرض القيود في فترات متقطعة لأنها ستضر بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي".

ومع مراعاة هذين الشرطين، تم استخدام النمذجة الرياضية للتنبؤ بتخفيف القيود بحيث يمكن تحقيق هذه الأهداف. وقال الدكتور أبو رداد: "توقعنا أن يكون أول يوم لتخفيف القيود هو 15 يونيو، وهذا ما حدث بالضبط"، مضيفًا:" ضمن ذلك الاستقرار والفعالية في البلاد، ولم نحتاج إلى فرض قيود على فترات متقطعة. وإنني أعتبر هذا نصرًا صريحًا، لأن قرار تخفيف القيود وموعد تنفيذه بني على أساس علمي بحت".

بفضل اتباع نهج علمي، تمكنت قطر من الاستعداد جيدًا لما هو آت، وبالتالي توفير الاستقرار للاقتصاد والمجتمع

ليث أبو رداد

وأثبتت هذه الإستراتيجية نجاحها، حيث تم تخفيف القيود تدريجيًا لمدة ستة أشهر تقريبًا. وعلّق الدكتور أبو رداد: "نحن نشهد تراجعًا للوباء، حيث تتلاشى حدّته ببطء، ولكنه ما يزال موجودًا". ووفقًا للدكتور فإن هذا النوع من المنهجيات العلمية من شأنه أن يدعم فعالية واستقرار الاقتصاد والمجتمع في البلاد.

وقد بات سكّان قطر يعيشون اليوم حياة طبيعية إلى حدّ ما، بعد أن رفعت العديد من القيود التي فرضتها الجائحة، ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة أن تبدأ قطر بتنفيذ برنامج التطعيم مع استلامها الدفعة الأولى من لقاح (كوفيد-19) حيث تعتبر قطر من أوائل الدول التي وقعت اتفاقيات مع شركتي فايزر وموديرنا.

وإلى جانب منهجيات النمذجة الرياضية التي كانت جزءًا من الاستجابة الوطنية، استثمرت قطر أيضًا في الدراسات الوبائية الرئيسية لفهم تفشي العدوى ولدعم استجابة الدولة بشكل أكبر.

وقد استخدم الباحثون نظام قاعدة بيانات مركزيًا لكل ما يتعلق بـجائحة (كوفيد-19) وكانوا قادرين على تقييم جميع السكان من حيث الإصابة وتكرار الإصابة. قال الدكتور أبو رداد: "نظرنا في احتمالية تكرار إصابة الذين تأكدت إصابتهم من قبل، ومن خلال هذه الدراسة، تمكنا من تأكيد عدد من الإصابات المكررة".

مصدر الصورة: pixelliebe، عبر موقع Shutterstock

"من خلال الدراسة الأولى، تأكدنا من وجود أربع إصابات مكررة باستخدام تسلسل الجينوم الفيروسي. وقد كانت أهمية هذه الدراسة تمكن في تقييم احتمالات الإصابة مرة أخرى، والتي تبين أنها منخفضة للغاية، ولا تزيد عن 2 من كل 10 آلاف إصابة مؤكدة"

وكان الدكتور أبو رداد قد شدد خلال حديثه في قمة "الطب الدقيق والجينوميات الوظيفية 2020" الافتراضية التي نظمها مركز سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر، على دور الأساليب العلمية في تعزيز استجابة البلاد للجائحة. وقال: "بفضل اتباع نهج علمي، تمكنت قطر من الاستعداد جيدًا لما هو آت، وبالتالي توفير الاستقرار للاقتصاد والمجتمع".

من خلال اتباع المسار العلمي في الاستجابة للوباء، أظهرت دولة قطر مرة أخرى التزامها بالاستثمار في البحث والتطوير والابتكار من أجل الحاضر والمستقبل البعيد، مما يساعد على استعادة العالم العربي مكانته العالمية في البحث والتطوير. وسيكون البحث والتطوير بمثابة المحرك الأساسي لتنمية قطر خلال العقد القادم وما بعده، ومن المقرر أن تلعب بيئة البحث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر دورًا مهمًا في تحقيق ذلك.

قصص ذات صلة