للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
يؤكد الخبراء خلال ندوة حول الدين والأخلاقيات الطبية أن التدريب والمعرفة هي مفاتيح الرعاية الطبية
"من الممكن أن يؤدي إشراك المزيد من رجال الدين من مختلف الأديان في الرعاية الطبية داخل المستشفيات إلى المساعدة في تجاوز التحديات التي تواجه مقدمي الرعاية الصحية من خلال توفير الرعاية الطبية المتخصصة ثقافيًا والتي تعالج المخاوف الدينية والروحية للمرضى".
هذا ما جاء خلال ندوة نظمها مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية" ويش"، مبادرة من مؤسسة قطر، والأكاديمية البابوية من أجل الحياة في الفاتيكان، تحت عنوان" الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن"، وسلطت الضوء على قضايا حاسمة تتلاقى فيها الأخلاقيات الطبية والدينية. وقد تبادل خبراء الطب والأخلاقيات الطبية وجهات النظر الإسلامية والمسيحية واليهودية في الندوة التي عقدت بالتعاون مع الشريك الأكاديمي المجلة الطبية البريطانية.
قالت الدكتورة كريستينا بوشلسكي، أستاذة الطب والعلوم الصحية ومديرة معهد الروحانية والصحة بجامعة جورج واشنطن، أن الرعاية التلطيفية غالبًا ما تتجاهل روحانية المرضى. وفي نقاش يحمل عنوان "هل يمكن للأديان أن تتقارب بشكل أفضل وتسلط الضوء على دور الروحانية في توفير الرعاية التلطيفية، قالت الدكتورة بوشلسكي:" إن وجود الرحمة أمر أساسي في مساعدة أولئك الذين يعانون، وهذا غالبًا ما يأتي من خلال رجل دين يشارك المريض إيمانه. ومع ذلك، فإن العديد من الأنظمة لا تعطي اعتبارًا كافيًا للدين والروحانية عند تقديم الرعاية التلطيفية، وغالبًا ما لا يتمكن المرضى من الوصول إلى رجال الدين".
وأضافت:" يحتاج المرضى إلى من يصغي إليهم وأن يفهم معاناتهم، فالبلدان التي لا يتوفر فيها رجال الدين في مجال الرعاية الصحية، تواجه تحديًا يتمثل في توفير الروحانية المطلوبة".
وتعتقد الدكتور بوشلسكي أن دور المتطوعين في التخفيف من معاناة نهاية الحياة لا يحظى بالاهتمام الكافي، قائلة:" على الرغم من أن المتطوعين ليسوا رجال دين، إلا أنه يمكنهم تقديم الدعم من خلال التواجد مع المريض، ولا بد من أن ندرك أهمية أن يحصلوا على تدريب من أخصائي الرعاية الروحية، من أجل تلبية احتياجات المرضى بشكل أفضل". كما أكدت على أنه لا بد من أن يكتسب الأطباء والممرضات المعرفة بالرعاية الروحية وأهميتها في التخفيف من معاناة المرضى، بدلًا من أن تقتصر هذه المهمة على رجال الدين وحدهم.
من جهته، أكد الشيخ محمد علي، وهو رجل دين من الجالية المسلمة في مشيخة نيويورك-وايل كورنيل، أن عددًا قليلًا من مؤسسات الرعاية الصحية لديها رجال دين مسلمين، ما يطرح تحديات حول رعاية المرضى من أتباع الديانة الإسلامية". وأضاف:" بالنسبة للبعض، فإن الروحانية متجذرة في الدين، فإذا طلب المرضى التحدث إلى رجل دين مسلم ولم يكن متوفرًا في مؤسسة الرعاية الصحية، فسوف يلجؤون إلى رجل دين غير مدرب ولا يملك المهارات الخاصة بالرعاية التلطيفية".
وخلال مناقشة أخرى، اتفق الخبراء على أن القيم الإنسانية والإيمان الروحي هي أمور مشتركة بين مختلف الأديان، وأن التواضع والكرامة والرحمة يجب أن تكون بمثابة الحمض النووي للرعاية التلطيفية.
بدوره، قال كارلوس سينتينو كورتيز، استشاري الطب التلطيفي في جامعة نافارا كلينيك:" ما هو مشترك في جميع الأديان هو أننا نريد أن نساعد الناس وأن نكون إلى جانب المريض". وتابع:" يوجد مكان في المستشفى ودور الرعاية للدين، ويعد التنوع ذا قيمة في المستشفيات والطب. علينا أن نخلق مساحات للحوار بين الأديان في المستشفيات، ويمكننا أن نتعلم من تجارب بلدان مثل الولايات المتحدة وكندا، والتي تعدّ أفضل من تجارب دول أخرى".
كما قدم الدكتور محمد غالي، أستاذ الدراسات الإسلامية وأخلاقيات الطب الحيوي في مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة، وجهة نظر إسلامية، قائلًا:" نحن لا نتعامل مع الإنسان الذي يحتاج إلى الرعاية التلطيفية كشخص مريض وحسب، بل كإنسان له وجهة نظره الخاصة في هذه الحياة نحو العالم، ولديه أفكاره، وقناعاته التي يؤمن بها. لذا من المهم أن يحصل الناس على أفضل رعاية ممكنة، تتماشى مع معتقداتهم الفردية".
في السياق نفسه، قال الدكتور ريكاردو دي سيجني، كبير الحاخامات في روما:" إن المبدأ الذي يوجه الفكر اليهودي دائمًا هو أن الحياة والصحة جانبان لا نملكهما، لقد منحا الله لنا ونحن مدعوون لحمايتهما، والاعتزاز بهما كشيء ثمين". وتابع:"لذلك من الضروري بالنسبة لنا الحفاظ على الحياة، ولكن الأهمية الأساسية هي توفير الرعاية الأكثر رحمة للمرضى."