للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
عضو في فريق العمل المعني بجائحة (كوفيد-19) في البيت الأبيض وباحث متخصص في فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز يتحدث في مبادرة الصحة العالمية الافتراضية لمؤسسة قطر
تحدّث الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعضو فريق العمل المعني بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في البيت الأبيض، والباحث العالمي المرموق في مجال مرض نقص المناعة المكتسب "إيدز"، خلال مؤتمر ويش 2020 الافتراضي.
جاء ذلك خلال مقابلة خاصة مع السيدة فيونا جودلي، محرر المجلة الطبية البريطانية. وفي سياق مقارنته ما بين تفشي وباء "إيدز" خلال ثمانينيات القرن الماضي وجائحة كورونا اليوم، قال الدكتور فاوتشي: "كلما اشتدت الضغوطات، عليك التأكد من العمل وفق أسلوب مدروس بعناية ومبنيّ على الأدلة والعلم. لكن عليك، في الوقت عينه، أن تشعر باحتياجات الأشخاص".
الدكتور أنتوني فاوتشي خلال حديثه في قمة "ويش 2020" الافتراضية.
أضاف: "بعض صفات العلم لا تتغيّر. وتأتي لاحقاً الإجراءات التنظيمية الموجهة حتماً نحو حماية الأفراد أثناء تقديم العلاج لهم. لكن إحدى المشاكل التي واجهناها في الماضي كانت تصميم الاختبارات السريرية وإتاحتها، حيث استخدمنا نماذج موجهة نحو أمراض غير شبيهة إطلاقاً بمرض نقص المناعة المكتسب "إيدز".
تابع: "سرعان ما تَوضّح أننا بلغنا حالة اكتملت فيها الاختبارات السريرية، وبات من الضروري تجربتها على الأفراد طالما أنهم مستعدون لتحمل المخاطرة، وأن هناك ثمة فرصة مقبولة للاستفادة. هذا كان مثالاً واحداً على إدراك الحقيقة بضرورة الالتزام بالمبادئ الأساسية وأصول العلم، لكن مع الإبقاء على فكر منفتح ومرن عند التعامل مع بشر حقيقيين".
وناقش الدكتور فاوتشي الأسباب الكامنة وراء بلوغ الجائحة الحالية نسباً مرتفعة في الولايات المتحدة، قائلاً: "تُعد الولايات المتحدة دولة ذات مساحة ضخمة للغاية، ومتنوعة ديمغرافياً وجغرافياً، ولكن أيضاً بالنسبة لجهة مستويات الإصابة الموجودة في المناطق المختلفة. وهي مجتمع اتحادي يقع فيه قدر هائل من المسؤولية على عاتق الولايات. لم يكن هنالك ثمة مقاربة واحدة عندما قمنا بالإغلاق العام".
لا يُمكننا إهمال الإصابة التي لا تبدي عوارض لأن ذلك يُشكل جزءاً رئيسياً من عملية تفشي المرض
وأردف بالقول: "عندما قررنا فتح الاقتصاد من جديد، قامت بذلك بعض الولايات بشكل غير ملائم.. فقفزت فوق المرحلة الأولى أو أهملتها كلياً. لقد أبلينا بلاء حسناً من بعض النواحي، لكن الأداء لم يكن متجانساً على مستوى الدولة. وأعتقد بأن الدرس المكتسب بالنسبة لدول على غرار المملكة المتحدة هو محاولة اتباع مقاربة واحدة تتمتع بتفويض مركزي".
بالنسبة لإجراء الاختبارات على الأشخاص الذين لا يُظهرون العوارض، قال: "لا يُمكننا إهمال الإصابة التي لا تبدي عوارض لأن ذلك يُشكل جزءاً رئيسياً من عملية تفشي المرض. وهذا هو السبب الكامن وراء تفشي المرض في أوساط المجتمع، وأسوأ ما فيه هو صعوبة إجراءات التحديد والعزل ومتابعة الاختلاط".
علينا أن نكون في غاية الحرص حتى لا يكون الكمال عدواً لما هو مقبول وجيد
ولاحظ الدكتور فاوتشي عدم وجود قدر كافٍ من المعلومات حول الاختبار الجماعي، لكن الولايات المتحدة ستنفذ اختبار المستضد الذي يستغرق 15 دقيقة وذو أهمية في سياق الفحص الموسع، قائلًا: "علينا أن نكون في غاية الحرص حتى لا يكون الكمال عدواً لما هو مقبول وجيد.. وإذا أردت أن تشعر حقاً بمدى انتشار المرض في مجتمعك، فعليك اتباع مقاربة فيها قدر أكبر من المراقبة".
بالنسبة للقاح، علّق الدكتور فاوتشي قائلاً: "يتم تسييس الكثير من الأمور، لكني أعتقد بأنه يتوجب على الأشخاص حول العالم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، إدراك وجود العديد من إجراءات التحقق الوقائية. لدينا تأكيدات من مفوض إدارة الغذاء والدواء بأن العلم وحده، وليس الاعتبارات السياسية، هو الذي سيتحكم بالقرارات ذات الصلة بالمكونات التنظيمية لاختبارات اللقاح".
وأضاف: "لا أعتقد بأن الإدارة الأمريكية قد فشلت في الاستجابة للعلم. وبصفتي عضواً في فريق العمل، فقد تحدّثتُ دائماً استنادًا على الأدلة الصرفة والعلم، سواء عملوا بناء على ذلك أم لا، فهذا أمر يتعدى قدرتي. ويوجد الكثير من الأخبار في الصحف حول العلاقة المضطربة بيني وبين الرئيس، لكن الواقع خلاف ذلك".
لقد بدأنا بالحصول على معلومات جديد، لذا يتوجب علينا التواضع عند التعامل مع هذا المرض
وتناول الدكتور فاوتشي قضية التفاوت العرقي في مجال الصحة، قائلاً: "هذه حالة مؤسفة بالفعل، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بفيروس كوفيد-19، ولكن كذلك بالأمراض الأخرى. يُشكل الأمريكيون الأفارقة نحو 13% من سكان الولايات المتحدة، لكنهم يشكلون زهاء 40-45% من مجمل الحالات الجديدة للإصابة بالمرض. وهذه الشريحة السكانية مُصابة بشكل مضاعف، حيث أن الوظائف التي يضطلعون بها تضعهم في خط المواجهة الأول لجهة الاختلاط مع الآخرين، لذا فإن احتمال إصابهم أكبر. من الواضح كذلك بأن الأمريكيين الأفارقة يشكون من الحالات المرضية الكامنة بنسبة عالية، على غرار السكري، وارتفاع الضغط، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسمنة، ما يجعل النتائج أخطر. يأتي ذلك نتيجة عقود من المخرجات الصحية على المستوى الاجتماعي. وإذا كانت هنالك ثمة أمل، فهو الذي سيدفعنا إلى ضرورة تصحيح ذلك التفاوت".
وفي تعليق حول احتمالية طول أمد مرض "كوفيد-19"، قال: "لقد بدأنا بالحصول على معلومات جديد، لذا يتوجب علينا التواضع عند التعامل مع هذا المرض، والالتزام بالوقاية منه، من خلال ارتداء الكمامات، وتجنب الحشود، والإبقاء على مسافة آمنة، والاهتمام بالخروج إلى الهواء الطلق، وغسل اليدين، والسعي من أجل الحصول على لقاح.. إننا لا نستطيع أبداً إهمال هذا الأمر".
وشرح الدكتور فاوتشي سبب استمراره في العناية بالمرضى، قائلاً: "إذا سألتموني عن هويتي، التي تجعلني أُدرك ما هو ضروري، وتُعلمني بما يجب أن أُركز عليه، فهي كوني طبيباً. وهذه الهوية تساعدني على فهم تطور المرض، واستيعاب ما يُصيب للمرضى، مما يُلهمني بشكل كبير".
تحدث الدكتور فاوتشي عن وضع جائحة (كوفيد-19) في الولايات المتحدة، والتفاوتات العرقية في مجال الصحة، وآماله في خطوات مستقبلية للتغلب على هذا الوباء.
واختتم بالقول: "أعتقد بأن الجائحة ستنتهي بلقاح آمن وفعّال، سيوزع في نهاية الأمر بشكل واسع حول العالم. ولكن ذلك سيتم بالتوازي مع إجراءات صحية عامة. لا أظن بأن اللقاح سيكون بمستوى فاعلية لقاح الحصبة التي تبلغ 98% بالرغم من أنه فيروس سريع العدوى. لكن يتوجب عليك نشر اللقاح بالتوازي مع إجراءات صحية عامة حتى تكتمل مظلة الحماية حول العالم، وهذا من شأنه أن يستغرق عاماً أو عامين".
"ويش" هي مبادرة من مؤسسة قطر، تسعى لتبني أفضل الأفكار والممارسات المستندة على الأدلة، ونشرها، من أجل إنشاء عالم أكثر صحة من خلال التعاون الدولي. ويشتمل مؤتمر ويش 2020 الافتراضي على أكثر من 100 ندوة و300 متحدث لمناقشة المحتوى القائم على الأدلة والابتكارات التي تتصدى للتحديات الصحية الأكثر إلحاحاً في العالم.