للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
يتحدث الدكتور جورج ميكروس، أستاذ في ماجستير الآداب في العلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية، بجامعة حمد بن خليفة، عن العلوم الإنسانية وعلاقتها بمستقبل الذكاء الاصطناعي
مع تطور التكنولوجيا وتحسينها المستمر بوتيرة سريعة، يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا نوعيًا هائلًا في الطريقة التي ينجز بها الأفراد المهام في حياتهم اليومية. فما كان يستغرق ساعات، يستغرق الآن دقائق، ويتم تنفيذه بأقل جهد ممكن.
تم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي لحلّ التحديات الحقيقية التي يواجهها الأفراد في المجالات التطبيقية المختلفة
يقول الدكتور جورج ميكروس، أستاذ في ماجستير الآداب في العلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية، في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر: "الذكاء الاصطناعي هو جهد واع ومنهجي يبذله الأفراد لتعزيز قدراتهم العقلية والبدنية".
الدكتور جورج ميكروس
تابع: "تم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي لحلّ التحديات الحقيقية التي يواجهها الأفراد في المجالات التطبيقية المختلفة. ويرتبط أداؤها ارتباطًا مباشرًا بنطاق ضيق وتجريد المهمة، ففي التحديات المغلقة المحددة حيث توجد بيانات ضخمة، تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي ما صُممت لأجله".
ووفقًا للدكتور ميكروس، نظرًا لأن مجال التطبيق أصبح أوسع، باتت المهمة عامة على مستوى النطاق بشكل متزايد، وكذلك بيانات التدريب متناثرة، ثم أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي غير قادرة بشكل متزايد على تحقيق المستوى المطلوب من الأداء.
يعتقد الدكتور ميكروس أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يجب أن تستخدم في تطبيقات الحياة الواقعية فقط عندما يتم اختبارها بدقة في ظروف تجريبية متنوعة للغاية وعلى نطاق واسع، حيث يجب أن يكون أدائها كافيًا ومستقرًا حتى عندما تكون البيانات متفرقة ومجزأة.
العلوم الإنسانية هي الجسر الذي يربط العصر الرقمي الجديد بالقيم الأساسية لحضارتنا الإنسانية
أشار الدكتور ميكروس إلى أنه يجب النظر إلى العلوم الإنسانية على أنها غطاء لهذا النظام البيئي التكنولوجي. قائلًا: "العلوم الإنسانية هي الجسر الذي يربط العصر الرقمي الجديد بالقيم الأساسية لحضارتنا الإنسانية. فالمهارات مثل التفكير النقدي، التواصل، التعاطف، اليقظة، المرونة، وصنع القرار والوعي الذاتي يجب أن تكون أساس روحي جديد ستجعل مجتمعاتنا متقدمة تقنيًا وفي نفس الوقت إنسانية بعمق ومستدامة".
وأضاف: "العلوم الإنسانية هي المفتاح للحفاظ على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة الأخرى ضمن حدود المجال البشري. إنها ضرورية لتطوير الأسس العلمية والتكنولوجية للذكاء الاصطناعي التي تعود بالنفع على البشر والإنسانية وفقًا للقيم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية".
ومع اعتقاده القوي بأن العلوم الإنسانية يجب أن تكون جزءًا من أسس الذكاء الاصطناعي، يؤكد الدكتور ميكروس أن العلوم الإنسانية يجب أن توفر خارطة طريق للتطوير المستقبلي للذكاء الاصطناعي، وتمكين التقنيات للأنظمة التي تتلاءم بسلاسة مع البيئات الاجتماعية المعقدة، والتكيف بشكل ديناميكي مع التغييرات في بيئتنا لتمكين الأفراد.
ويشرح قائلاً: "الذكاء الاصطناعي هو مصطلح يغطي العديد من أنواع التقنيات المختلفة التي تهدف إلى إنشاء آلات يمكنها إظهار السلوك الذكي. كأي شكل من أشكال السلوك الذكي، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعي على الطبيعة التطورية للتعلم".
تابع: "نحن نعلم "الآلات" باستخدام المقارنات التي نلتقي بها في عالمنا المادي. نُعرّضهم لكميات كبيرة من البيانات، ونتركهم يكتشفون أنماطًا ذات مغزى. يمكن لأجهزة الكمبيوتر العثور على ارتباطات داخل مجموعات البيانات باستخدام الخوارزميات التي تشابه عمليات التعلم البشرية الطبيعية".
وأشار الدكتور ميكروس إلى أن العقل البشري يقدم وظائف معرفية مجردة ومعقدة للغاية يصعب تكرارها بشكل مصطنع. ولكي يحاكي نظام الذكاء الاصطناعي العقل البشري، يجب أن يطور على الأقل نموذجًا سببيًا للعالم يدعم التفسير والفهم، بدلًا من مجرد حل مشكلات التعرف على الأنماط، فضلًا عن فهم المفاهيم الأساسية والبديهية للفيزياء وعلم النفس وتعلم كيفية التعلم من أجل اكتساب المعرفة وتعميمها على المهام والمواقف الجديدة بسرعة.
يقول: "الذكاء البشري هو نتاج تسعة ملايين سنة من تطور الدماغ وأداة الاتصال الأساسية، لغة النوع الإنساني. إنها قدرة فكرية مصقولة تسمح لنا بالتفكير والتعلم والتكيف مع السياقات الظرفية المختلفة، وفهم المفاهيم المعقدة، وحل المشكلات، وإصدار الأحكام، والتعبير عن المشاعر والعواطف، والتواصل مع الآخرين".
أضاف: "يمكن أن يوفر الذكاء الاصطناعي قدرات تحليلية متقدمة في مجالات استقصاء ضيقة وأن يتفوق على البشر في العديد من المهام المعرفية، بما في ذلك استرجاع المعلومات والألعاب وترابط الأنماط والتعرف على الصور. مع ذلك، فإن تفرد الذكاء البشري يعتمد على العواطف المجردة مثل الوعي الذاتي والعاطفة والتحفيز، التي تُمكّن البشر من إنجاز المهام المعرفية المعقدة بسهولة، وتعلم مهارات جديدة مع عرض محدود لبيانات التدريب الجديدة".
وأشار إلى أن تأثيرات الذكاء الاصطناعي في مجتمعاتنا عميقة بالفعل، قائلًا: "في المستقبل القريب، نتوقع أن يتم تعميم هذا التغيير. سيتم تحويل كل جانب من جوانب هيكلنا الاجتماعي تقريبًا وتكييفه مع البيئة الرقمية الجديدة. كما سيتم تحسين أماكن العمل لدينا من خلال زيادة القدرات البشرية".
تابع: "على سبيل المثال، عندما يتولى الذكاء الاصطناعي مهام متكررة أو خطيرة، فإنه يحرر القوى العاملة البشرية من القيام بالعمل، مما يترك لهم مساحة للعمل في المهام التي تنطوي على الإبداع والتعاطف، من بين الأمور الأخرى.
وفقًا للدكتور جورج مكروس العلوم الإنسانية هي المفتاح للحفاظ على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة الأخرى ضمن حدود المجال البشري. مصدر الصورة: Aaron Chown، عبر موقع REUTERS
يقول الدكتور ميكروس إذا كان الناس يعملون بشكل أكثر جاذبية، قد يزيد ذلك من السعادة والرضا الوظيفي. كما ستتحسن الرعاية الصحية بشكل كبير، مما يقلل التكاليف ويزيد الكفاءة، ويوفر رعاية أفضل للمرضى. كما ستحدث العلاجات الفردية والتشخيصات المتطورة ثورة في خيارات العلاج مما يؤدي إلى نتائج صحية أفضل لعامة الناس.
يقول: "علاوة على ذلك، سيؤدي النقل المستقل إلى تحسين تدفق حركة المرور، وتوفير ساعات من الإنتاجية الضائعة، وتحسين نوعية حياة جميع الركاب، وبعد التحرر من التنقلات المجهدة، سيتمكن الأفراد من قضاء وقتهم بطرق أخرى. كما سيصبح التصدي للجرائم أسهل حيث ستتوفر تقنيات التعرف على الوجه وغيرها من التقنيات المعززة بالذكاء الاصطناعي للوقاية من الجريمة على نطاق واسع، وستصبح إجراءات العدالة لدينا أكثر عدلًا لأن الذكاء الاصطناعي سيساعد القضاة على تطبيق العدالة بطريقة غير منحازة. ويمكن للذكاء الاصطناعي في ظل الإطار التنظيمي المناسب أن يجعل مجتمعاتنا أكثر تماسكًا، ويحد من الصراعات الاجتماعية، ويعزز الروابط المجتمعية".
واختتم قائلًا: "الذكاء الاصطناعي يعني أشياء مختلفة لكل واحد منا، ولكن يمكن للجميع التأكد من أنه لا يمكن التراجع عن التقدم الذي تم إحرازه. لقد تغيّر الذكاء الاصطناعي وسيستمر في تغيير بيئاتنا الافتراضية والمادية بطرق غير متوقعة في بعض الأحيان. ومع ذلك، يقول الدكتور ميكروس: "يجب أن تكون القيم الأساسية للعلوم الإنسانية هي الأساس الذي يجب أن يرتكز عليه كل تقدم إضافي في الذكاء الاصطناعي، ويجب أن نتعلم كيف نتكيف ونحول الذكاء الاصطناعي لخدمة مصالح البشرية".
تابع: "مسؤوليتنا الجماعية هي إدراك أنه لا يمكن استبدال البشر بالتكنولوجيا؛ يجب أن نضمن بدقة كيف سيتقاطع الاثنان ويتشابكان في عالمنا المستقبلي".