للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
تتعاون جامعات المدينة التعليمية لتقديم عدد من البرامج المشتركة والتخصصات الفرعية، بما يتيح للطلاب فرصًا للاستفادة من خبرات الجامعات المجاورة.
عندما فتحت جامعتا نورثوسترن وجورجتاون فرعيهما في دولة قطر، انصب جلّ تركيزهما على تقديم درجات أكاديمية عبر اثنتين من أكثر كلّياتهما شهرة، وهما: كلية ميدل للصحافة، وكلية والش للشؤون الدولية، على التوالي.
في الولايات المتحدة، تبعد كل واحدة من هاتين الكليتين عن الأخرى مئات الكيلومترات، لكنهما في المدينة التعليمية لا تفصل إحداهما عن الأخرى سوى خطوات، حيث تقدمان برامج مشتركة.
بدأ اهتمام الطالب شكيب أسرار بالسياسة عندما كان في سنته الثانية بجامعة نورثوسترن في قطر، واختار أن يدرُسها في الجامعة المجاورة، جامعة جورجتاون في قطر. ولدى تخرّجه في عام 2017، حصل أسرار على شهادة في الصحافة من جامعة نورثوسترن، مضافًا إليها تخصص فرعي في مجال الإعلام والسياسة بالتعاون مع كلية والش للشؤون الدولية التابعة لجامعة جورجتاون.
قال أسرار في هذا الصدد: "أردتُ أن أدرس مقررات تتناول الهياكل الحكومية، وصنع السياسات، والمجال الدبلوماسي عمومًا، على اعتبار أنها قضايا ذات تأثير كبير على وسائل الإعلام في الوقت الراهن. إن تجربة الدراسة بجامعة جورجتاون في وقت أكون فيه طالبًا بجامعة نورثوسترن هي بمثابة تلاقح رائع بين عالمين."
يُعد هذا النهج التعاوني السمة المميزة للمدينة التعليمية ذات الحرم الجامعي الذي تقدّر مساحته بما يزيد على 12 كيلومترًا مربعًا، ويضم فروعًا لست جامعات أمريكية على أعلى طراز، علاوةً على جامعتين أوروبيتين، وجامعة بحثية محلية. فبالإضافة إلى جامعتي جورجتاون ونورثوسترن، أبرمت مؤسسة قطر شراكة مع وايل كورنيل، وكارنيجي ميلون، وتكساس إي أند أم، وفرجينيا كومنولث، وجامعة الدراسات العليا لإدارة الأعمال HEC Paris، وكلية لندن الجامعية، لكي تفتح هذه الجامعات فروعًا لها في المدينة التعليمية.
تحدث عمران الكواري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر الدولية، عن المدينة التعليمية قائلًا: "عندما وضعنا تصورًا للمدينة التعليمية، كانت رؤيتنا ترنو إلى تقديم تعليم عالمي المستوى لأبناء دولة قطر. لكن إنجازات هذا المشروع على مدار الثلاثة والعشرين سنة الماضية تخطّت هدفه الرئيسي؛ ونتج عن ذلك مركز أكاديمي عالمي يوفّر فرصًا ومبادرات لا مثيل لها. وها هي الدوحة الآن تشهد جهودًا تعاونية بين أفضل المؤسسات في العالم".
تقع الجامعات التسع الآن على بعد خطوات بعضها من بعض، في مدينة تعليمية واحدة تضم أكثر من 3 آلاف طالب، وتتنوع برامجها ما بين المرحلة الجامعية الأولى إلى مرحلة ما بعد الدكتوراه، وتتنوع المجالات التي تقدّمها بين الإعلام، والشؤون الدولية، وإدارة الأعمال، وعلوم الحاسوب، والطب، والهندسة، والفنون. كما أن المناهج الدراسية التي تُدرّس في الدوحة متطابقة مع تلك المعتمدة بالجامعات الأم، وتتمتع بنفس الدقة الأكاديمية والسمعة والأعراف المواكبة للعملية التعليمية.
الطلاب الأكثر انجذابًا إلى البرنامج هم الذين يثمّنون الجمع بين مختلف التخصصات أو يحرصون على خوض تجارب تعليمية خارج النطاق الأكاديمي العادي. هم يحرصون على امتلاك أساس متين في العلوم السياسية، ويدركون أيضًا الأهمية التي تحظى بها وسائل الإعلام والتواصل في أي مهنة سيمارسونها في نهاية المطاف، الأمر الذي يشجعهم على السعي لاستغلال ذلك على النحو الأمثل.
أضاف الكواري قائلًا: "تدير كل جامعة من الجامعات شؤونها بشكل مستقل تمامًا، وتتمتع بالصلاحيات الكاملة والحرية الأكاديمية المطلقة من حيث مناهجها والتحاق طلابها وتعيين موظفيها وأعضاء هيئة التدريس فيها. وتزود مؤسسة قطر الجامعات بالموارد اللازمة، انطلاقًا من كونها مركزًا للمعرفة في المنطقة يضع التميز الأكاديمي على رأس أولوياته. ولا يزال هذا المسار مثمرًا للغاية."
كانت القطرية هند الذوادي من بين الطلاب الذين أكملوا تخصصًا فرعيًا إلى جانب التخرّج في جامعة نورثوسترن في قطر، وقد أشارت إلى الدور الذي أسهمت به المدينة التعليمية لتتيح لها فرصة التعبير عن نفسها بشكل كامل، قائلةً: "لطالما شغفتُ بوسائل الإعلام العربية، فأنا عادةً أحب المناظرات والنقاشات ذات الصلة بالأنظمة السياسية وجوانبها الثقافية والاجتماعية"، موضحةً أنها "حققت أقصى استفادة" من الدراسة في مجال السياسة بجامعة جورجتاون مع كونها طالبةً في جامعة نورثوسترن.
تمحور التخصص الفرعي لهند الذوادي حول دراسة المجتمع من منظور اجتماعي وثقافي، وهو اهتمام تطور لاحقًا ليصبح موضوع أطروحتها حول دور محبي الموضة في تغيير بعض ملامح المجتمع القطري. وتعمل هند الذوادي حاليًا في مجالي الاتصالات والعلامات التجارية لدى سكك الحديد القطرية "الريل"، حيث قالت إن معرفتها بمختلف الأطياف الاجتماعية والثقافية ساعدتها كثيرًا في التعامل مع مختلف الفئات.
أوضح محمد زياني، الأستاذ المشارك في النظريات الناقدة ومدير برنامج شهادة الإعلام والسياسة بجامعة جورجتاون في قطر ومؤلف الكتاب الحائز على جوائز "Networked Publics and Digital Contention"، قائلًا: "الطلاب الأكثر انجذابًا إلى البرنامج هم الذين يثمّنون الجمع بين مختلف التخصصات أو يحرصون على خوض تجارب تعليمية خارج النطاق الأكاديمي العادي. هم يحرصون على امتلاك أساس متين في العلوم السياسية، ويدركون أيضًا الأهمية التي تحظى بها وسائل الإعلام والتواصل في أي مهنة سيمارسونها في نهاية المطاف، الأمر الذي يجعلهم يسعون إلى استغلال ذلك على النحو الأمثل".
لا تقتصر ميزة التسجيل المتوازي في التخصصات الفرعية على جامعات المدينة التعليمية، فهناك جامعات عديدة مثل هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تتيح فرصًا مماثلة، إلا أن قرب هذه المؤسسات بعضها من بعض داخل دولة قطر يزيد التفاعل بين طلاب الجامعات المختلفة، كما يساعد المستشارين الأكاديميين في عقد اجتماعات منتظمة لضمان المواءمة بين البرامج.
ومن جهته، قال سكوت كيرتس، مدير برنامج الاتصال والأستاذ المساعد بجامعة نورثوسترن في قطر: "إن البيئة التي توفّرها المدينة التعليمية توفّر لنا فرصًا جيدة للعمل مع الجامعات الأخرى، وتمكّننا من التعاون لبناء برامج مفيدة لطلابنا. وبخصوص الشراكة مع جامعة نورثوسترن في قطر، حصلنا بالفعل على الضوء الأخضر من جامعتنا الأم في إيفانستون، ويتوقعون منا أن نكون مبتكرين ومبادرين في أساليب التدريس، في ضوء أن جامعة نورثوسترن في قطر تتقاسم أوجه تشابه أكثر مع نظيرتها جورجتاون في قطر مقارنةً بالجامعات الأخرى في المدينة التعليمية. كلا الجامعتين تتقاسمان نهجًا اجتماعيًا علميًا وإنسانيًا مشتركًا وتتبنيان توجهات مستقبلية متشابهة".
أكّد الأستاذ الزياني أن برنامج شهادة الإعلام والسياسة يحفّز الجامعات الأخرى بالمدينة التعليمية على تقديم برامج مشتركة مشابهة، كما يؤثر بشكل إيجابي على بحوث الطلاب وأعضاء هيئات التدريس.
ونوّه قائلًا: "ساعد برنامج شهادة الإعلام والسياسة منذ إطلاقه في تضافر الجهود بشأن البحوث الواعدة بين أعضاء هيئة التدريس والباحثين في جامعتي جورجتاون ونورثوسترن، مسهمًا بذلك في إتاحة فرص رائعة لإجراء البحوث التعاونية عالية التأثير".
ومن أجل مشروع السنة الأخيرة الذي يستلزمه البرنامج المشترك، بحث شكيب أسرار، خريج البرنامج، موضوع التضخيم الإعلامي في صناعة البث التلفزيوني في باكستان، حيث ربطت أطروحته بين التضخيم الإعلامي وإلغاء الضوابط التنظيمية في وسائل الإعلام من قبل الحكومة الباكستانية.
قال أسرار: "أعتزم العودة يومًا ما إلى باكستان لممارسة نشاط إعلامي؛ لذا من المهم بالنسبة لي استيعاب القضايا والتحديات المشتركة المتعلقة بوسائل الإعلام في وطني الأم، لا سيّما وأن خبرة أعضاء هيئة التدريس في كلا الجامعتين ساعدتني في بلورة تحليل ناقد لوسائل الإعلام في باكستان"، لافتًا إلى أنه "بات على دراية بالموضوع على نحو أكثر نضجًا من ذي قبل".