بمجال تجد فيه إجابة واحدة لكل سؤال، ما الذي يمكن أن يحقّقه العمل الجماعي؟

أمضى طلاب من أكاديمية قطر - الدوحة، هم حصة الهتمي وكلو هويلر وهانا هويلر وروضة الأصمخ، المرحلة الأخيرة من تعليمهم الأساسي بتمثيل دولة قطر في المسابقة الدولية للرياضيات "ECIS 2018".

وخلال الفترة التي سبقت الإعلان عن مشاركتهم في هذه الفعالية الدولية السنوية، كانت مسائل الرياضيات بالنسبة لهم مقتصرة على مجرد السعي وراء الإجابات الصحيحة. لكن الأمور تغيرت في الفترة من 3 إلى 6 مايو 2018، عندما واجه هؤلاء الطلاب 25 فريقًا طلابيًا من أربع قارات، في مسابقة احتضنتها مدينة ستوكهولم بالسويد لمدة ثلاثة أيام.

هل كان سعيهم وراء الصواب هو السبب في أن حالفهم الحظ في تحدي أفضل وألمع طلاب الرياضيات بالصف الخامس في العالم؟

ترى حصة الهتمي خلاف ذلك، إذ أوضحت قائلةً: "تعلمتُ أن الإجابات ربما تختلف من شخص لآخر، وأن إسهامات كل واحد منّا قد تختلف عن إسهامات غيره. فلربما تعتقد أن الصواب كله لديك أنت، وأن هذا هو كل ما في الأمر؛ لكنك عندما تتحدث مع الآخرين تتعلم استراتيجيات جديدة".

ما قالته حصة الهتمي صحيح، ليس لأن التحديات الرياضية الفردية، التي تختبر قدرات الطلاب العقلية بشكل مستقل، قد تبدو غير مهمة نسبيًا في المسابقات الجماعية، وإنما لأن التقييمات الفردية لا تحدث في الواقع بشكل منعزل، بل تحدث دائمًا ضمن مجموعة من الطلاب الآخرين الذين يتم اختبارهم أيضًا بشكل فردي.

ومن أجل أداء أفضل، يحتاج المرء ليس فقط إلى معرفة الجواب الصحيح، بل عليه أيضًا استيعاب كيف يفكّر المتنافسون الآخرون لكي يتغلّب عليهم.

هذا الأمر له أهمية قصوى في المسابقات والألعاب الجماعية، التي غالبًا ما يكون لها النصيب الأكبر في أنشطة هذه الفعالية. ففي حين أن طبيعة التحديات التي تُطرح في هذه المسابقة الدولية تختلف من سنة إلى أخرى، إلا أنها عادة ما تتضمن فقرة "درب الرياضيات"، حيث يجري استخدام متحف أو مكان عام لأهداف ذات صلة بهذه المادة العلمية، علاوةً على يوم استقصائي يخصص لحل المسائل الرياضية، وكذلك "تحدي الإنشاء" الذي يقتضي من الطلاب بناء مجسم محدد خلال 60 دقيقة.

إن تحقيق النجاح في هذه التحديات الجماعية يتطلب بالضرورة امتلاك معرفة أساسية بالعمل الجماعي، مع أن العمل الجماعي عنصر لا يرتبط عادة بهذا المجال الذي يعد أكثر المجالات صعوبة بالنسبة للطلاب. ومن منطلق أن هؤلاء الطلاب هم المسؤولون عن إيجاد حلول لمشكلات المستقبل، يتم تدريبهم على عدم القنوع بمجرد الوصول للإجابة الصحيحة، لأن الواقع كثيرًا ما يتطلب منهم معرفة سبب صحتها من خلال مقارنتها بأجوبة أخرى غير صالحة.

وفي سياق تسهيل الاستراتيجيات الرامية إلى تطوير مشروعات مجتمعية تروم تحقيق الصالح العام، تقتضي هذه الفعاليات من الطلاب أن يكون لديهم بعض الخبرة في العمل ضمن فريق.

وفي هذا الصدد، قالت مليسا وودز، مدربة الفريق ومعلمة بأكاديمية قطر - الدوحة: "خلال اختيار الفريق الحالي، المكون جميعه من طلاب أكاديمية قطر - الدوحة، قمنا بتقييم الدرجات الفردية لكل طالب، وكذا سلوكه عندما يكون ضمن فريق، ومدى تحليه بما يقتضيه الأمر من مثابرة".

أما سينثيا بولتون، مدربة الفريق الآخر، فترى أن الفعالية مثال جيد على ما تقوم به مؤسسة قطر لتمكين الطلاب من إظهار قدراتهم وتعلّم قيمة التحديات المعتمدة على الفريق.

قالت سينثيا: "تمهد هذه المسابقات الطريق أمام الطلاب ليكونوا ناجحين معًا، ويطوروا علاقات صداقة ربما لم تكن متاحة لهم من قبل. من الرائع أن نرى التآلف بين هؤلاء الطلاب وهم يتنافسون ضمن فريق واحد مدفوعين بشغفهم الجماعي بالرياضيات".