إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
23 September 2020

بلسان حالها: أريد أن أروي قصصًا لأطفالي بلغة جدتي

مشاركة

مصدر الصورة: Juan Ci، عبر موقع Shutterstock

تتحدث طالبة في مؤسسة قطر، شيخة الكبيسي، عن شغفها باللغة العربية الفصحى منذ الطفولة وكيف تمسكت بها في حياتها اليومية وخلال مسارها الأكاديمي

في طفولتي، كانت والدتي تقص عليّ حكاية " ليلى والذئب" باللغة نفسها التي سمعَتها هي من جدتي عندما كانت في مثل سني، مكتبتنا كانت تمتلئ بالقصص المصورة، وجميعها باللغة التي تنتمي إليها أسرتي، وهي: اللغة العربية.

في طفولتي، كنت أصغي بلهفة إلى كل حرف من الحروف العربية، فاكتشفت العالم من خلالها، ودفعني فضولي للمعرفة نحو المزيد من القراءة، إلى أن باتت هذه اللغة عالمي.

حين كبرت قليلًا، ألحقتني أسرتي بمدرسة حكومية تعتمد اللغتين العربية والانجليزية في مناهجها، مع إعطاء الأولوية للغة الأم. كنت أتعلم وأقرأ وأصغي بلهفة إلى كل حرف من الحروف العربية، اكتشفت العالم من خلالها، ودفعني فضولي للمعرفة نحو المزيد من القراءة، فكان والدي يصحبني باستمرار إلى معارض الكتب، والمكتبات العامة، حيث كنت أمكث لفترة طويلة، دون ملل، إلى أن باتت هذه اللغة عالمي، وشغفي.

شيخة الكبيسي

لاحقًا، شكل ذلك الشغف مسارًا خاصًا بي، فهو الذي دفعني لأن أشارك في المسرحيات خلال المرحلة الابتدائية، ولا أنسى كيف صفق الجمهور لي، حين قدمت عرضًا باللغة الفصحى، والزي القطري في مسرحية أمام جمهور معرض الدوحة الدولي للكتاب، وكيف كنت أتسلم الأدوار القيادية في المرحلة الإعدادية والثانوية.

على مستوى المدرسة، كنتُ أقدم الطابور الصباحي، وعلى مستوى الدولة، شاركت في دورات الإلقاء في مكتبة قطر الوطنية، وأمام شخصيات رسمية وأكاديمية مهمة، كنت ألقي كلمات ترحيب وخطابات، حيث تم ترشيحي لتقديم حفل البحث العلمي السنوي لوزارة التعليم والتعليم العالي لعام 2017.

لن أروي لأطفالي حكايا ما قبل النوم بأي لغة أخرى. أريد أن أتحدث إليهم بصوت والدتي وجدتي

كان التحدي الأكبر في التحدث أمام العامة، يكمن في النطق الصحيح للحركات الإعرابية في اللغة العربية التي يمكن لأي خطأ صغير أن يغير معنى الجملة بأكملها.

كنت أتدرب باستمرار، حتى لو اضطرني ذلك أن أظل ساهرة في غرفتي طوال الليل إلى حين أنجح في نطق الكلمات. وفي يوم التقديم، كنت ألقي فقرتي كاملة دون أخطاء، وهو ما كان يزيد ثقتي بنفسي، ويشكل لي حافزًا أكبر بأن أبدع أكثر.

عندما أصبحت طالبة في جامعة نورثويسترن في قطر، الجامعة الشريكة لمؤسسة قطر في العام 2018، لاحظتُ أن أغلب أفراد مجتمعها يتحدث بالإنجليزية بسبب المناهج المتبعة والتنوع الثقافي للمدينة التعليمية، فتساءلت:" هل سأنجح في التشبث بلغتي الأم في الحياة الجامعية اليومية والتحدث بالإنجليزية؟

ليس من السهل اليوم على جيل الشباب إجراء محادثة ما دون أن تتداخل اللغتين العربية والانجليزية، مما يؤثر على اللغة الأم ويضعفها، وقد يؤدي ذلك إلى ضياع ثقافتنا وديننا وتاريخنا.

قلت في نفسي، هذا هو التحدي الثاني، وسوف أنجح في تجاوزه.

يظن البعض أنك كطالب في مؤسسة قطر، لا بد أن تتحدث باللغة الأجنبية، وأنك لو تحدثت بالعربية فهذا دليل على نقص مهاراتك اللغوية، لكن هذا ليس صحيحًا

خلال محادثاتنا أنا وزميلاتي العربيات، قررتُ أنه عليّ أن أفكر جيدًا قبل أن أتكلم، بحيث أحرص على التحدث بالعربية فقط بغض النظر عن اللغة التي يوجه بها الآخرون كلامهم إليّ، كان الأمر أشبه بالتمرين الذاتي.

يظن البعض أنك كطالب في مؤسسة قطر، لا بد أن تتحدث باللغة الأجنبية، وأنك لو تحدثت بالعربية في حرم أكاديمي مرموق، فهذا دليل على نقص مهاراتك اللغوية، لكن هذا ليس صحيحًا.

في جامعة نورثويسترن قطر، يمكن لجميع الطلاب بأن يتقنوا ويبرعوا باللغة العربية الفصحى، وذلك من خلال الأنشطة الداخلية التي تقام بالجامعة، وبرامج التطوع والتعاون مع مؤسسات تعليمية خارج مؤسسة قطر لتقديم ندوات باللغة العربية وغيرها.

تتيح مؤسسة قطر، ليس لمجتمع المدينة التعليمية وحسب، بل لكافة أفراد المجتمع الأوسع، فرصة تعزيز لغتهم العربية من خلال مبادرات عديدة.

على سبيل المثال، إطلاق مبادرة " TED بالعربي"، لقد اعتدنا أن نستمع إلى نقاشات عبر منصات عالمية باللغة الانجليزية، لكن هذه المنصة تتيح للمبتكرين والمؤثرين أن يناقشوا مواضيع قيّمة بالعربية.

أن نتحدث بلغتنا الأم عن تجاربنا وخبراتنا، وأن نجد فرصة لإيصال ما نريد قوله للعالم، هو أمرٌ رائع، ونحن نأمل أن تصل مبادرة" TED بالعربي" إلى أكبر عدد ممكن من الشباب العربي، من أجل تحفيزهم على الابتكار والتفكير بلغتهم الأم.

تؤكد شيخة أن مبادرة TED بالعربي تمكن الشباب العربي من التواصل مع العالم بلغتهم الأم.

من قال إن العربية هي لغة معقدة ولا تواكب العصر هو مخطئ، ومن يتباهى بأن أطفاله لا يتحدثون سوى باللغات الأجنبية إنما يخلق حاجزًا بينهم وبين ثقافتهم وهويتهم، فاللغة هي الهوية، وضياعها يعني أن ننسى إلى أين ننتمي!

يمكن لأطفالنا أن يتفوقوا ويتألقوا في مجال العلوم، وهم يقرأون كتبًا لابن سينا، ابن رشد، الخوارزمي، وغيرهم.

يمكن لأبنائنا أن يدرسوا في أرقى جامعات العالم ويتواصلوا مع أكاديميين وخبراء من مختلف البلدان، وعندما يعودون إلى بيئتهم الأصلية، يتحدثون بكل فخر بلغتهم الأم.

لن تحظى أي لغة في العالم بشغفي بالعربية. إنها هويتي التي سأنقلها إلى أطفالي.

لن أروي لأطفالي حكايا ما قبل النوم بأي لغة أخرى حتى لو أتقنوا خمس لغات. أريد أن أتحدث إليهم بصوت والدتي وجدتي، لهم، لأنه صوتنا الذي نريده مؤثرًا وحيًا، كي لا يندثر أبدًا.

شيخة الكبيسي طالبة صحافة انضمت لجامعة نورثويسترن في قطر في العام 2018، يكمن شغفها في عدة مجالات مثل صحافة الفيديو، الأفلام الوثائقية، التدوين الصوتي، الإلقاء في المحافل الرسمية، التطوع في مجالات عدة، ترأست المجلس الطلابي في المدرسة لعام 2016-2017، حصلت على المراكز الأولى في عدة أبحاث علمية، وتطمح لإظهار التنوع الثقافي والعلمي في قطر.

قصص ذات صلة