إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
27 January 2021

بلسان حالها: أثر فيروس كوفيد-19 في تقديرنا لقيمة الفن

مشاركة

مركز الفنون في مطافئ الدوحة، مع عمل فني خارجي كُتب عليه "رب ضارة نافعة".

مروة أحمد، عضو فريق الاتصال الداخلي في مؤسسة قطر، تلقي الضوء على تجربتها في الحصول على درجة الماجستير أثناء تفشي الوباء، ضمن آخر دفعة تتخرج في كلية لندن الجامعية في قطر

في ظل الموازنة بين العمل عن بعد وإعداد الأبحاث وكتابة أطروحة الماجستير وحضور الوحدات الدراسية عبر الإنترنت، كانت السنة الماضية بمثابة رياضة شاقة أكثر من كونها برنامجًا دراسيًا. لكن في النهاية تمكنت من الحصول خلالها على درجة الماجستير في المتاحف والمعارض من كلية لندن الجامعية في قطر ضمن دفعة خريجي 2020 وهي الدفعة الأخيرة للكلية باعتبارها جامعة شريكة لمؤسسة قطر – وكانت هذه الخطوة أهم إنجاز تحقق في حياتي. ومع قرب انتهاء سنة 2020 وبداية 2021 أمعنت النظر في رحلتي الأكاديمية خلال فترة تفشي الوباء، وتفكرت في أثر الجامعة على اهتماماتي الحياتية ودورها على ساحة الفن والمتاحف المزدهرة في قطر.

مع قرب انتهاء سنة 2020 وبداية 2021 أمعنت النظر في رحلتي الأكاديمية خلال فترة تفشي الوباء

مروة أحمد

وأثناء فترة الحظر والإغلاق التي مرت بها البلاد كانت أمامي مهمة صعبة في الموازنة بين الأدوار المختلفة التي أشغلها مع السعي في الوقت ذاته إلى تطوير مهارة إدارة الوقت وغيرها من مهارات التكيف المناسبة. وتم تقسيم الوقت على مدار اليوم، وخاصة الوقت الذي أجلس فيه أمام الشاشات، ولم يقتصر هدفي من ذلك على العمل المنتج وإنما العناية كذلك بالصحة النفسية.

وكان العثور على أنشطة تكيفية مناسبة تركز على العاطفة والمشاعر أمرًا ضروريًا بالنسبة لي، ومن أمثلة هذه الأنشطة ممارسة التمارين الرياضية في المدينة التعليمية. ورغم أني تمنيت التواجد مع أسرتي في هذه الفترة العصيبة، إلا أني حظيت بالسلامة والرعاية أثناء فترة الحظر والإقامة في المدينة التعليمية، وهو الأمر الذي خفف عني كثيرًا من التوتر والقلق.

مروة أحمد (على يمين) خلال محاضرة لدرجة الماجستير في كلية لندن الجامعية قطر.

في ظل غياب التفاعل مع الناس، فإن فترة الإغلاق والحظر قد أذابت الحدود الفاصلة بين الواقع الفعلي والعالم الافتراضي. وتعد المتاحف، مثلها مثل منصات التواصل الاجتماعي، شكلاً مجردًا من أشكال التواصل. وتنطوي على العديد من الأبحاث التي تهدف إلى توصيل الأفكار بطريقة إبداعية أو إثرائية.

في ظل غياب التفاعل مع الناس، فإن فترة الإغلاق والحظر قد أذابت الحدود الفاصلة بين الواقع الفعلي والعالم الافتراضي

مروة أحمد

وخلال الفصل الدراسي الأخير كانت الثقافة الرقمية والتراث من أهم الموضوعات في الحلقات الدراسية على الإنترنت، وبالطبع جاءت مواكبة للظروف القائمة. وقد رأينا العديد من المتاحف في قطر والعالم كله تغلق أبوابها، وتتحول إلى المنصات الرقمية، وتعرض مقتنياتها لقطاع أكبر من الجماهير على الصعيد العالمي. ولا يمكن أن نتجاهل حقيقة أن المتاحف الإلكترونية تختلف تمامًا عن التجربة الفريدة لزيارة متحف والتفاعل الحقيقي مع التحف الفنية لا مجرد المشاهدة عبر الصور والكاميرات. ولا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي تحمل كميات هائلة من المحتوى يمكنها أن تشتت انتباه المشاهد وتصرفه عن التأمل والتدبر في القطع الفنية أو التحف القديمة.

وأعتقد بشكل شخصي أن الحيز المادي الفعلي للمتحف صار أكثر أهمية من قبل. وأنا من الأشخاص الذين يفضلون السفر إلى دولة ما أو مدينة لزيارة متحف محدد والوقوف على محتوياته. وتواجدي داخل المتحف يمنحني الفرصة للانفصال عن العالم الخارجي والاستغراق كليًافي العمل الفني أو العيش مع هذه اللحظة التاريخية بكل جوارحي، وهو شعور لا يمكن أن يمنحني إياه أي جهاز تقني. وكلي أمل أن يظل العالم بعد انجلاء وباء كوفيد وتظل الأجيال القادمة مهتمة بالمتاحف ومدركة لقيمتها والحاجة إليها جنبًا إلى جنب مع هذا التوسع الافتراضي الجديد.

منطقة ألسكن الطلابي في مؤسسة قطر كانت منطقة الحجر الصحي لمروة أحمد أثناء دراستها.

سجلت خلال الفصل الدراسي الأخير في وحدة دراسية لتحديد المستوى حيث يُطلب منا اكتساب خبرة فعلية ورؤية خلال برنامج تدريب عملي لمدة 20 يومًا في مؤسسة ثقافية من اختيارنا. وكانت اهتماماتي الدراسية في هذا الوقت تنصب بشكل كبير على سياسات التراث الثقافي وأخلاقياته والقوانين المنظمة له، ولحسن الحظ حصلت على فرصة تدريب عملي في المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية في المكتب الإقليمي في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة. وأنجزت عملي على أكمل وجه لأن المشروع الذي أوكل إليّ في هذا المركز يتصل اتصالاً وثيقًا بأطروحتي للماجستير، التي ركزت على أهمية المتاحف المجتمعية في السودان.

ورغم أني لم أتمكن من السفر لحضور التدريب العملي إلا أني ممتنة جدًا لكل هذه الفرص التي قدمتها كلية لندن الجامعية في قطر لي ولزملائي، التي تزودنا بالعلم والخبرة وتعدّ رواد الثقافة في المستقبل من خلال برامجها التعليمية لمرحلة الدراسات العليا والدكتوراه. وكان الحرم الجامعي لكلية لندن في قطر بمثابة فرصة لمن يعيشون فيه وكذلك فرصة لجموع الطلاب الدوليين الملتحقين بالكلية للحصول على عدد من الدرجات العلمية الفريدة من نوعها التي تبرز أهمية المتاحف والمكتبات والتراث الثقافي. ويتجلى هذا على وجه الخصوص في هذه المنطقة من العالم حيث يوجد قدر كبير من الفن التاريخي يمكن دراسته والتعرف عليه، من ذلك الأعمال الفنية التاريخية أو الحديثة أو أعمال الفن التجريبي.

متاحف مشيرب

ورغم أن كلية لندن الجامعية في قطر قد أنهت أعمالها هنا، إلا أن أثرها والشراكات المبرمة في مجال البحوث سوف تواصل تأثيرها في الساحة التراثية الثقافية في قطر، وهي واحدة من الأولويات الوطنية للبلاد. وقد قطعت المتاحف والمشهد الفني في قطر مشوارًا طويلاً في دعم التراث الثقافي والفنون، بداية من متحف قطر الوطني، ومتحف الفن الإسلامي الشهير، والمتحف العربي للفن الحديث وهو أول متحف من نوعه. كما أصبح مشروع مشيرب قلب الدوحة وجهة نابضة بالحياة لعشاق الفن والمعارض الفنية تسلط الضوء على مجموعة من الأعمال الفنية المميزة لفنانين محليين أو مقيمين على أرض قطر.

خلال قرابة عام من العزلة الشخصية والتباعد الاجتماعي تنامى لديّ تقدير جديد للمتاحف والمواقع التراثية الثقافية في أنحاء البلاد

مروة أحمد 

ومن خلال قرابة عام من العزلة الشخصية والتباعد الاجتماعي تنامى لديّ تقدير جديد للمتاحف والمواقع التراثية الثقافية في أنحاء البلاد. وبالنسبة للعائلات والمغتربين الذين لم تسمح لهم الظروف بالسفر خارج الدوحة، فقد أصبحوا سائحين محليين يترددون على المعارض الفنية سواء لمشاهدة أعمال استوديوهات بيكاسو في معرض مطافئ بالدوحة أو يمتعون أنظارهم بالمقتنيات الرائعة للشيخ سعود آل ثاني في متحف الفن الإسلامي. وبالنسبة للراغبين في الحصول على تجربة رائعة في الهواء الطلق فيمكنهم زيارة الزبارة، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في زكريت أو الاستمتاع بالعمل الفني شرق-غرب/ غرب-شرق لريتشارد سيرا في الصحراء. وباتت معروضات الأعمال الفنية العامة أكثر انتشارًا وظهورًا، كما أن جداريات الشارع باتت هي الأخرى تضفي لمسة إيجابية على شوارع الدوحة، وصار بإمكان الفنانين التعبير عن إبداعهم وثقافتهم وقصصهم الرائعة.

متحف الفن الإسلامي

ومع تنامي المشهد الفني في الدوحة، تزايدت شعبية المتاحف وإقبال الناس عليها، فقدمت للمقيمين والسائحين المتعة الترفيهية فضلاً عن التجربة التعليمية. وتعتزم المنطقة تشجيع الفن والأعمال الفنية ودعم المواهب الفنية المحلية في إطار الأهداف الاستراتيجية للتنمية الثقافية وتوفير الفرص الاقتصادية. ولديّ إيمان جازم بأن الفن بمختلف صوره هو أهم ما يمكن إنتاجه أو تجربته بفضل قدرته على جمعنا وتحقيق التواصل فيما بيننا في فترات العزلة العصيبة.

قصص ذات صلة