للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
ديفيد ويليام جيبسون، مدير مؤسسة آرت أومي "Art Omi" لرعاية الكُتاب، ، يتحدث عن الشراكة التي تجمع بين مؤسسته ودار جامعة حمد بن خليفة للنشر للعام الثاني على التوالي، والتي تقتضي رعاية أحد الكُتّاب العرب في برنامج إقامة مدته شهر كامل في مدينة نيويورك
كنت في طالبًا في الكلية حين سمعت لأول مرة عن "نُزل" مخصص للكُتّاب، ولم يسعني حينذاك إلا أن أُطرق برأسي كغيري من طلاب دفعتي، مع إنني لم يكن لديّ أدنى فكرة عما يتحدث مُحاضرنا آنذاك. وأعتقد أن الكلمة الوحيدة التي علِقت بذهني هي "النُزل"، ذلك المكان الذي تقيم فيه وتتخذه منزلًا، لكن الكلمة نفسها أصابتني بالحيرة، إذ إنها توحي بشيء طويل الأمد إن لم يكن دائمًا.
ما المقصود ببرنامج إقامة الكُتّاب؟ هذا السؤال لا يقتصر على طريقة إدارة البرنامج على وجه التحديد، بل يشمل كذلك ما يستفيده الكاتب منه؛ وهو سؤال سهل ممتنع، بسيط في طرحه، مستعصٍ في إجابته التي تزداد صعوبةً في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي ضربت العالم مؤخرًا.
في عام 2005، توليتُ إدارة برنامج إقامة الكُتاب في مؤسسة آرت أومي "Art Omi" غير الربحية، والتي يقع مقرها في وادي نهر هدسون فالي الذي يبعد ساعتين عن مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، على مساحة 300 فدان، ويشتمل على متنزه لفن النحت ومعرض فني ومقهى. وفي مكان قاصٍ منه بأعلى التل، لا يصل إليه إلا القليل من الناس، تجد مجموعة أكواخ وبيت ريفي مُجدد يعود إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر.
مجموعة من الكُتاب في برنامج آرت أومي للكُتّاب، موسم خريف 2020، أثناء تجمعهم في رواق "ليديج هاوس" بصحبة نائبة مدير برنامج آرت أومي للكُتّاب، كارول فريدريك، يرتدي جميعهم الكمامات.
في هذا المكان تحديدًا، يُقام برنامج الإقامة خلال أشهر الصيف الدافئة، حيث ينتفع به كل فرع من فروع الفن والأدب لفترة محددة، فيقصده الموهوبون في الفنون المرئية خلال شهر يونيو، والراقصون في يوليو، والموسيقيون في أغسطس، أما الكُتّاب فيحضرون البرامج الأخرى خلال فصلي الربيع والخريف.
في كل عام، نوجّه الدعوة إلى الكُتّاب في كل أنحاء العالم للتقديم على الإقامة في الأكواخ التي أعددناها خصيصًا لهم. فيأتي معظمهم للإقامة أربعة أسابيع. ويستوعب المكان عشرة كُتّاب في آنٍ واحد، لكلٍ منهم غرفة منفصلة، بها مساحة مخصصة للعمل، مع مطبخ مشترك مجهز بالكامل. وتُقدم لهم وجبات عشاء مُعدّة لهم في مكانٍ يلتقون فيه لمرة واحدة في اليوم، مع إمكانية التجول بحرية في حقول تبلغ مساحتها مئات الأفدنة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل ننظم بعض البرامج مثل جلسات قراءة، ودعوة محرري الكُتب ووكلاء النشر لزيارة المقر من مدينة نيويورك، بما لا يعيق الهدف الرئيسي المتمثل في إعطاء كل شخص الزمان والمكان الملائمين للتركيز فيما يبدع من أعمال.
دعوتنا إذًا موجّهة للكُتاب المشتغلين بأي فرع من فروع الكتابة ومن ضمنها الكتابات الأدبية والشعر والسيناريو والترجمة وكل ما بين هذا وذاك. ويأتي معظم المقيمين لدينا من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، لأن رسالتنا هي إذابة الاختلافات في بوتقة واحدة عالمية تضم مختلف اللغات والثقافات وفروع الأدب. ولا نطلب منهم إتقان الإنجليزية إلا بقدر يكفي للمحادثات القصيرة، غير أن هذا الشرط لا يُفرض بصرامة؛ نظرًا لأن هدفنا فوق كل شيء يشمل الخروج عن هيمنة اللغة الإنجليزية على الثقافات.
لقد تشرفنا في العام الماضي بعقد شراكة مع دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، ينضم على إثرها أحد الكُتاب من العالم العربي إلى برنامجنا. وهذا النوع من الشراكات يساهم بشكل أساسي في تأكيد وصول رسالة مؤسستنا إلى أكبر عدد ممكن من المرشحين في أنحاء العالم.
الكاتب ماكس لوب، يقرأ كتابًا على الحضور أثناء الفعالية السنوية التي تتضمن جلسة قراءة وحفل شواء ضمن برنامج آرت أومي للكُتّاب، في 28 سبتمبر 2019، والمُقامة في مركز "بيننسون" بنُزل آرت أومي.
وقد عملنا على تعديل نسخة العام المقبل من البرنامج بحيث تراعي كافة تدابير السفر والسلامة التي تنص عليها ولاية نيويورك. ووضعنا متطلبات السلامة لدينا بالتعاون مع مسؤولي الرعاية الصحية في المقاطعة.
وكم سعدنا أن نجد على الرغم من كل هذه التحديات مدى استعداد دار جامعة حمد بن خليفة للنشر للمضي قدمًا في هذا التعاون المثمر بيننا بمجرد أن تسمح الظروف بذلك في العام الجديد. ويحدونا الأمل باستقبال الكاتب المترشح برعاية دار النشر في عام 2021، متى كانت "آرت أومي" قادرةً على الوفاء بما تتعهد بتقديمه لكل كاتب من الكُتاب على الدوام.
ثمة عدد من الأسئلة دون جواب حتى الآن حول المستقبل القريب لنُزل إقامة المبدعين، وجميعها يدور في فلك سؤالي الأول وهو: ما الفكرة الحقيقية التي تقوم عليها هذه البرامج؟ وكانت وجهة نظري حيال ذلك تتلخص في أننا في آرت أومي نؤدي دورنا الذي نضطلع به لأننا على قناعة بأن الكتابة الناجحة تتطلب وقتًا. وليس أي وقت فحسب، بل هو نمط وحيد للوقت؛ وتحديدًا الوقت المدعوم بالكامل، والمكرس بالكامل للكتابة بعيدًا عن أي مشتتات.
وأيًا كانت ملامح المستقبل القادم، لديّ يقين بأن مَعين نُزل إقامة المبدعين لن ينضب. والسر في هذا اليقين لا يرجع إلى مجرد وجودها في عالمنا بشكل رسمي لأكثر من قرن كامل ، بل لأنها كانت موجودة بشكل غير رسمي طوال حقبة تاريخنا الحديث.
مجموعة من الكُتّاب ، خلال موسم خريف 2018، في لقاء ودي أمام رواق "ليديج هاوس".
الكاتبة في برنامج عام 2013، ماييلا جرهاردت، تقرأ كتابًا في مكتبة "ليديج هاوس".
باب التقديم في برنامج دار جامعة حمد بن خليفة للنشر ومؤسسة آرت أومي "Art Omi" لإقامة الكُتّاب 2021 مفتوح الآن أمام أي كاتب عربي في منتصف حياته المهنية. ولمزيد من التفاصيل عن المتطلبات، وبروتوكولات السلامة المتبعة بشأن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والشروط والأحكام، وتقديم طلبات الإقامة، تفضلوا بزيارة الموقع الإلكتروني لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر، علمًا بأن الموعد النهائي للتقديم سيكون يوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2020.
أصدر ديفيد ويليام جيبسون مؤخرًا كتابًا بعنوان "14 Miles: Building the Border Wall"وله كتب أخرى، تضم الكتابين الحائزين على الجوائز "The Edge Becomes the Center و"Not Working". نال جيبسون الجائزة الوطنية للمجلة عن مشاركته في كتابة "This is the Story of One Block in Bed-Stuy, Brooklyn" لمجلة نيويورك تايمز. ونُشرت له أيضًا كتابات في هاربرز ونيويورك تايمز وواشنطن بوست وذا نيشن. ومن أعمال جيبسون الإذاعية مشاركته في استضافة البودكاست "Live From Here" وكذلك برنامج "All Things Considered" على الإذاعة الوطنية العامة. يُدير جيبسون برنامج آرت أومي لإقامة الكُتاب في نيويورك، وأسس نُزل "بيت سنجام" في الهند بالمشاركة مع المؤلف الهندي أرشيا ستّار.