للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
تتحدث ريم حميد، المعاونة في" أكاديميتي" عن التأثير الذي تحدثه الأم الواعية والمتعلمة في المجتمع والعالم من خلال تنشئة جيل ناجح ومتميّز
دعوني أولًا أوضح لكم أمرًا مهمًا، رغم أنني أؤمن بشدة بأهمية التعليم العالي لتنشئة جيل واعد، إلا أنني أعلم أن الكثير من الأفراد الناجحين في الحياة لم يتربوا على يد أم حاصلة على شهادة جامعية، أو تزين جدران منزلها أية دروع فخرية. أعرف الكثير من الأمهات اللواتي حرصن على أن يحصل جميع أبنائهن على شهادة الماجستير أو الدكتوراه وأن يكون مسارهم المهني ناجحًا، فبالرغم من أنهن لم يكملن تعليمهن، ولكنهن كن معلمات لأبنائهن، بالحكمة والبصيرة.
إن ذلك، يجعلني أؤمن بشدة بأن التعليم أساسيّ لكل فتاة، كي تحصل على حياة ومستقبل أفضل وأكثر رفاهية، على أن يكون ذلك مقترنًا بالوعي والحكمة كي تتمكن من الانخراط في المجتمع كشخص مسؤول ومستقل أولًا، وكأم مستقبلية تقوم بدورها في توفير أفضل الظروف لأبنائها كي يسلكوا مسارات ناجحة في حياتهم. هناك الكثير من الأمهات اللاتي لم تتسن لهن فرصة التعليم ولكنهن وفرن هذه الفرصة لبناتهن.
لهذا، نعمل في مدارس مؤسسة قطر، و"أكاديميتي" إحدى المدارس العاملة تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي في المؤسسة، على توفير البيئة التعليمية التي تؤمّن لأي فتاة مساحة للتعلم واستكشاف وتنمية شغفها وتعزيز المهارات والتطور سلوكيًا واجتماعيًا، ما يؤهلها لأن تكون فردًا فاعلًا ومؤثراً وصانعًا للقرارات في مجتمعها، وأن تثبت قدراتها الفكرية والانتاجية، ونحرص على تعاون الأهالي والأمهات بشكل خاص معنا، كي نحقق معًا رسالتنا في بناء مواطن فاعل.
كمربية أكاديمية، وكأمّ، لطالما تأثرت بوجود نماذج رائعة من الأمهات الواعيات اللواتي أثبتن أن الأم فعلًا هي المدرسة التي تبني الأجيال. لقد قابلتً أمهات حكيمات، يتبعن الأساليب الفعّالة في التربية والتعليم مثل الاحترام والنقاش والتركيز على حل المشكلات. هن يتقبلن أطفالهن بكل مراحلهن ويقدمن الدعم والحب غير المشروط ويواصلن رحلة تطورهن الشخصي بشكل مواز مع التربية.
لم تتح الفرصة لبعض الأمهات في تلقي التعليم الكافي لظروف ما، لكنهنّ يحاولن سد الفجوة بينهن وبين أطفالهن بالقراءة والاستكشاف وتطوير الذات، وهنّ يبذلن جهودًا مضاعفة في سبيل تعليم أطفالهن وتربيتهم. هن يكرسن الوقت لقضاء وقت مميز في اللعب والقراءة مع أطفالهن. نحن الآن نشهد وعيًا وتغيُّرات إيجابية كثيرة تعكس مشاركة حقيقية من الأمهات والآباء في رحلة تعلم أطفالهم. في الوقت الذي قد نجد فيه بعض الأمهات يشعرن بالعزلة ويتفادين التغيير ويتبعن أساليب تقليدية وغير ناجحة في التربية والتوجيه وهو ما يؤثر سلبًا على مستوى أطفالهن الفكري والسلوكي.
إن الأم الحكيمة هي التي تجيد التواصل وتكوين الصداقات مع أفراد من بيئات وثقافات مختلفة تحفزها على إحداث التغيير الذي تسعى اليه في بيتها ومجتمعها والعالم.
في اليوم الدولي للمرأة، نحتفل معًا بالإنجازات التي حققتها المرأة في مجال التعليم والعمل، حيث ازداد عدد النساء الحاصلات على شهادات تعليمية عالية في منطقة الشرق والأوسط وخصوصًا في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن نسبة النساء العاملات مقارنة بالرجال لا تزال منخفضة.
بعض الأمهات قد يخترن لبناتهن مسارًا اجتماعيًا تقليديًا، فبالنسبة لهن، القليل من التعليم يكفي، الزواج ثم إنجاب الأطفال هو الدور الأسمى، وهو المسار ذاته الذي سلكنه، ورغم أن قيام المرأة بأدوارها التقليدية في البيت لا يقلل من شأنها بتاتًا، إلا أن رغبة كل فتاة بالتعلم والعمل بالإضافة إلى تأسيس أسرة، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهنا يأتي دور المعلم او المدرسة في تشجيع الفتاة على إطلاق العنان لأحلامها.
في المدرسة التقدمية الأولى من نوعها في العالم العربي" أكاديميتي"، نؤمن أن الأطفال يتعلمون فطريًا، وبأن دورنا يقتصر على تحفيزهم وتدريبهم وتوفير فرص وتجارب تعليمية متنوعة لهم. في مدرستنا، نسجل النتائج التعليمية بملاحظة تطور الطفل في طرق التعبير والتواصل والمهارات، وفي حين تختلف مراكز القوى من طفل لآخر، يبدع جميع الأطفال ويبتكرون بحرية وفضول.
نرصد بشكل مستمر مستوى عالٍ من الوعي لدى أمهات الطلاب، فهن داعمات متقبلات لأطفالهن، ويجدن التعامل مع أي ازمة عاطفية قد يمر بها الطفل، مما يعزز نموهم الفكري والعاطفي. ويأتي التعاون ما بين إدارة المدرسة الأمهات على اختلاف تحصيلهن العلمي أو المهني، ليعزز هذا النمو، بما يصب في مصلحة الطفل من كافة النواحي.
في اليوم الدولي للمرأة، أتمنى أن تحصل كل امرأة على فرصتها في التعلم واتباع شغفها الأكاديمي والمهني، وفي هذا اليوم، علينا أن ندرك جميعنا كأمهات، أن الشهادة التعليمية هي وسيلة تمكّننا من تقديم أفضل تربية ممكنة لأبنائنا، لكنها ليست كل شيء، فاقتران التعليم بالوعي والإدراك والحكمة، وحرصنا كأمهات على مرافقة أطفالنا في مسيرة نموّهم، يسمح ببناء جسور متينة من الثقة بيننا وبينهم، يجب أن يكون هدفنا الأسمى دائمًا، وطريقتنا الأفضل للاحتفال بهذا اليوم المميز.