إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
28 December 2020

مقال رأي: التصدّي لخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي

مشاركة

اضطرت شركات وسائل التواصل الاجتماعي إلى معالجة مسألة استخدامها كمنصات لنشر خطاب الكراهية.

الصورة: رويترز / توماس وايت

الدكتور وجدي الزغواني، أستاذ مساعد في ماجستير الآداب في العلوم الإنسانية والمجتمعات الرقمية بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، يتحدث عن تأثير التكنولوجيا ودور التعليم والقانون في الحدّ من خطاب الكراهية عبر الإنترنت

أتاحت منصات التواصل الاجتماعي للأفراد إمكانية مشاركة آرائهم ووجهات نظرهم بشكل سهل وسريع، وقد أسهمت سهولة إعداد المحتوى عبر الإنترنت، وإخفاء هوية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، في زيادة محتوى خطاب الكراهية والتهجم، وغذّت الاستقطاب السياسي . وقد أدّى ذلك خلال السنوات الأخيرة، إلى مواجهة شركات وسائل التواصل الاجتماعي لاتهامات متعلقة بدورها في تضخيم خطاب الكراهية ونشر الأخبار المزيفة وتغذية الانقسام في المجتمع.

في الواقع لا يوجد تعريف موحّد لخطاب الكراهية في القانوني الدولي، على سبيل المثال، تُعرِّف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خطاب الكراهية بأنه "جميع أشكال التعبير الشفهي أو المكتوب التي تنشر أو تحرض أو تروج أو تبرر الكراهية على أساس التعصب أيضًا والدين".

الدكتور وجدي الزغواني من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة.

من ناحية أخرى، عرَّفت الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه: "أي نوع من التواصل من خلال الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستخدم لغة تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الدين أو العرق أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر ".

في واقع الأمر، يحمل خطاب الكراهية أبعادًا مختلفة لأناس مختلفين في ثقافات مختلفة. ومع ذلك، هناك إجماع على أنه مؤذٍ وسام، وأن حرية التعبير لا تمنح الحق في الإساءة للآخرين.

بينما يمكن تصنيف بعض العبارات على أنها غير لائقة إلى حد ما أو غير مقبولة، فإن العبارات التي تحض على الكراهية لا يمكن التسامح معها أبدًا

الدكتور وجدي الزغواني

بينما يمكن تصنيف بعض العبارات على أنها غير لائقة إلى حد ما أو غير مقبولة، فإن العبارات التي تحض على الكراهية لا يمكن التسامح معها أبدًا. في الواقع، هناك نوع من الخطاب لا يستطيع المجتمع تقبله، على سبيل المثال، العنصرية هي أمرٌ لا يمكن احتماله نظرًا لتأثيرها السلبي الدائم، والأضرار الجسيمة التي تلحقها بالأفراد أو الجماعات المستهدفة. ويمكن أن يؤدي نشر منشورات خطاب الكراهية على نطاق واسع إلى تفاقم الضرر.

لقد أدى الكلام المسيء عبر الإنترنت، إلى العديد من أعمال العنف مثل العملية الإرهابية في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا عام 2019، حيث ورد أنها مستوحاة من الرسائل العنصرية التي تم نشرها عبر الإنترنت. كما يؤجج خطاب الكراهية التحيز، ويسمم النقاشات، ويخلق جوًا سامًا قد يؤدي إلى الاستقطاب والانقسام داخل المجتمعات. وينطبق ذلك بشكل خاص على الحملات الانتخابية، حيث يمكن أن تزداد الاتهامات والدعاية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت، وقد يُحدث هذا الموقف ظروفًا مسبقة مسببة لأعمال الشغب والعنف.

سيؤدي الحد من خطاب الكراهية إلى تقليل الضرر الكبير الذي يمكن أن تسببه وسائل التواصل الاجتماعي

الدكتور وجدي الزغواني

لذلك، يشكل خطاب الكراهية تهديدا كبيرا للسلام يجب القضاء عليه اليوم لمنع الجرائم المروعة التي يمكن أن تحدث غدًا، حيث سيؤدي الحد من خطاب الكراهية إلى تقليل الضرر الكبير الذي يمكن أن تسببه وسائل التواصل الاجتماعي.

كيف يمكننا معالجة موضوع خطاب الكراهية على الإنترنت؟ ما هي أفضل طريقة للتعامل معه؟

من منظور قانوني، نظرًا لأن خطاب الكراهية عبر الإنترنت ليس له حدود ولا يمكن معالجته فقط من خلال القوانين الوطنية في كل بلد، وكونه يؤدي إلى العنف، لا بدّ من تصنيفه بوضوح وحظره بموجب القانون الدولي.

يحيط القلق بشركات وسائل التواصل الاجتماعي من حجم المشكلة، حيث تحاول هذه الشركات تقليل خطاب الكراهية باستخدام تقنيات متقدمة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) وعلم معالجة اللغات الطبيعية (NLP) ومع ذلك، على الرغم من بعض التطورات، تم إلقاء اللوم على هذه الأساليب المستندة إلى الذكاء الاصطناعي بسبب الإبلاغ غير الدقيق عن خطاب الكراهية وفي النهاية تعليق الحسابات ذات الصلة.

يعدّ التعليم ومحو الأمية الإعلامية من الوسائل القوية التي يمكن أن تحد من خطاب الكراهية وإنهائه

الدكتور وجدي الزغواني

تكمن المشكلة الرئيسية في الاكتشاف التلقائي لخطاب الكراهية عبر الإنترنت وحقيقة استناد الخوارزميات المستخدمة إلى تقنيات حالية بعيدة كل البعد عن الكمال، رغم التحسينات الملحوظة التي تم إجراؤها في السنوات الأخيرة.

قد تفشل نماذج اكتشاف الذكاء الاصطناعي في الكشف عن العديد من المصطلحات والتعابير التي تختلف غالبًا عن البيانات المستخدمة لتدريب النموذج. على سبيل المثال، لنأخذ حالة اكتشاف الخطاب الذي يحضّ على الكراهية باللغة العربية، فإذا تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي فقط على اكتشاف المصطلحات المكتوبة باللغة العربية الفصحى فقط، سيفشل في اكتشاف المصطلحات المكتوبة باللهجات العربية المتنوعة. لذلك لا بدّ من بذل المزيد من الجهود في هذا المجال، لمعالجة اللغات منخفضة الموارد وأنواع اللهجات المستخدمة بشكل متكرر في وسائل التواصل الاجتماعي.

في المستقبل، مع زيادة الاستثمار في تقنيات اللغة التي تركزّ على اللغة العربية ولهجاتها المختلفة، وغيرها من اللغات منخفضة الموارد، من المتوقع أن يتم تحسين الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي وتحقيق أداء كشف أفضل.

يحتاج المستخدم العادي لوسائل التواصل الاجتماعي إلى فهم واضح لخطاب الكراهية وعواقبه وطرق الإبلاغ عنه، وفضح هذا السلوك وإبلاغ السلطات المختصة به

الدكتور وجدي الزغواني

مع ذلك، فإن مشكلة خطاب الكراهية تتطلب نهجًا جماعيًا وشاملاً، ولا يمكن حلها فقط من خلال بناء أدوات ذكاء اصطناعي أكثر دقة وتقدمًا لكشف الكلام الذي يحض على الكراهية. بينما يعد استخدام هذه التقنيات المتقدمة أمرًا مهمًا ويمكن أن يساعد في تقليل الانتشار الهائل لمثل هذه المنشورات، إلا أن هناك أيضًا وسائل أخرى للمساعدة في القضاء على خطاب الكراهية عبر الإنترنت، مثل الأدوات واللوائح القانونية المعدلة التي يمكن تحديثها لتغطية خطاب الكراهية.

أخيرًا، يعدّ التعليم ومحو الأمية الإعلامية من الوسائل القوية التي يمكن أن تحد من خطاب الكراهية وإنهائه. في الواقع، من المهم زيادة الوعي وتشجيع الأفراد على التصرف بطريقة لائقة عبر الإنترنت، وكذلك توفير التدريب على الوسائل القانونية حتى يمكن الإبلاغ عن مرتكبي خطاب الكراهية عبر الإنترنت ومحاكمتهم أينما كانوا.

يمكن أن تستلهم البلدان في جميع أنحاء العالم من طريقة فنلندا في معالجة الأخبار المزيفة من خلال برنامج طموح لمحو الأمية الإعلامية الرقمية يستهدف المدارس، وهذه الطريقة أدت إلى تصنيف البلاد في المرتبة الأولى في مؤشر الثقافة الإعلامية. في الواقع، كما ذكر مؤلفو مؤشر محو الأمية الإعلامية: "يعد التعليم العالي الجودة وتعليم المزيد من الأفراد شرطًا أساسيًا لمعالجة الآثار السلبية للأخبار الكاذبة وما بعد الحقيقة. في حين أن بعض التنظيم ضروري، فإن التعليم يبدو أنه الحل الأفضل".

يقول الدكتور الزغواني أنه يجب حظر خطاب الكراهية بموجب القانون الدولي، إذ لا يمكن معالجته فقط من خلال القوانين الوطنية في كل بلد.

ويحتاج المستخدم العادي لوسائل التواصل الاجتماعي إلى فهم واضح لخطاب الكراهية وعواقبه وطرق الإبلاغ عنه، وفضح هذا السلوك وإبلاغ السلطات المختصة به. يمكن نشر هذا الوعي من خلال التثقيف المناسب والحملات لتعلم كيفية الرد على خطاب الكراهية، وكذلك الكتابة ضده. يمكن أيضًا تكييف واستخدام المنهج المستخدم لتعليم الأطفال كيفية التعرّف على الأخبار المزيفة والرد عليها.

بالتأكيد، من واجبنا كمعلمين وكأفراد في المجتمع المساهمة في محو أمية الإعلام الرقمي، وتعزيز مهارات التفكير النقدي التي يمكن أن تساعد في تقليل محتوى خطاب الكراهية عبر الإنترنت.

قصص ذات صلة