للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
الطلاب الذين ينتمون لشرائح منخفضة الدخل، لأقليات، ومن ذوي الخلفيات المهمشة يُعتبرون الحلقة الأضعف في مواجهة تحديات النظم التعليمية.
مصدر الصورة: Eyepix/Cover Images، عبر موقع REUTERSالبروفيسور ملفين أنيسكو، المتحدث الرئيسي في منتدى التعليم والتعلم 2020 الذي استضافه معهد التطوير التربوي التابع للتعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر يكتب عن الفروقات الفردية كفرص لإثراء التعلم.
ألقت جائحة (كوفيد-19) الضوء على التحديات الحالية التي تواجهها المدارس في جميع أنحاء العالم. وقد أظهرت أنه على الرغم من الجهود التي يبذلها المعلمون وقادة المدارس في العملية التعليمية، إلا أن الطلاب من ذوي الخلفيات الأكثر تهميشًا يُعتبرون الحلقة الأضعف والشريحة الأكثر عرضة لمواجهة آثار تلك المرحلة، فيما يتعلق بمدى التحاقهم بالمدارس وإحراز التقدم في التعلّم.
ينتمي العديد من هؤلاء الطلاب لشرائح منخفضة الدخل أو لأقليات معينة، بالإضافة إلى طلاب آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة. في السياق الحالي، هُم معرّضون بشكل كبير للتهميش، وتراجع التحصيل، وأحيان كثيرة الإقصاء. لذلك، يجب أن تكون خطط التعافي شاملة، تماشيًا مع المبدأ الذي طرحته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بأن "لكل طفل القدر ذاته من الأهمية من وجهة نظر التعليم".
البروفيسور ملفين أنيسكو.
نظرًا لأهمية تطوير النظم التعليمية وتحسينها، من الضروري أن يتم دعم الخطط ذات الصلة على الصعيد المحلي، بحيث يتم تحديد الحواجز التي تقلّص من فرص الأطفال والشباب للحضور إلى المدارس ومشاركتهم في برامجها وتقدّمهم من خلالها. لذلك نحن بحاجة إلى معرفة الفئات التي يتم تضمينها في التعليم أو استبعادها. لأننا لن نتمكن من رصد أيّ تقدم من دون تحديد هذه الجزئيات. في الوقت نفسه، تُنّبهنا عملية التحليل إلى الممارسات الفعالة التي يمكن استخدامها لخرق تلك الحواجز ومعالجة آثارها.
في حين أن هذه العملية تبدأ بتحليل الأدلة الإحصائية، إلا أنها تتطلب كذلك مشاركة الآراء مع بقية الأطراف المعنية، بما في ذلك الأطفال والشباب وأسرهم. في الوقت نفسه، سيكون من الضروري التحرّك بخطى سريعة في الاستجابة لهذه الأدلة والنتائج من خلال تفعيل آليات التطوير التي تركز بشكل مباشر على المدرسة.
يجب أيضًا أن نتذكر أن السياسات التعليمية يتم وضعها على جميع مستويات النظام التعليمي، ولا سيما على مستوى المدرسة والفصول الدراسية. ببساطة، يمكننا القول بأن المعلمون هم صانعو السياسات
يجب أيضًا أن نتذكر أن السياسات التعليمية يتم وضعها على جميع مستويات النظام التعليمي، ولا سيما على مستوى المدرسة والفصول الدراسية. ببساطة، يمكننا القول بأن المعلمون هم صانعو السياسات. لذلك، ستتطلب خطط التعافي الشاملة فهمًا مشتركًا بين جميع الأطراف المعنية للنتائج المرجوة من أية مقترحات، والاستراتيجيات التي يتم تقديمها من أجل تحقيق هذه الأهداف.
في هذا السياق، تشير الدلائل المستمدة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن البلدان التي يعتقد المعلمون فيها أن مهنتهم تحظى بالتقدير، تظهر مستويات أعلى من الإنصاف والتميز في نتائج التعلم. مع وضع هذا في الاعتبار، تحتاج المدارس إلى الإصلاح وتحسين الممارسات في قطاع التعليم بطرق من شأنها أن تقود المعلمين إلى الاستجابة بشكل إيجابي لمسألة تنوع الطلاب، ورصد الفروقات الفردية بينهم كفرص لإثراء التعلم، وليس على أنها مشاكل يجب إصلاحها.
هذا يتطلب تحلّي قادة المدارس بمهارة لتشجيع الجهود المنسقة والمستدامة، وتغييرات في سلوكيات البالغين من حولهم، وذلك في حال أردنا تحقيق نتائج مختلفة فيما يتعلق بالطلاب من ذوي الفئات المهمشة
إن المدارس التي تحرز تقدمًا من خلال اتباع هذا النهج غالبًا ما يقودها أفراد ملتزمون بمبادئ الشمولية، ولديهم أسلوب قيادة يشجع الأفراد على المشاركة في مهام القيادة ومسؤوليتها. من المحتمل كذلك أن يكون لتلك المدارس روابط جيدة مع أولياء الأمور ومجتمعاتهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتراف بأن تطوير ممارسات الشمولية قد يتحدى تفكير الكوادر التعليمية والإدارية في المدرسة، وهذا يتطلب تحلّي قادة المدارس بمهارة لتشجيع الجهود المنسقة والمستدامة، وتغييرات في سلوكيات البالغين من حولهم، وذلك في حال أردنا تحقيق نتائج مختلفة فيما يتعلق بالطلاب من ذوي الفئات المهمشة.
هناك أيضًا دلائل قوية على أن التعاون بين المدارس يمكن أن يساعد في الحدّ من ظاهرة الاستقطاب في المدارس لصالح المتعلمين الذين تم تهميشهم في النظام التعليمي. لذلك يجب أن يكون الهدف هو نقل المعرفة، وعبور الحدود بين المناطق وعبر مختلف أنواع المدارس.
يجب أن تتمحور مهمة أولئك المشاركين في الأدوار القيادية حول إيجاد مناخ داعم من شأنه تشجيع التطوير الدائم في القطاع التعليمي لمعالجة الأهداف الاستراتيجية الهامة
وعليه، سيكون من الضروري أن يحصل جميع الأطفال على الدعم الفعال من عائلاتهم ومجتمعاتهم. في هذا الصدد، هناك العديد من الأمثلة على المستوى الدولي لما يمكن أن يحدث عندما يتماشى عمل المدارس مع استراتيجية متماسكة تتضمن جهود الأطراف المحلية الأخرى مثل رجال الأعمال، الهيئات المجتمعية، الجامعات، والخدمات العامة. هذا لا يعني بالضرورة أنه سيتعين على المدارس أن تقوم بالمزيد من العمل، ولكنه يعني أن يكون لها شراكات خارج إطار المدرسة، ما يُضاعف من تأثيراتها الإيجابية.
هذا لن يحدث من تلقاء نفسه أو عن طريق الصدفة، وإنما بالقيادة الفعالة التي تمثل حجر الأساس في هذا الشأن. لذا على قادة المدارس تولّي دور القيادة ككّل، وفهم أنفسهم كمسؤولين على نطاق أوسع، بما يساهم في تحسين مستوى النظام التعليمي بأكمله وليس في مدارسهم فحسب.
وفقًا للبروفيسور أنيسكو، يجب تحديد العوائق والحواجز التي تحد من فرص الأطفال والشباب للحضور إلى المدارس ومشاركتهم في برامجها. مصدر الصورة: Thomas Mukoya، عبر موقع REUTERS
يتوقف العامل الرئيسي في تحديد نجاح هذه الجهود على الإرادة الجماعية لتحقيق الأهداف المنشودة فيما يتعلق بمجال التعليم. ويجب أن تتمحور مهمة أولئك المشاركين في الأدوار القيادية حول إيجاد مناخ داعم من شأنه تشجيع التطوير الدائم في القطاع التعليمي لمعالجة الأهداف الاستراتيجية الهامة.
في نهاية المطاف، كلّ تلك المجهودات لها تأثير هائل بالنسبة لصانعي السياسات. لذا لا بدّ من تعزيز مفهوم المرونة على الصعيد المحلي حتى يتسنى للممارسين الفرصة لتحليل الظروف المحيطة وتحديد الأولويات بهدف تحقيق التعافي التعليمي الشامل. وهذا ما يتطلب من صانعي السياسات إدراك تنفيذ السياسات بتفاصيلها والتنسيق فيما بينهم وخصوصًا بين أولئك ممن يتحلّون بمكانة أفضل لفهم السياقات المحلية، بدلًا من تنفيذها وفق محور مركزي بعيدًا عن الشمولية.
ملفين أنيسكو بروفيسور للتعليم في جامعة مانشستر، وبروفيسور التربية في جامعة غلاسكو، وبروفيسور مساعد في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، أستراليا. يمكن الاطلاع على نماذج من كتاباته في: "النضال من أجل المساواة في التعليم: الأعمال المختارة لميل أينسكو" (سلسلة مكتبة روتليدج العالمية للتربويين، 2015).