للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
تم تعريف اضطراب الألعاب عبر الإنترنت كاضطراب ناجم عن سلوك إدماني.
مصدر الصورة: Tu meifei، عبر موقع REUTERSريان علي، أستاذ بكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة يكتب حول الإدمان الرقمي وما يمكن أن تفعله الشركات التقنية لمنع "السمنة الرقمية"
وفقًا لآخر إصدار من التصنيف الدولي للأمراض صدر عن منظمة الصحة العالمية سنة 2018 أن اضطراب الألعاب عبر الإنترنت هو اضطراب ناجم عن سلوك إدماني؛ وفي أحدث نسخة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين في عام 2013 أُدرج اضطراب الألعاب عبر الإنترنت ضمن الحالات التي تستوجب مزيدًا من الدراسة.
بغض النظر عن مدى تواجد معايير السلوك الإدماني للاستخدام الرقمي في بعض الحالات، إلا أنه يبقى محط قلق متزايد
وبغض النظر عن مدى تواجد معايير السلوك الإدماني للاستخدام الرقمي في بعض الحالات، إلا أنه يبقى محط قلق متزايد. ولهذا، أطلقت شركة جوجل مجموعة أدوات الرفاهية الرقمية في محاولة منها للمساعدة في إرساء علاقة صحية مع منتجاتها. على سبيل المثال، تقدم هذه الأدوات للمستخدمين إحصائيات حول الوقت المستخدم مع كل تطبيق وتتيح لهم وضع حدود زمنية وكتم صوت الإخطارات علاوة على اختيار وضع التهدئة "wind down" قبل النوم وأثنائه من خلال تغيير لون الشاشة إلى اللون الرمادي وكتم الصوت.
ريان علي، أستاذ بكلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة
كذلك بدأت خدمات الرعاية الصحية لعلاج إدمان الإنترنت في الظهور. وحين يبدأ الناس في تكوين مجموعات دعم بعضهم البعض لعلاج إشكالية ما، فهذا سبب وجيه للتعامل مع الأمر بجدية. ومن أبرز النماذج في هذا الصدد منتدى الدعم Game Quitters.
يُستخدم مفهوم "الإدمان الرقمي" بشكل غير رسمي وعادة ما يشير إلى علاقة شائكة مع الوسائل الرقمية، تنطوي على هوس وإفراط في الاستخدام وعجلة واندفاع، ويضر ذلك بسلامة ورفاهية الفرد ومحيطه الاجتماعي. ولا ينبغي أن يُفهم منه ضرورة الحد من استخدام التكنولوجيا أو مقاطعتها وإنما ترشيدها واستخدامها بالشكل الأمثل.
وتؤدي بعض استخدامات التكنولوجيا إلى "السمنة الرقمية"، بالإضافة إلى آثار جانبية تشمل التشتت المستمر، والانشغال الدائم، وغياب النشاط البدني، فضلًا عن التسويف والتهرب من الأولويات الأخرى.
إدراكًا لأهمية الانتباه وندرته، فإن تصميم تقنية ما تراعي عنصر الانتباه هو مطلب أساسي من مطالب الرفاهية يتطلب توافر ظروف اجتماعية واقتصادية وصحية
وإدراكًا لأهمية الانتباه وندرته، فإن تصميم تقنية ما تراعي عنصر الانتباه هو مطلب أساسي من مطالب الرفاهية يتطلب توافر ظروف اجتماعية واقتصادية وصحية، حيث تتنافس الوسائل الرقمية للاستحواذ على انتباهنا دون أن تبالي كثيرًا بنتيجة التضحية بالانتباه، وهل ستؤدي بالضرورة إلى مردود إيجابي أو العكس.
تتنوع الأسباب الجذرية للاستخدام الرقمي الإدماني. على سبيل المثال، فإن الأشخاص المنطوين ممن يعانون من ضعف في تقدير الذات يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي كوسيلة لتعويض العنصر الاجتماعي. وحين يقارنون أنفسهم بالآخرين، الذين يرون أنهم أفضل حال منهم، تنهار معنوياتهم.
كذلك فإن الأفراد الذين يعانون من ضعف التحكم في النفس يلجأون إلى التسويف وقضاء أوقات أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي ويكونون أكثر انهماكًا وتأثرًا بالتصاميم الجذابة مقارنة بغيرهم. كما أن الشركات التقنية على ما يبدو لا تبالي كثيرًا بالأدلة المتزايدة على وجود مثل هذه الحالات التي يمكن أن تكون سببًا مشروعًا في تقديم تصميم يمكن تكييفه للحفاظ على سلامة المستخدمين ورفاهيتهم.
ومؤخرًا أثيرت التساؤلات حول الطبيعة الإدمانية لشبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، وتويتر، ومدى استثمارها في بحوث داخلية في هذا الشأن.
يمكننا تصميم الوسائل الرقمية بشكل يكفل لها أن تكون أكثر ذكاءً في التفاعل وتوصيل الرسائل وتقديم النصيحة
وفي الوقت الذي نجحت فيه بعض التحركات في مجال التصميم الشامل في تعزيز الحاجة الأخلاقية والمهنية إلى تطوير برنامج يتناسب مع ذوي الإعاقة الوقتية أو الدائمة، إلا أننا لا نزال في مراحل مبكرة من التفكير في الحالة النفسية والعقلية للمستخدمين واعتبارها عاملًا مشروعًا يستلزم هذا التكيف.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون ضعف التحكم في النفس، وسرعة التأثر بضغوط الأصدقاء سمات شخصية تؤدي ببعض المراهقين إلى قضاء أوقات طويلة على شبكات التواصل الاجتماعي أو الإفراط في ممارسة الألعاب الإلكترونية مع أقرانهم. ويمكن أن نتعامل مع هذه السمات الشخصية بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع عوامل الإعاقة، الوقتية أو الدائمة، وبالتالي نطالب بتصاميم تناسب هذه الحالات.
صورة رقم 2: أدوات التكنولوجيا تحيط بنا الآن بنا في حياتنا اليومية، وهو ما يؤدي إلى "السمنة الرقمية". مصدر الصورة: Cover Media عبر موقع REUTERS
إن التصميم الذكي والمناسب اجتماعيًا للألعاب وشبكات التواصل الاجتماعي قد يدفع المستخدمين لإحداث تغييرات سلوكية وتحفيزية تساعدهم على الالتزام بمستويات وأساليب صحية في استخدام التكنولوجيا. إذ إن الوسائل الرقمية لديها ميزة خاصة تختلف عن المواد الأخرى مثل التبغ والكحول والتي يمكن استغلالها في الحيلولة دون الإدمان. فهذه الوسائل الرقمية أكثر ذكاءً ويمكنها مراقبة أساليب الاستخدام والتعاطي مع الحالات المثيرة للمشاكل في الوقت المناسب وبشكل مخصص يتناسب مع كل حالة.
يمكننا تصميم الوسائل الرقمية بشكل يكفل لها أن تكون أكثر ذكاءً في التفاعل وتوصيل الرسائل وتقديم النصيحة. ومقارنة بالملصقات الموضوعة على علب السجائر والمشروبات المحلاة أو عالية السكر، يمكن للوسائل الرقمية تطوير ملصقات خاصة أكثر ذكاءً تناسب الشخص وتظهر له في الوقت المناسب. ويمكن أن تكون هذه الملصقات على شكل رسائل مباشرة لكن بصورة أكثر حذقًا وأقل اقتحامًا، كأن تقلل من حجم زر "النشر" أو تطلب مزيدًا من التأكيدات قبل السماح بنشر محتوى ما خصوصًا عندما يبدو المستخدم وكأنه يقوم بذلك بشكل مفرط أو من خلال اللا وعي.