إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
27 October 2020

مقال رأي: هل الطب الدقيق هو الطريق لمعالجة الأزمات الصحية العالمية في المستقبل؟

مشاركة

مصدر الصورة: Katy Pack، عبر موقع Shutterstock

الدكتور إدوارد ستانكل، العميد المؤسس لكلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، يتحدث عن دور الطب الدقيق في مستقبل الرعاية الصحية الوقائية والشخصية

يزداد تأثر سكان العالم بما يمكن تسميته بالأزمات الصحية العالمية. ومع أن الأمراض غير المعدية مثل أمراض نقص تروية القلب، السكتات الدماغية، السرطانات، أمراض الجهاز التنفسي، السكري، مرض الزهايمر، وأنواع الخرف الأخرى هي الأشهر، إلا أن الأمراض المعدية القديمة والمستجدة تظهر وتنتشر وتتسبب في أزمات صحية عالمية. وهو ما حصل خلال جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) والذي أصاب أكثر من 37 مليون شخص وأودى بحياة أكثر من مليون شخص.

والسؤال هو ما دور الطب الدقيق في وقاية هذه الأمراض العالمية المعدية وغير المعدية وعلاجها؟ يستخدم الطب الدقيق معلومات عن علم الوراثة والبيئة وأسلوب حياة الأفراد لتخصيص الرعاية الصحية بما يتناسب مع شخص أو مجموعة معينة من المرضى، وهو ما يعني أن القرارات السريرية المتخذة في علاج المرضى يمكن أن تكون دقيقة جدًا. ويستخدم الطب الدقيق الآن في مجال السرطان، فعلى سبيل المثال، يمكن للأدوية المستخدمة في علاج سرطان الرئة والثدي أن تكون فعالة فقط مع من يمتلكون بصمة جينية معينة. ويجري الأطباء حاليًا تقييمًا جينيًا لمرضى السرطان؛ لاختيار أفضل دواء يناسب بصمة المريض الجينية.

والأهم من ذلك، أن الطب الدقيق يمكن استخدامه بطريقة وقائية لتحديد التغييرات المطلوب إجراءها في أسلوب الحياة، أو البيئة المحيطة، أو النظام الغذائي أو النشاط البدني؛ لتقليل احتمالية حدوث تحديات صحية في المستقبل. وهكذا يكون الطب الدقيق بمثابة رعاية صحية وقائية وشخصية. ويشمل العلم الذي يقوم عليه الطب الدقيق مجموعة من الحقول الفرعية الضرورية والمتفاعلة جدًا فيما بينها، مثل علم الوراثة، وعلم التَخلّق، البروتيوميات، النسخ الجيني، المعلوماتية الحيوية، علم الأوبئة، علم الصيدلة الجيني، وغيرها.

ويعدّ التقاء المعلومات من كل من هذه الحقول الفرعية ضروريًا لفهم التحديات الصحية المعدية وغير المعدية، والإجراءات المتخذة على الأفراد أو فئات معينة من الناس.

ويعدّ اختلاف الآثار السريرية لعدوى (كوفيد-19) باختلاف الأفراد، مثالًا واضحًا على أهمية التعمق في فهم الفروقات البشرية على المستوى الفردي. فنجد بعض الحالات تتطلب دخول المستشفى، وبعضها دخول العناية المركزة، وهناك من تظهر عليهم الأعراض ومن لا تظهر عليهم، وهناك من تُودي العدوى بحياتهم. ولا شك أن الأمراض مثل السكري والانسداد الرئوي المزمن، والاضطرابات المناعية تسهم في زيادة شدة أعراض (كوفيد-19)، إلا أن الفرق في شدتها بين المصابين ما يزال محيرًا، وهو ما قد يكتشفه الطب الدقيق.

وفي هذه الحالات يُبدع علماء وأطباء الطب الدقيق. فمن خلال المقارنة الدقيقة للسمات الجينية بين الأفراد الذين يقاومون المرض والذين يستسلمون له، يمكننا البدء في تحديد السمات الأساسية التي تعزز المقاومة أو تسمح بتطوّر المرض، مع أخذ المؤثرات الأخرى بعين الاعتبار مثل العمر، العرق، والتاريخ المرضي وغيرها.

تحليل الجينوم أمر معقد، حيث يقدّم لنا التسلسل الجينومي مجموعات هائلة من البيانات، والتي تتطلب الاستعانة بتقنيات تعلّم الآلات وبأفضل علماء المعلوماتية الحيوية؛ من أجل تنقيح البيانات ذات الصلة. ولا يقتصر الأمر على التسلسل الجينومي وحده، فقد تكون فهناك عوامل خارجية قوية، تتفاوت من شخص إلى آخر، وتؤثر على عملية التعبير الجيني، ويمكن أن تنتقل عبر الأجيال بناءً على ظروف بيئية مسبقة. وقد تتأثر قابلية البشر للإصابة بالمرض أو مقاومته بعوامل كثيرة منها المكان، الثقافة، السلوك، والبيئة المحيطة.

يعتمد نجاح العلاج السريري والرعاية الصحية الوقائية على الطب الدقيق في مواجهة التحديات الصحية العالمية المستقبلية. وقد يتمكن الطب الدقيق من تحديد الخصائص الجينية أو البيئية أو المرتبطة بأسلوب الحياة، والتي تزيد من قابلية فرد أو فئة معينة للإصابة بالمرض، مما يؤدي إلى توفير طريقة أو طرق للعلاج. كما سيكون للطب الدقيق أثر اقتصادي إيجابي على الخدمات الصحية للدول، حيث سترتفع كفاءة الأساليب الوقائية والعلاجية وبالتالي تقل أعباؤها المالية.

مصدر الصورة: Katy Pack، عبر موقع Shutterstock

يتطلب تحقيق النجاح في الطب الدقيق تفاعلًا بين علماء الأبحاث الجزيئية والخلوية والأطباء وكذلك العاملين في الرعاية الصحية في الأماكن التي تواجه تحديات صحية. وتسعى كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، إلى تحقيق هذا من خلال برامج الدراسات العليا التي تقدمها في علم الجينوم والطب الدقيق، ومن خلال عملها المستمر على تطوير مجتمع الرعاية الصحية في هذا المجال في دولة قطر، كما ينشط باحثو الكلية في الأبحاث المتعلقة بـ(كوفيد-19).

وقد سلّطت دراسة حديثة نشرها علماء كلية العلوم الصحية والحيوية، بالتعاون مع برنامج قطر جينوم، وجامعة قطر، بعض الضوء على مساهمة البصمات الجينية في شدة (كوفيد-19) وقابلية الإصابة به في قطر.

وقد أصبحت قطر، بمساهمة كبيرة من مؤسسة قطر، من رواد الطب الدقيق في العالم من خلال دعمها وتطويرها لبرنامج قطر جينوم، وقطر بيوبنك، وبرامج التدريب التعليمية والبحثية، وفي مجال معالجة قضايا الأخلاقيات الإسلامية المتعلقة بالطب الدقيق.

قصص ذات صلة