للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
التوحد هو "لُغز طبي" تسعى البحوث لإيجاد الحل له.
مصدر الصورة: Vetre، عبر موقع Shutterstockدانة العلي، طالبة السنة الثالثة في كلية وايل كورنيل للطب - قطر إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر وعضو الفريق الفائز مشروعه بجائزة مسابقة برنامج خبرة الأبحاث للطلبة الجامعيين التي ينظّمها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، تتحدث حول دور الاستكشاف العلمي في الوصول إلى إجابات الأسئلة المطروحة
إن الطب مهنة عظيمة منحت العالم منافع لا حصر لها. وهو مجال آخذ في التطور المستمر، كما هو حال البحث العلمي والمعرفة التي يتوصل إليها، لذا ينبغي أن نشكر كل تلك المساهمات الدؤوبة التي يقدمها الطب لمجتمعاتنا وحياتنا بشكل عام.
تعود ميزة الطب ونعمة الرعاية الطبية التي يقدمها لنا إلى الفهم الأساسي للأمراض بطريقة لم تكن لتصبح ممكنةً دون نتائج الدراسات التي تلقي الضوء على هذه الأمراض
تعود ميزة الطب ونعمة الرعاية الطبية التي يقدمها لنا إلى الفهم الأساسي للأمراض بطريقة لم تكن لتصبح ممكنةً دون نتائج الدراسات التي تلقي الضوء على هذه الأمراض.
على الرغم من التطورات الطبية التي شهدناها وما زلنا نراها، في هذه الحقبة، هناك الكثير من الألغاز الطبية الأخرى لم يتم حلها بالكامل بعد. بل إن البعض منها لم يتم استكشافه، ويبقى البعض الآخر رهين حلقات مفقودة لسنوات طويلة حتى يتم نشر ورقة بحثية أخرى أو تحقيق تقدم نوعي بخصوصه بحيث تضاف حلقة جديدة تساعد في استكمال الحلقات المفقودة لذاك اللغز المُحير.
دانة العلي، طالبة وايل كورنيل للطب – قطر.
يُعد طيف التوحد واحدًا من الألغاز الطبية التي حظيت باهتمام كبير في المجتمع. لكن يظل فهمنا للتوحد حتى يومنا هذا رهينًا للاكتشافات التي تتمخض عنها جهود الباحثين. وتعود الإحاطة بوجود هذا اللغز إلى بدايات القرن التاسع عشر؛ حيث اصطلح على استخدام كلمة "التوحد" فقط عام 1911 لوصف حالة الأطفال المصابين بالفصام والملاحظ عليهم انسحابهم الاجتماعي وانحصارهم على أنفسهم. سادت حالة من الخوف بين الناس بشأن ما قد يحدث لأطفالهم في ذلك الوقت، ولا زلنا حتى الآن خائفين بسبب عدم اليقين حول السبب وراء هذه الحالة. ولم يكن أحد يعرف آنذاك لماذا يتصرف الطفل بهذه الطريقة، ولا تزال هناك العديد من الأسئلة دون إجابة.
في خضم البحث عن سبب الإصابة باضطراب التوحد ظهرت العديد من النظريات. وكانت إحدى هذه النظريات المبكرة هي "أمهات الثلاجات" التي ألقت باللوم على أمهات الأطفال ذوي التوحد للتسبب في هذه الحالة بطريقة ما من خلال البرودة العاطفية مع أطفالهم وعدم حبهم لأبنائهم بما فيه الكفاية. لكن بعد 10 سنوات لاحقة، بدأ البحث في التعمق أكثر واكتشاف دور الوراثة ونمو الدماغ في مرض التوحد.
هذا يوضح كيف يمكن النظر إلى البحث بطريقة جديدة، وكيف تتسع دائرة تأثيره إلى ما هو أبعد من اهتمام الباحثين والمهنيين. فقد أصبح ضرورةً حتمية باعتباره أداةً لإرضاء رغبة الجمهور في الحصول على إجابات لأسئلة مطروحة
ووصل الوعي بالتوحد إلى ذروته في عام 1998 مع بدء الحركة المناهضة للقاحات. وقد ظهرت هذه الحركة بناءً على ورقة بحثية واحدة، حلقة واحدة من اللغز، ولكنها سريعًا ما فقدت مصداقيتها وتم استبعادها منذ ذلك الحين. لكن الصورة التي تكونت ما زالت عالقة في أذهان الجمهور، ولا زلنا حتى يومنا هذا نرى لها صدى واسع النطاق. وهو ما يوضح كيف يمكن النظر إلى البحث بطريقة جديدة، وكيف تتسع دائرة تأثيره إلى ما هو أبعد من اهتمام الباحثين والمهنيين. فقد أصبح ضرورةً حتمية باعتباره أداةً لإرضاء رغبة الجمهور في الحصول على إجابات لأسئلة مطروحة.
دانة العلي هي أحد أعضاء الفريق الفائز مشروعه بجائزة مسابقة برنامج خبرة الأبحاث للطلبة الجامعيين التي ينظّمها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي.
ذاك البحث الدؤوب عن الإجابات في مجال اضطراب التوحد هو الذي قادني وزملائي طلاب كلية طب وايل كورنيل - قطر أمينة شفيق، وندى محيميد، ومحمد سلامة، وزين بورني، وكريشناديف بيلاي، لنكون جزءًا من فريق أجرى مشروعًا بحثيًا بعنوان "دور الكائنات الدقيقة التي تعيش في الأمعاء في اضطرابات طيف التوحد وأمراض الأمعاء الالتهابية".
وهذه إحدى الدراسات الأولى التي بحثت في دور بكتيريا الأمعاء في دولة قطر، مما يجعل نتائجها جديدة وفريدة من نوعها. ونأمل أن يكون فوزها بالجائزة الأولى في مسابقة برنامج خبرة الأبحاث للطلبة الجامعيين التي ينظّمها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي مؤشرًا على أن النتائج ستكون ذات قيمة أيضًا.
يتطلع الجميع في كل أنحاء العالم إلى تجميع حلقات لغز اضطراب التوحد منذ أكثر من 100 عام حتى الآن
يتطلع الجميع في كل أنحاء العالم إلى تجميع حلقات لغز اضطراب التوحد منذ أكثر من 100 عام حتى الآن. تتيح لنا ميزة البحث استكشاف مسارات جديدة تؤدي إلى فهم أكبر لاضطراب التوحد، من خلال دراسة محور الأمعاء والدماغ ودور الكائنات الحية الدقيقة في هذه الحالة. الجدير بالذكر أنه قد تم نشر أكثر من 400 ورقة بحثية عن طيف التوحد استجابةً لدعوة المجتمع للوصول إلى إجابات وعلاجات لهذا الاضطراب. فهل نقترب بالفعل من الوصول إلى حل لهذا اللغز المُحير أخيرًا، أم أن عملنا وجميع الأبحاث الأخرى التي تجري في هذا المجال ستكون ببساطة حلقة أخرى من حلقات هذا اللغز؟ لن يجيب عن هذا السؤال إلا عامل الوقت.
ننوه إلى أن المشروع البحثي الحائز على جائزة مسابقة برنامج خبرة الأبحاث للطلبة الجامعيين كان تحت إشراف الدكتورة غزلان بن دريس، المحاضرة في علم الأحياء بكلية وايل كورنيل للطب - قطر، وزملائها من أعضاء هيئة التدريس الدكتورة داليا زكريا والدكتورة نهى يسري بالإضافة إلى الطلاب الستة.