إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
29 March 2020

مقال رأي لأستاذ في مؤسسة قطر: حماية الاقتصاد في ظل انتشار فيروس كورونا "كوفيد-19"

مشاركة

Image source: OSORIOartist, via Shutterstock

مصدر الصورة: OSORIOartist، عبر موقع Shutterstock

يتحدث جوستين إنداكو، أستاذ مساعد مشارك في علم الاقتصاد بجامعة كارنيجي ميلون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، عن تأثر صناعة الخدمات بالوباء، ولماذا يعدّ دور الحكومات حاسمًا في حماية العاملين ومن هم بحاجة للمساعدة.

في الوقت الحالي، أعلنت العديد من الحكومات والمنظمات الدولية حول العالم، أن الإجراء الوحيد الذي يتعين علينا إتباعه لاحتواء فيروس كورونا "كوفيد-19" هو تجنب كافة أشكال التجمعات الاجتماعية، إذ نأمل أن تحد هذه السياسة من انتشار الفيروس، في حين أن أحد آثارها الجانبية غير المرغوبة هو أنها قد تلحق الضرر بالاقتصاد على المدى الطويل.

لقد أدى انتشار الوباء إلى إغراق الاقتصاد العالمي في المجهول، في حين أن الركود الاقتصادي الأخير بدأ في الصناعات التحويلية أو المالية، إلا أنه يبدو أن هذا الركود بدأ من قطاع الخدمات، إذ أوقفت كافة أشكال علميات الإغلاق المختلفة التي نفذتها الحكومات تدفق الإيرادات في قطاعات الإسكان والمطاعم وشركات الطيران في العديد من البلدان. ومن بين المخاوف أنه على عكس الأنواع الأخرى من القطاعات التي تميل إلى استرداد بعض الإيرادات المفقودة بمجرد انتهاء الأزمة - كالذين يقررون عدم شراء سيارة جديدة خلال فترة الركود، قد يفعلون ذلك بمجرد انتهاء الأزمة – في حين أن إيرادات وجبات المطاعم أو أسواق صالونات التزيين والحلاقة التي لا تُستهلك اليوم عبى قدر كافٍ ستضيع إلى الأبد.

ومما زاد الأمر سوءًا، أن الصدام بين روسيا والمملكة العربية السعودية حول استراتيجية أسعار النفط أدى إلى انخفاض سعر النفط إلى 20 دولارًا للبرميل تقريبًا، وهو ما يمثل أدنى مستوى له منذ عقدين تقريبًا. وهاتان الحالتان لهما أهمية خاصة لدولة مثل قطر: إذ يشكل الهيدروكربون ثلث الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى أنها كرست جهودها المبذولة في السنوات الماضية لتنويع اقتصادها من اعتمادها على قطاع الخدمات والسياحة.

في مواجهة هذا الوضع الصعب، وضعت دولة قطر سياسات لاحتواء التداعيات الاجتماعية والاقتصادية، حيث تصرفت الحكومة بسرعة بضخ 75 مليار ريال قطري (20.6 مليار دولار) في اقتصاد القطاع الخاص، إلى جانب سلسلة من إجراءات الإغاثة المالية الأخرى، التي تهدف إلى حماية الشركات، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث أعفت الحكومة الشركات الصغيرة والمتوسطة من الإيجار، والشركات في قطاع الخدمات من رسوم الكهرباء والمياه لمدة ستة أشهر.

لقد أثر مستوى عدم الاستقرار والغموض الذي يجتاح العالم على جميع مجالات حياتنا اليومية تقريبًا، ومع تضاءل الثقة تراجعت معدلات الإنفاق والاستهلاك

جوستين إنداكو

سيكون لهذه الإجراءات تأثيران إيجابيان، وذلك نظرًا للتوقف المفاجئ للإيرادات، فإن إعفاء الشركات من بعض تكاليفها الثابتة من شأنه أن يقلل من الضغط المالي عليها، مما يسمح لها بالحفاظ على استقرارها خلال أشهر. وهذا أمر مهم بشكل خاص للشركات الصغيرة التي لا تتمتع إلا بقدر قليل من فرص الحصول على القروض.

كما يعد الحفاظ على الشركات المفتوحة أمرًا بالغ الأهمية من أجل تقليل عدد حالات الاستغناء عن العاملين. ولا يقتصر هذا على الفائدة المباشرة التي تعود على هؤلاء الموظفين، بل إنه يؤثر أيضًا بشكل غير مباشر على الاقتصاد، حيث سيستمر العاملون في إنفاق جزء من دخلهم على البقالة والسلع الأخرى، وبالتالي، إن الحفاظ على إيرادات الشركات لن يجعلها تشعر بالحاجة إلى تسريح العاملين.

في المقابل، تتجه الولايات المتحدة إلى مسار آخر، فهم يفكرون في توجيه الأموال مباشرة إلى المستهلكين بدلاً من الشركات، عن طريق إرسال 1000 دولار بشكل عشوائي إلى كل شخص بالغ. على الرغم من أن هذا قد يجعل الجميع أفضل حالًا، فقد أظهرت الأدلة من الأزمات المالية السابقة أن هذا الإجراء غير فعال.

ويشير الاقتصاديون إلى الميل الحدي للاستهلاك عند تحليل هذه السياسات (أي: كم من الزيادة في الدخل المتاح للأفراد تتسبب في الاستهلاك). بشكل عام، في أوقات الأزمات يكون الميل الحدي للاستهلاك منخفضًا. بالنسبة للأفراد الذين لا يحتاجون هذه الأموال فإن تحويلها لمرة واحدة له تأثير ضئيل. من ناحية أخرى، إن تحويل الأموال يساعد على تخفيف بعض الضغوط النفسية لمن هم بحاجة إليها، كما يميل بعض الأفراد إلى إدخار جزء كبير من هذه الأموال النقدية خوفًا من عدم الاستقرار، وبالتالي، لا تتدفق هذه الأموال إلى الاقتصاد مرة أخرى.

مصدر الصورة: Migren Art، عبر موقع Shutterstock

مع ذلك، ربما كان بوسع حكومات أخرى التفكير في نسخة محسنة من هذه السياسة لاستكمال الحزمة المالية القائمة بالفعل. بينما يؤدي استهداف الشركات إلى التقليل من العاملين في القطاع الرسمي، فإنه يؤثر بشكل غير مباشر على العاملين في ظل أشكال أخرى من العمل. حيث شهد الأفراد الذين يعملون في مجال توفير الخدمات، والعاملين لحسابهم الخاص، والذين يعملون بالساعة، وخدمات التوصيل والتاكسي انخفاضًا مفاجئا في دخلهم، كما أنهم ليسوا المعنيين بموجب الإجراءات المعلنة، في حين أن إنشاء برنامج للتحويلات النقدية المشروطة التي يحصل بموجبها هؤلاء العاملين على دفعات نقدية من شأنه أن يخفف من وضعهم إلى حد كبير.

لقد أثر مستوى عدم الاستقرار والغموض الذي يجتاح العالم على جميع مجالات حياتنا اليومية تقريبًا، ومع تضاءل الثقة تراجعت معدلات الإنفاق والاستهلاك، وبالتالي، سوف يتطلب التعافي الحاد تغييرًا جذريًا في الثقة، وهو أمر يبدو غير مرجحًا نظرًا للظروف، ولهذا السبب دور الحكومات أمر حاسم في إنقاذ الاقتصاد والعاملين فيه، وخاصة من هم بحاجة للمساعدة.

قصص ذات صلة