إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
19 August 2020

مقال رأي: نتائج استطلاعات الرأي الصيفية حول انتخابات الرئاسة الأمريكية خادعة

مشاركة

مصدر الصورة: Matt Smith Photographer، عبر موقع Shutterstock

تناولت إحدى محاضرات سلسلة المعرفة، التي تنظمها جامعة تكساس إي أند أم في قطر، موضوعًا تناول محور "دونالد ترامب ضد الركود: الاستقطاب الحزبي ونهاية التصويت الاقتصادي في الولايات المتحدة". قدَّم المحاضرة الدكتور جوزيف دانييل أورا، ويحدثنا في السطور التالية عن رأيه حول السبب الذي يدفعه للاعتقاد بتأزم محاولة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب.

تواجه الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من العراقيل تتمثل في انتشار وباء كوفيد-19 ووجود أزمة اقتصادية مصحوبة بصيفٍ لا تهدأ فيه الاحتجاجات ضد انتهاكات الشرطة والممارسات العنصريّة، وقد أخفق الرئيس دونالد ترامب حتى الآن في جمع كلمة البلاد على حلول تعالج أشد مشكلاتها إلحاحًا. في الوقت ذاته، لا يتوقف سيل الأزمات التي ترتكبها إدارة ترامب بداية من الدخول في معارك لفظية عديمة الأهمية مع الخصوم السياسيين ونهاية بظهور تقارير تفيد بتجاهل الرئيس الأمريكي للمساعي الروسية التي تحرّض حركة طالبان على مهاجمة القوات الأمريكية في أفغانستان.

ومن ثمَّ، ليس مستغربًا أن يأتي الرئيس ترامب متأخرًا في استطلاعات الرأي، إذ تشير أحدث استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى أن الرئيس ترامب يتخلَّف بصورة ملحوظة للغاية في السباق الانتخابي عن خصمه الديمقراطي المفترض جو بايدن، نائب الرئيس السابق. على سبيل المثال، يظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته قناة "أيه بي سي نيوز" وصحيفة واشنطن بوست أن 55% من الناخبين المسجَّلين في مختلف أنحاء البلاد قالوا بأنهم سيصوَتون لبايدن، في مقابل 40% فقط يعتزمون التصويت لصالح ترامب.

الدكتور جوزيف دانييل أورا

مع هذا، وبرغم هذه الرياح العاتية التي تسير في عكس اتجاه الرئيس، لا يصح استبعاده من المعادلة.

أولًا، يتمتع الرؤساء الذين يسعون لإعادة انتخابهم في الولايات المتحدة بمزايا انتخابية مهمة لا يحظى بها منافسوهم. من هذه المزايا قدرتهم على نيل الإشادة بما حققوه من إنجازات على أرض الواقع خلال فترتهم الرئاسية، والاهتمام الإعلامي اللافت بهم، والحصول على دعم مالي هائل لحملاتهم الانتخابية. تمنح هذه المزايا مجتمعة أفضلية انتخابية للرؤساء الذين أمضوا فترتهم

الأولى ويسعون للفوز بفترة ولاية ثانية. في الواقع، لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن أخفق في إعادة انتخابه منذ الحرب العالمية الثانية سوى الرئيس جيمي كارتر الذي خسر أمام رونالد ريجان عام 1980.

ثانيًا، لم تسجل استطلاعات الرأي في العصر الحديث، في أي وقت كان، استقطابًا حزبيًا بين الناخبين الأمريكيين أشدّ في حدته من الاستقطاب الحالي. وتعني شدة الاستقطاب الحزبي أن الهوية الجمهورية أو الديمقراطية التي يتمثلها الناخبون الأمريكيون تزيد من تباعدهم الأيديولوجي عن أعضاء الحزب المقابل، في حين تزيد تقاربهم الأيديولوجي من أعضاء الحزب الموافق لهويتهم.

عندما تنخفض حدة الاستقطاب، تزداد المساحات المشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين، ومعها ترتفع احتمالية عبور الناخبين الحدود الحزبية والتصويت لصالح مرشح حزب آخر عندما يؤدي مرشح حزبهم أداءً ضعيفًا. أما زيادة حدة الاستقطاب فتؤدي إلى تقليل القواسم المشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين وزيادة احتمالية تصويت الناخبين لمرشحين من أحزابهم بدلًا من النظر في مدى جدارة كل مرشح على حدة. تأتي انتخابات 2020 وسط انقسام حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين لم تشهد العقود السبعة الماضية مثيلًا له.

بشكل عام، يعد الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين خبرًا سارًا للرئيس ترامب؛ فالناخبون الجمهوريون الذين تخلوا عنه في الماضي بسبب سوء أداء الاقتصاد أو الفضائح التي تواجه إدارته تزداد الآن احتمالية تمسكّهم بترشّحه. نتيجة لذلك، يُحتمل أن يعمد العديد من الناخبين الجمهوريين غير الراضين عن أداء الرئيس، ويعربون في استطلاعات الرأي عن نيتهم التصويت لصالح بايدن، إلى التصويت فعليًا لصالح ترامب في نوفمبر القادم.

يرجح أن تسهم القوة المزدوجة المتمثلة في ميزة توّلي منصب الرئاسة والاستقطاب الحزبي في دعم حملة إعادة انتخاب الرئيس ترامب على نحو لا تعكسه استطلاعات الرأي الحالية. كنت قد شرعت بالتعاون مع البروفيسور كريستوفر إليس من جامعة باكنيل في الولايات المتحدة في إجراء بحث - لا يزال مستمرًا - أشرت إليه خلال محاضرة عامة في جامعة تكساس إي أند أم في قطر، وفيه وضعنا نموذجًا إحصائيًّا تقديريًا للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة منذ عام 1952 لقياس الأفضلية الانتخابية للمرشحين بناء على ميزتي الرئاسة الفعلية والاستقطاب الحزبي، ثم استخدمنا هذا النموذج لتوقع نتائج انتخابات 2020.

مصدر الصورة: Joe Tabacca، عبر موقع Shutterstock

وفقًا لهذا النموذج، نتوقع أن يخسر الرئيس ترامب التصويت الشعبي الوطني في انتخابات 2020 بفارق ضئيل للغاية بحصوله على 49% من مجموع الأصوات التي سيدلي بها الناخبون لمرشحي الحزبين الرئيسيين. وهي نفس نسبة الأصوات تقريبًا التي حصل عليها في عام 2016، وقد تكون هذه الأصوات كافية لتحقيق الفوز في المجمع الانتخابي والحصول على فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض.

ينبغي الإشارة هنا إلى أن نموذجنا الإحصائي لا يضع في الاعتبار كافة التأثيرات المحتملة على الانتخابات الوطنية الأمريكية. فعلى سبيل المثال، لم يكن هناك وباء في الولايات المتحدة بحجم كوفيد-19 في الفترة الزمنية التي أسسنا عليها نموذجنا. لذا، من الممكن أن يختلف سلوك الناخبين في 2020 تجاه المرشحين اختلافًا جذريًّا عن الانتخابات السابقة.

مع ذلك، فإن الاستنتاج الرئيسي الذي استخلصناه من تحليلنا يفيد بأن استطلاعات الرأي الحالية لا تقدم مؤشرًا قويًّا لنتيجة انتخابات نوفمبر. صحيح أن ثمة صعوبات تكتنف محاولة إعادة انتخاب الرئيس ترامب، لكن من المرجح أن تكون نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 في الولايات المتحدة متقاربة على نحو أكبر بكثير مما تشير إليه الآن معظم استطلاعات الرأي العام.


يشغل الدكتور جوزيف دانييل أورا منصب أستاذ العلوم السياسية بجامعة تكساس إي أند أم في الحرم الرئيسي بالولايات المتحدة وفرع الجامعة في قطر. حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، ودرس العلوم السياسية في المرحلة الجامعية بجامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة.

قصص ذات صلة