إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
25 June 2020

مقال رأي: الأضرار التي نسببها لليمن في وسائل الإعلام

مشاركة

وُصف الوضع في اليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم، لكن وفقًا لمريم الذبحاني إن هذا السرد القصصي لا يساعد البلاد.

مصدر الصورة: Anasalhajj، عبر موقع Shutterstock

تنصح مريم الذبحاني، طالبة الدراسات العليا بمؤسسة قطر، الذين يتطلعون إلى دعم البلد الذي مزقته الحرب إلى تعزيز معرفتهم بالصراعات والتحديات وتوسيع مداركهم

منذ طفولتي، كانت صراعات اليمن وتحدياتها قضية مطروحة. على مرّ السنين، كان اليمنيون يسمعون عن جمع التبرعات والمساعدات التي تُرسل إليهم من قبل مختلف الدول في العالم، ولكن نادرًا ما يشهدون أي تغيير ملحوظ على أرض الواقع. الحقيقة هي استمرار الفساد والجهل والفقر بملاحقة اليمن واليمنيين منذ عقود. علاوة على ذلك، أدت الحرب المستمرة إلى تفاقم الوضع.

يرتبط مدى الاهتمام باليمن على وسائل التواصل الاجتماعي بعدد المرّات التي يشارك فيها أحد المؤثرين صورة أو خبرًا، مما يحدث قوة دافعة للقضية. بعد فترة وجيزة، حين يتلاشى هذا الاهتمام، تصبح اليمن مهملة وغير مرئية

مريم الذبحاني

إن التغطية الإعلامية في اليمن نادرًا ما تكون في المنصات الدولية، ومسيسة إلى حد كبير في المنافذ الإقليمية. بالرغم من الجهود المبذولة، فإنني أرى أن التغطية الإعلامية لا تفيد البلاد. إذ تعكس وسائل الإعلام في الأساس سرد قصصي وروايات مروعة تبني عليها أخبارها بشكل مستمر، حيث أصبح اليمنيون محاصرون بعناوين "الحرب اللامتناهية" و"الدولة الخفية" و"أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم"، والتي تسلط الضوء فقط على قصص الدمار، وإن كان هذا صحيحًا، فإن تقديم هذا السرد القصصي والأفكار لا تساعد أحدًا، بل على العكس تؤدي إلى تعزيز الأزمة ذاتها واستمرارها، وتشجيع أولئك الذين يفتعلونها.

مريم الذبحاني

يرتبط مدى الاهتمام باليمن على وسائل التواصل الاجتماعي بعدد المرّات التي يشارك فيها أحد المؤثرين صورة أو خبرًا، مما يحدث قوة دافعة للقضية. بعد فترة وجيزة، حين يتلاشى هذا الاهتمام، تصبح اليمن مهملة وغير مرئية. وتنعطف العديد من الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مع هذه الموجات، ويشاركون أصدقائهم فقط للحصول على علامات إعجاب لمنشوراتهم أو لزيادة التعليقات أو لنشر الصور. بالتالي اختلفت قصصنا وتم تجريدها من الإنسانية وتحويلها إلى مجرد أرقام. وغالبًا ما تحدُث موجات الاهتمام والانتباه المفاجئة هذه، دون الحرص على متابعة بقية القصة، وإلا فما هي نتيجة الموجة الأخيرة؟

من أجل إحداث تغيير حقيقي، لا بدّ من معالجة مسألة التنمية في البلاد من خلال التبرعات والاهتمام، ودعم اليمنيين لتخطي هذه المحنة. وهذا يشمل ضغوطًا ملموسة وفعالة على جميع الأطراف المتحاربة ليدركوا أن إنهاء الحرب أفضل حل للجميع في البلاد والمنطقة. للأسف، تستمر الحرب في استدراج الجميع، إذ أصبحت هي الجهة التي تعوّل العديد من العائلات، حيث ينضم أطفالهم، الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات إلى الخطوط الأمامية للقتال، تاركين التعليم ورائهم، لذلك، أي جهود أساسية لرفع مستوى الوعي، تحتاج إلى دعم الثقافة والحفاظ على الهوية والأمل للأجيال القادمة للسعي من أجلها والتعلم منها.

إلى جانب الإنسانية والتنمية، هناك حاجة لتسليط الضوء على الثقافة اليمنية الغنية في أي سرد قصصي يصدر عن اليمن.

مريم الذبحاني

بالنسبة للعالم الخارجي، نحن مجرد حرب أخرى في الشرق الأوسط. ومكان لتصوير أفلام عن الإرهاب ونشر الخوف والذعر في نفوس الناس، كما لو لم يكن هناك شيئًا جيدًا. كما هو الحال في المسلسل التلفزيوني الشهير "الأصدقاء"، حيث يهرب تشاندلر – إحدى شخصيات المسلسل- من صديقته بالسفر إلى اليمن، أو كمثال آخر، عند تمثيل مشاهد انتهاء العالم وكأنه حدث في اليمن، في الجزء الخامس من مسلسل "بريزون بريك"، على الرغم من أنه تم تصويره في المغرب.

إلى جانب الإنسانية والتنمية، هناك حاجة لتسليط الضوء على الثقافة اليمنية الغنية في أي سرد قصصي يصدر عن اليمن. إذ تسببت الحرب المستمرة في إلحاق أضرار لا رجعة فيها للنسيج الثقافي اليمني، والذي يساهم بشكل ما في تعميق الروابط بين اليمنين وتجاوز خلافتهم السياسية. من بين القضايا التي نواجهها اليوم أن العالم لا يعترف بأهمية حماية التراث الثقافي لليمن حاليًا ويرفض أي محادثة حوله، لأن اليمن يتم تعريفه بالمجاعة ومرض الكوليرا والموت.

نصيحتي للذين يحاولون دعم اليمن هو تعزيز معارفهم وتوسيع مداركهم حول الصراعات والتحديات التي يواجهها اليمن قبل الوقوع في فخ ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

مريم الذبحاني

بصفتي روائية وصحفية وصانعة أفلام ومهتمة في المتاحف، فإنني أرى أن هذا السرد القصصي يشكل خطرًا على البلاد ومستقبلها. نصيحتي للذين يحاولون دعم اليمن هو تعزيز معارفهم وتوسيع مداركهم حول الصراعات والتحديات التي يواجهها اليمن قبل الوقوع في فخ ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والطلب من الزملاء اليمنيين المطّلعين التحدّث عن وطنهم، ودعم منظمات المجتمع المدني المحلية بخبراتهم ودعمهم المالي.

وفقًا لمريم الذبحاني أنه في قصص اليمنيين العالقين في الصراعات تم تجريدها من الإنسانية وتحويلها إلى مجرد أرقام. مصدر الصورة: Anasalhajj، عبر موقع Shutterstock

هناك العديد من الطرق لتقديم المساعدة بدلًا من تغيير صورة الملف الشخصي ونشر بعض الصور والأخبار فقط. كما إن جائحة العالم الحالي وبقاء الأفراد في منازلهم أجبرهم على التواصل عبر الإنترنت بشكل أكبر. فالعالم الرقمي هو امتداد للعالم الحقيقي، ويمكننا التأثير من خلاله، فقط يجب علينا أن ندرك نوعية المنصات التي نستخدمها والقصص التي نقوم بنشرها ومشاركتها.


مريم الذبحاني، هي صحافية وصانعة أفلام روسية من أصلٍ يمني. تدرس حاليًا في كلية لندن الجامعية، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، لتنال درجة الماجستير في المتاحف والمعارض. تم عرض أفلام الذبحاني عالميًا في مهرجانات مثل قرطاج وإنترفيلم وأواكساكا. كما أنها تستخدم الواقع الافتراضي لتسليط الضوء على القصص من اليمن.

قصص ذات صلة