للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
السيد ستيوارت ليمنج، المدير التنفيذي لمدارس مؤسسة قطر يتحدث عن الفرص والتحديات التي قد تنتج عن ظهور وباء كوفيد-19 في ما يتعلق بالتعليم العالمي
يسر نقاد التعليم أن يعرضوا لنا صوراً جنبًا إلى جنب لقاعات الفصول الدراسية اليوم ومنذ 50 عاماً مضت. ويتساءلون: "لماذا لم يحدث فرق كبير؟" فظاهرياً، قد يبدو أن كلاهما متشابهان، خصوصًا عندما يكون محرر الصور انتقائيًأ، ولكن عمليًا، ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة.
فتعتبر شاشات العرض التفاعلية، وترتيب مقاعد الفصل في مجموعات تعاونية، والتكنولوجيا المنتشرة في كل مكان، ومصادر التعلم عبر الانترنت، وتسجيل الطلاب أعمالهم الكترونيًا، جميعها أساسيات في فصول الدراسة الحديثة. فعلى سبيل المثال، لا تظهر بيئات التعلم الافتراضية في الصور، ولكنها موجودة بشكل أساسي في التعليم الحديث. فالمكان الذي نراه هو مجرد المحيط الذي تتم بداخله العملية التعليمية، أو يمكن تسميته بالمحيط الفيزيائي. أما بالنسبة لجانب الممارسة التعليمية؛ أو المحيط الإفتراضي لعملية التعلم فهو الجزء الذي لا يمكننا رؤيته من خلال الصور.
فإن التحول من الاعتماد على الطرق المادية في التعلم إلى استخدام المصادر الإفتراضية الغير متمركزة، قد أعدّنا لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية بمرونة. فنحن جميعًا نستقي المعلومات حول وباء كوفيد-19 من خلال وسائل الإعلام الالكترونية، وكذلك التكنولوجيا ذاتها تتيح لأطفالنا الاستمرار في التعلم على الرغم من انتشار وباء كوفيد-19.
المعلمون يتابعون عملية التدريس، والطلاب يدرسون؛ الجميع يمارسون أعمالهم من المنزل. فالأنظمة كانت موجودة بالفعل لتسهيل الانتقال إلى طريقة مختلفة لإنجاز الأعمال. ولكن تمامًا كما هو الحال في صور قاعات الفصول الدراسية القديمة وحالياً، فالصور قد تخفي اختلافات أساسية.
"التعلم في أي وقت وفي أي مكان" هو الشعار والهدف الذي نسعى إليه، وتعتبر البنية التحتية التقنية التي تسمح للمعلمين والطلاب بمزاولة العمل من أي مكان يختارونه، هي جزء صغير في طريقنا إلى تحقيق الحلم. الأهم من ذلك هو عملية التدريس؛ وهي محاولات تيسير التعلم الذي يستفيد من الفرص التي تقدمها لنا التكنولوجيا.
المعلمون محافظون بطبيعتهم. فهم يثقون بطرق التعليم المعتادة ويترددون حيال الابتعاد كثيراً عن الطرق المجربة. في النهاية، ليس هناك أب سيكون سعيدًا بمعرفة أن أحدًا ما يقوم بتجارب على حساب مستقبل طفله! فقد ألقى بنا وباء كوفيد-19 جميعًا وسط تجربة تعليمية ضخمة، ومع ذلك، دفعنا إلى تطوير التقنيات، واختبارها وتقييما كما لم يحدث من قبل. عملية الدراسة المتزامنة (حيث يُطلب من المعلمون والطلاب المشاركة والتفاعل خلال الدرس في نفس الوقت) في مقابل الدراسة الغير متزامنة (حيث لا يتفاعلون بنفس الطريقة)؛ وسائل التواصل الإجتماعي في مقابل وسائل الإعلام التقليدية، الإعلام متعدد الوسائط في مقابل الأعمال الكتابية، مواد تعليمية مبتكرة في مقابل المواد التعليمية التجارية.
ومع هذا التدفق الهائل من الإبداع التعليمي، يأتي منظور أخر لتقييم التعليم.
وفقًا للطريقة التقليدية، لطالما سلطنا الضوء على مدى كفاءة المعلمين في التدريس، وقيّمنا مهاراتهم داخل الفصل، وتخطيطهم للدروس بطرق مبتكرة، وقدراتهم التنظيمية. ولكن المعلمين هنا ليسوا هم موضع التركيز؛ ولكن مسئوليتنا الأساسية تنصب على طلابنا. حتمًا يجب أن يتعلم أطفالنا، ويجب أن يكون ذلك هو المقياس الوحيد الأهم لتحديد ما إذا كانت التقنيات ناجحة. ويصبح الأمر أكثر أهمية عندما لا يجلس المعلمون والطلاب في نفس المكان، لذلك لا تحدث التعليقات غيرالرسمية وجها لوجه بين الطالب والمعلم.
إن استجابتنا لمواجهة وباء كوفيد-19 قامت بتحفيز كم هائل من الإبتكار، ولكن هل ستحدد تلك الابتكارات مصير المشهد التعليمي في المستقبل؟ بالتأكيد، سنتستمر في استخدام بعض من تلك الحلول المبتكرة. التركيز على تحصيل ونتائج الطلاب عند تقييمهم دراسيًا قد يٌحدث نقلة، كما يمكن لتضمين الدراسة الغير متزامنة أن تحدث الأثر ذاته كجزء من منظور أِشمل. وقد اكتسب نموذج (الدورات التدريبية عبر الانترنت) صيت في قطاع الجامعات، وقد يكون هناك فرصة للنمو أكبر حالياَ في قطاع الثانوي.
مصدر الصورة: Just dance عبر موقع Shutterstock
المدارس ليست مجرد مجموعة من المباني وملاعب؛ بل هي مجتمعات بأكملها. ولا يمكن الاستهانة بالفوائد الاجتماعية الناتجة عن تكاتفنا كمجتمع تعليمي وبالنسبة لكثيرين ذلك سيعني استمرارية التواصل كما الذهاب إلى المدرسة بصورتها المادية. وعلى الأرجح أن غالبية الطلاب حول العالم ليس لديهم هذا الامتياز. فما تعلمناه قد يُمكّن مجتمعات الطلاب من التكاتف تحت مظلة تعليم لا يعرف حدود مكان أو الزمان.
فمن قلب المحن تولد المنح.