إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
10 February 2020

أكثر من مجرد كرسي متحرك

مشاركة

يتحدث شريف محمد الجندي عن أهمية عدم "التمييز" على أساس الجنس أو العرق أو الاحتياجات الخاصة

لي في الأماكن العامة لمجرد جلوسي على كرسي متحرك. انتابني الخوف وغمرني الخجل عندما حضرت برنامج سفراء القبول في جامعة جورجتاون في قطر.

عندما وصلتُ إلى القاعة التي يقام فيها البرنامج، اتجهتُ نحو الكافتيريا لتناول الطعام وكنت أبحث عن طاولة لتناول غذائي، ولكن بسبب خوفي من التعرف على الأصدقاء وصدّهم لي كالعادة، اتجهتُ نحو طاولة فارغة لتناول الطعام وحدي. حالما بدأت بتناول "الكرواسان" اقتربت مني فتاة وسألتني: "هل أنت مصري؟" أجبتها وأنا مندهش "أجل"، فدعتني للانضمام إلى طاولة يجلس عليها مجموعة من المصريين.

أذهلني كيف أن هذه الفتاة تجاوزت مسألة الكرسي المتحرك الذي أجلس عليه ومدت لي يدها طالبة الصداقة.

منذ تلك اللحظة وفي اليوم الذي حضرت فيه برنامج سفراء القبول في جامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، تبيّن لي أن الأمور هنا ستكون مختلفة.
لقد كان الجميع يتعامل معي بناءً على شخصيتي طيلة سنوات الدراسة في الجامعة. بالنسبة لهم، الكرسي الذي أجلس عليه لا يشكّل عائقًا بيني وبينهم.

عندما كنت أذكر لأصدقائي أن إمكانية الوصول لا تتوفر في بعض الأماكن، كانوا يبادرون للمساعدة، ويقولون بصوت واحد: "لا تقلق، سنحملك". وعلى الرغم من أن هذا الحل ليس حلًا دائمًا، إلا أن موقفهم كان يؤثر بي، فلم أشعر يومًا بالإهمال لكوني جليس على كرسي متحرك.

كانت الأوضاع مثالية عندما دخلت جامعة حمد بن خليفة للحصول على درجة "دكتوراه في القانون"، حيث عاملني مجتمع الجامعة من طلاب وأساتذة على قدم المساواة معهم.

بعد التخرج، توفرت لي الفرصة للعمل في تنمية المجتمع التابع لمؤسسة قطر، فأصبحت فردًا من أسرة المؤسسة، وقد شاركت في "جولة العلم" للاحتفال باليوم الوطني للدولة، حيث كانت وظيفتي أن أستلم العلم من السيدة مشاعل النعيمي، رئيس تنمية المجتمع بمؤسسة قطر وتسليمه للبطل الرياضي القطري عبد الرحمن سامبا. وبعد شهر من الفعالية، وجدت صورتي التي تم التقاطها أثناء الفعالية تصفني في مكان ما بـ "جليس على كرسي متحرك".

إننا، ذوي الاحتياجات الخاصة، أشخاص متكاملون ولسنا مجرد كراسي متحركة أو عكازات أو حتى سماعات للصم

شريف محمد الجندي

هناك العديد من الإشكاليات في هذا التعليق.

أولًا، يجب ألا يتم تصنيف أي فرد من الأفراد بناءً على جنسه أو عرقه أو كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة، قيمة الفرد منا لا تقتصر على مظهره الخارجي. لهذا السبب فإن تصنيفي، أو أي فرد آخر في الوضع نفسه، كمجرد جليس على كرسي متحرك، هو توصيف في غير محله. إننا، ذوي الاحتياجات الخاصة، أشخاص متكاملون ولسنا مجرد كراسي متحركة أو عكازات أو حتى سماعات للصم.

إن الصورة النمطية لذوي الاحتياجات الخاصة ظاهرة شائعة في أغلب المجتمعات وليست في الشرق الأوسط وحسب. أما في بعض وسائل الإعلام، يَرد ذكرهم في صيغة الغائب ويتم تصنيفهم وفق ما يظهر عليهم من احتياجات خاصة، أو يغيّبون بالكامل. أما إذا ظهرت بعض صورنا في الإعلام فلا يتعدى ذلك أن يكون محض دعاية مبتذلة. الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يستحقون الاحترام استحقاقًا كاملًا واحترام المجتمع لهم يشمل توفير إمكانية الوصول للتعليم والترفيه لكي يكون لهم ما لزملائهم بالتساوي.

وحتى يحقق المجتمع احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة من إمكانية الوصول في المرافق والدمج الاجتماعي التام، لا بد من إشراكهم في جميع فعاليات المجتمع وفي كل خطوة. فليس كافيًا أن يقال لذوي الاحتياجات الخاصة: "لا تقلقوا سنقوم بمهامكم عنكم" كلا! لا أحد يدرك احتياجاتنا كما نفعل. بل يجب على المجتمع أن يتأقلم مع هذه الاحتياجات وليس العكس.

وحتى يحقق المجتمع احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة من إمكانية الوصول في المرافق والدمج الاجتماعي التام، لا بد من إشراكهم في جميع فعاليات المجتمع وفي كل خطوة

شريف محمد الجندي

أدعو كل أفراد المجتمع إلى تطبيق رسالة مؤسسة قطر الرامية إلى إطلاق قدرات الإنسان. على المستوى الاجتماعي، يحتضن مجتمع مؤسسة قطر الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة ويستوعبهم ، ولكن من المهم أن تتوسع المؤسسة في تعزيز إمكانية الوصول في مرافقها أكثر مما هو عليه اليوم. حيث أن عملية التكامل بين توفير المؤسسة لبيئة اجتماعية تستوعب ذوي الاحتياجات الخاصة وإمكانية الوصول في أماكن سكنهم ودراستهم وعملهم، هو أمر في غالية الأهمية.

كما أنه من المحفز أن تتابع المؤسسة مضيها قدمًا في نشر رسالة الشمولية الاجتماعية، في سبيل وضع معايير متبعة لإمكانية الوصول والشمولية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة في سائر المرافق وفي مختلف المجتمعات.

في الختام، أود أن يعرف الجميع أنني أنا، شريف محمد الجندي، أستخدم كرسيًا متحركًا ولكنني أيضًا إنسان فاعل ونشط، مسلم أؤمن من خلال ثقافتي الدينية بأهمية دعم الإنسان لأخيه الإنسان، وخريج مؤسسة قطر وموظف في هذه المؤسسة، جميعها جوانب تشكل شخصيتي، وإنني فخور بكوني جليس على الكرسي المتحرك.

شريف محمد الجندي، مشرف دعم الأعمال ذات الصلة باضطراب طيف التوحد/الاحتياجات الخاصة، الترفيه والفعاليات، تنمية المجتمع في مؤسسة قطر

قصص ذات صلة