إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
7 August 2020

بروفيسور بمؤسسة قطر يفوز بجائزة دولية مرموقة في حلول تشفير البيانات

مشاركة

بمقدور التطبيقات التي تحتاج إلى تشفير بياناتها، الاستفادةَ من الحل الذي طوره الدكتور روبرتو دي بيترو والمؤلفين المشاركين.

مصدر الصورة: SewCream، عبر موقع Shutterstock

الدكتور روبيرتو دي بيترو، الأستاذ بجامعة حمد بن خليفة، ينضم إلى سلسلة الفائزين بجائزة جان كلود لابري عن ورقة بحثية ألّفها مع ثلاثة من الباحثين وقدمت حلاً لتشفير البيانات وتعزيز الأمن السيبراني.

كان "جان كلود لابري" يقول إن الأمن هو واحدٌ من السمات الأساسية الخمس للموثوقية والأمان. ويعتبر "لابري" عالم فرنسي في علم الحاسوب وأحد رواد الحوسبة الآمنة، ويُشتهر بتحديد وتعريف المصطلحات الفنية التي تستخدم في عصرنا بهدف تقييم أداء الأنظمة وتشخيص المشكلات التي تواجهها. نال العديد من الجوائز الوطنية، ومنها وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي من رتبة فارس في العام 2002.

تكريمًا للسيد لابري، شرعت مجموعة العمل المعنية بالحوسبة الموثوقة واحتمال الأخطاء التابعة للاتحاد الدولي لمعالجة المعلومات (IFIP)، منذ العام 2012، بمنح جائزة تحمل اسمه احتفاءً بالأوراق البحثية المتميزة ذات التأثير الكبير في نظريات الحوسبة الآمنة أو ممارساتها.

الدكتور روبيرتو دي بيترو

وقد شهد ربيع العام 2020 فوز أحد أساتذة المدينة التعليمية في مؤسسة قطر بالنسخة الأخيرة من الجائزة المرموقة، ألا وهو البروفيسور روبيرتو دي بيترو، أستاذ الأمن السيبراني بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، بمشاركته مع ثلاثة مؤلفين آخرين هم "جيوسيبي أتينيزي"، و"لويجي مانسيني"، و"جين تسوديك"، عن ورقتهم البحثية التي نشروها عام 2008 بعنوان "معالجة البيانات بطريقة فعالة وقابلة للقياس والإثبات".

قدّمت الورقة أولَّ حل من نوعه لتشفير البيانات الحيوية، أي تلك التي تتغير بوتيرة متكررة. يتيح الحل لأنظمة الحواسيب حماية أمن البيانات وإضافة بيانات جديدة، ومحو البيانات القائمة، وتعديل البيانات على مستوى الكتلة.

الخصوصية والأمن شرطان متلازمان في ميدان الحوسبة، إلا أنه من الصعب تحقيق كليهما في آنٍ معًا

الدكتور روبيرتو دي بيترو

بمقدور التطبيقات التي تحتاج إلى تشفير بياناتها، كالعمليات المصرفية أو النقل الآمن للمعلومات، الاستفادةَ من الحل المذكور، وكذا بالنسبة لعمليات التحويل الرقمي الشامل للاقتصادات، والتي تتضمن نقل العقود إلى الفضاء الإلكتروني وإنشاء معاملات مالية جديدة وآمنة.

منذ نشر الورقة البحثية قبل ما يزيد على عشر سنوات، لا يزال الحل الذي طرحته لا نظيرَ له ولا يضاهيه مثيل.

وفي تعليقه على البحث، يقول المعتز بالله النزهي، رئيس مجموعة العمل المعنية بالحوسبة الموثوقة واحتمال الأخطاء التابعة للاتحاد الدولي لمعالجة المعلومات: "تعدّ الورقة البحثية أداةً أساسية في بناء جسر بين مجتمعات البحوث المعنية بالأمن والأنظمة والشبكات الآمنة".

مع أن جائزة جان كلود لابري قد لا تكون معروفةً خارج أوساط الدوائر العاملة في مجال علوم الحاسوب، إلا أن تأثيرها، والبحوث المتقدمة التي تحتفي بها، واسعة النطاق والمدى. فالحلول التي تقدمها الأوراق الفائزة يمكن رؤيتها على نحو جليّ في مجالات الطيران والنقل والتطبيقات الفضائية وغيرها. وكي تفوز ورقة بحثية ما بالجائزة لا بدّ أن تقدم حلاً مديدًا من حيث تأثيره التقني والعلمي والتجاري والصناعي.

كلّ شيء تقوم بتخزينه على نظام الهاتف عبارة عن جواز مرور لمخترقي الأجهزة. وهذا يعني، في علم المصطلحات الفنية، إن هذا التطبيق يجعل الضوابط والمعايير الأمنية أكبر عرضة للإختراق

الدكتور روبيرتو دي بيترو

يضيف السيد النزهي قائلاً: "من أجل تقييم أثر الورقة البحثية تقييمًا وافيًا، فإننا نصرّ على مرور فترة لا تقل عن عشر سنوات بعد نشرها ضمانًا لاختيار الأوراق البحثية التي ثبُتت استدامةُ تأثيرها لمدة زمنية طويلة".

من جانبه، يقول الدكتور دي بيترو إن مضمون الورقة الفائزة ما هو إلا عنصرٌ واحد من العناصر الأساسية التي يلزم توافرها في مجال نظم الحوسبة الموزّعة التي يُعوّل عليها اليوم لحفظ أمن البيانات وخصوصيتها.

فكلّما ازداد وجود البيانات والمعلومات والتفضيلات الشخصية في فضاء الإنترنت، ازدادت وتيرةُ الهجمات السيبرانية وعظُم خطرُها.

يشغل الدكتور دي بيترو منصبًا أكاديميًا في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، حيث قاد الجهود المبذولة لإنشاء مركز بحثي عالمي الطراز في الأمن السيبراني، وعمل على إيجاد حلول تعالج مسألة التوازن الدقيق بين تحقيق الأمن وحماية الخصوصية.

يتميز العلم في يومنا هذا، بتنافسية شديدة تُجبر الباحث على التفكير خارج الإطار التقليدي المتعارف ليحقق التأثير المرغوب، ما لم يفعل ذلك فسيبقى من جملة الذين يبحثون الشيء ذاته مرارًا وتكرارًا دون طائل

الدكتور روبيرتو دي بيترو

يقول الدكتور دي بيترو: "صحيحٌ أن الخصوصية والأمن شرطان متلازمان في ميدان الحوسبة، إلا أنه من الصعب تحقيق كليهما في آنٍ معًا، فإما هذا أو ذاك، والخصوصية هي الجانب الأكثر صعوبةً. مع أن الجميع يتحدث اليوم عنها، هناك ندرة في عدد الشركات التي ترغب في الاستثمار فيها، خاصةً وأن الشركات تستخدم بياناتك لتعرف الأشياء التي تفضّلها وترغب بها".

لقد رأينا اليوم، في خضمّ جائحة كورونا (كوفيد-19)، أن مسألة أمن البيانات وخصوصيتها طفت إلى السطح من جديد مع سعي الحكومات المختلفة لإنشاء تطبيقات تتتبع الحالة الصحية للفرد عبر الهواتف النقالة، ما يعني حُكمًا إطّلاع تلك الحكومات على البيانات الشخصية للأفراد.

يعلّق الدكتور دي بيترو على هذه القضية بالقول: "نعمل اليوم على التحقق من نسبة أمان هذه التطبيقات، فهي المفتاح لأكثر أجهزتك خصوصيةً، هاتفك النقال. فكلّ شيء تقوم بتخزينه على نظام الهاتف عبارة عن جواز مرور لمخترقي الأجهزة. وهذا يعني، في علم المصطلحات الفنية، أن التطبيق الصحي يجعل الضوابط والمعايير الأمنية أضعف وأسهل عرضة للاختراق".

في الوقت الذي يأسف الدكتور دي بيترو لغياب التعاون بين البلدان التي قررت منفردةً إنشاء تطبيقات تتبُّع خاصة بها لمكافحة "كوفيد-19"، فإنه يشعر بأنه محظوظ لكونه عضوًا في فريق بحثي متخصص مقرّه الدوحة.

الأمن السيبراني هو أحد المجالات البحثية الرئيسية في قطر. مصدر الصورة: Husjur02، عبر موقع Shutterstock

من واقع خبرته السابقة كرئيس للفريق العالمي لبحوث الأمن في مختبرات بيل (Bell Labs)، التي تنتشر في باريس وميونخ وإسبو، فإنه يعرف حقّ المعرفة أن القيود المفروضة على الميزانيات غالبًا ما تكون نتيجتها الإحباط. أما في دولة قطر، فالأمن السيبراني يشكل أحد ركائز استراتيجية رؤية قطر الوطنية 2030، وبالتالي فإن العمل الجاد والابتكارات تلقى دعمًا ماليًا سخيًّا، ما يعني أن الأفكارَ تجد في نهاية المطاف طريقَها إلى التطبيق وتصبح واقعًا ملموسًا. خير دليل على ذلك أنه وزملاءَه نالوا في العامين الأخيرين فقط 16 براءة اختراع. يعلّق على هذا بقوله: "نبحث في قطر عن تحديات طموحة تشكك في الافتراضات الشائعة وتعمل على دحضها بالأدلة والحجج. يتميز العلم في يومنا هذا، بتنافسية شديدة تُجبر الباحث على التفكير خارج الإطار التقليدي المتعارف ليحقق التأثير المرغوب، ما لم يفعل ذلك فسيبقى من جملة الذين يبحثون الشيء ذاته مرارًا وتكرارًا دون طائل".

الجدير بالذكر أن البحوث والابتكارات التي تنتَج في دولة قطر مستمرة في ترك بصمتها والإشادة بذكرى جان كلود لابري. فها هو الدكتور دي بيترو وفريقه يعملون بلا كلل أو ملل بحثًا عن حلول جديدة ذات أثر مستدام في مجال الحوسبة الآمنة، مثلما ظلّ لابري نفسُه يفعل حتى وفاته في سنة 2010. يقول الدكتور دي بيترو إنّ الابتكار الحقيقي، الذي يضاهي إبداعات عالِم الحاسوب الفرنسي المشهور، هو ذلك القادر على الصمود في وجه اختبارات الزمن. ويضيف: "إن الأشياء التي قام لابري بتدريسها ما تزال وثيقة الصلة بحاضرنا، فبعض العناصر الأساسية لا تتغير بمرور الوقت ولا يعفو عليها الزمن أو تسقط بالتقادم، مثلها مثل الجاذبية".

قصص ذات صلة