إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
20 October 2020

أستاذ الدراسات الإسلامية وأخلاقيات الطب الحيوي بمؤسسة قطر يسلط الضوء على المنظور الإسلامي لعلم الجينوم

مشاركة

مصدر الصورة: Kentoh، عبر موقع Shutterstock

الدكتور محمد غالي الأستاذ بمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بجامعة حمد بن خليفة يجيب عن سؤال عما إذا كان علم الجينوم أقرب إلى التكهنات الطبية.

لقد سمع معظمنا، إن لم يكن جميعنا، عن احتمالية اقترابنا من عالم يتكون في المستقبل من بطاقات التقارير الجينية، حيث تحدد هذه التقارير مدى احتمالية إصابة الشخص بمرض بناءً على الطفرات الموجودة في الجينوم الخاص به. كما يجري تحديد تصنيفات الأمراض بناءً على الاستعداد الوراثي، فعلى سبيل المثال يشير التصنيف "أ" في سرطان القولون إلى ارتفاع احتمالية إصابة الشخص بالمرض.

إن النطاق المرئي وغير المرئي ليس ثابتًا في الإسلام. ومع التقدّم التكنولوجي الحاصل بمرور الوقت، يمكن رؤية ما كان غير مرئي من قبل.

محمد غالي

في هذا الصدد يصرح الدكتور محمد غالي، أستاذ الدراسات الإسلامية وأخلاقيات الطب الحيوي في مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق بجامعة حمد بن خليفة التابعة لمؤسسة قطر، قائلاً:"صحيح أن علم الجينوم قد فتح أبوابًا لمعرفة لم تكن من ذي قبل لدى أسلافنا."

ويستعد علم الجينوم لإحداث قفزة هائلة في مجال الرعاية الصحية. وقد تبدو قدرته على قراءة ما يسمى بـ "كتاب الحياة" ولفت نظر الناس إلى مشاكل صحية محتملة في المستقبل مثل الكهانة أو التعدّي على الغيب للوهلة الأولى، وهي من حيث المبدأ لا يحبذها العديد من علماء المسلمين.

محمد غالي

يضيف قائلًا: "إن النطاق المرئي وغير المرئي ليس ثابتًا في الإسلام. ومع التقدّم التكنولوجي الحاصل بمرور الوقت، يمكن رؤية ما كان غير مرئي من قبل. فعلى سبيل المثال، لم يكن من الممكن منذ مئات السنين رؤية الجنين ينمو باستخدام الموجات فوق الصوتية أثناء الحمل، ولم يكن بإمكان الناس اكتشاف جنس الجنين حتى الولادة. وهذه المعرفة التي كانت غير مرئية منذ مئات السنين أصبحت شائعة اليوم."

والسؤال الآخر هو هل يجب علينا الاكتشاف المسبق إذا كان بإمكاننا ذلك؟ هل من الصواب التدخل في شيء مقدّر؟

يشير أيضًا الدكتور محمد غالي إلى أن القرآن الكريم والسنة يفرضان علينا الاستكشاف كما يقول ربنا في سورة الذاريات، الآية 21 "وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ". يمكن تفسير هذه الآية بعدة طرق، ويمكن تحقيق التفويض للتأمل هنا من خلال فهم علم النفس والسلوك لدينا، ويمكن أن يكون ذلك أيضًا من خلال العلوم الطبية الحيوية.

ويسترسل بقوله "ينتقل بنا علم الجينوم إلى ذروة علم الأحياء البشري التي لم نصل إليها من ذي قبل. وكلما استكشفنا أكثر، زاد شعورنا بتبجيل خالقنا وإبداعه في خلقه. كما أن قدرة هذا العلم على استكشاف الأمراض على المستوى الجزيئي ستدعم المجتمع الطبي بشكل كبير في معالجة الأمراض الخطيرة. ولذلك، فإن المؤسسات الدينية الرئيسية في العالم الإسلامي ومن بينها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة بالمملكة العربية السعودية وكذا المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت يعتبرون علم الجينوم بمثابة فرض كفاية".

ينتقل بنا علم الجينوم إلى ذروة علم الأحياء البشري التي لم نصل إليها من ذي قبل. وكلما استكشفنا أكثر، زاد شعورنا بتبجيل خالقنا وإبداعه في خلقه

محمد غالي

ويقول الدكتور غالي بأن ثمة شيء آخر يجب تذكره وهو أن الإسلام يتطلب منا أن نضع ثقتنا في الله، كما يتطلب منا أيضًا استخدام الوسائل المتاحة في الوقت نفسه لحل مشاكلنا. ويوجهنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "اعقلها وتوكل" إلى ضرورة الابتعاد عن التواكل وعدم القيام على شؤوننا، بل يجب علينا أن نسعى بنشاط لإيجاد حلول لها.

هناك مسألة أخرى لطالما كانت موضوعًا للنقاش منذ نشأة علم الجينوم وهي الإدارة الأخلاقية للنتائج العرضية. تلك هي النتائج التي يتم اكتشافها بالصدفة خلال تحديد التسلسل الوراثي للجينوم الشخصي. ويدور الجدل حول ما إذا كان يجب الكشف عن (بعض) هذه النتائج أم لا إلى الشخص المعني إذا اختار الحق في عدم المعرفة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك امرأة شابة تشارك في بحث في علم الجينوم وكشفت النتائج العرضية أنها تحمل جينات "بي آر سي آي" من النوع الأول والثاني، والتي ترتبط بسرطان المبيض والثدي. ما الذي يجب عمله في مثل هذه الحالات؟

يضيف غالي "إذا اختار الشخص الحقّ في عدم المعرفة، فسيتم احترام اختياره ما لم تكن النتيجة مُهددة للحياة وكان العلاج متاحًا. إذ يتعين في هذه الحالة من الناحية الأخلاقية والدينية الكشف عن المعلومات لهؤلاء الأشخاص، لأن إنقاذ الأرواح ليس خيارًا بل هو واجب".

مصدر الصورة: Boris15، عبر موقع Shutterstock

ويصرح موضحًا: "يتعين الكشف عن بعض النتائج العرضية، ولكنّ لا يجب الكشف عن البعض الآخر مثل الأبوة الخاطئة، وهناك فئة ثالثة تنظر إلى النتائج العرضية على أساس كل حالة على حدة. فعلى سبيل المثال، إذا تبيّن أن الشخص عرضة للإصابة بمرض خطير ولكن لا يوجد علاج لهذا المرض، فقد يتم الكشف عن النتيجة العرضية أو لا اعتمادًا على عوامل مختلفة متعلقة بالشخص وأسرته وحالته الاجتماعية والمالية وما إلى ذلك.

كما أن البحث العلمي والابتكار الطبي من الأشياء الأصيلة في الإسلام وعند المسلمين. وقد ورد عن حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما سأله الأعراب " أنتداوى؟ فقال نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له شفاء غير داءٍ واحد فقالوا: ما هو؟ قال الهرم". وهذا دليل على أننا يجب أن نستمر في الاستكشاف، فأي مرض يمكن علاجه وعلينا فقط متابعة البحث حتى العثور على دواء له".

قصص ذات صلة