للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
أعضاء كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة يؤكدون أهمية الطب الدقيق ويسلطون الضوء على التكاليف كتحديات ينبغي التغلب عليها
أصبحت كلفة الطب الدقيق، باعتباره مجالًا ناشئًا، موضع جدال كبير في الأوساط العلمية، حيث يعتقد فريق من العلماء أن فعالية كلفة الطب الدقيق ما تزال غير واضحة، بينما يرى فريق آخر أن الطب يمكن أن يكون أكثر فاعلية عند توفر معلومات دقيقة عن المريض، مثل الجينوم، مما قد يساعد في تمهيد الطريق نحو الرعاية الصحية الشخصية.
هناك الكثير من الجدل حول فعالية تكلفة الطب الدقيق، والسبب هو صعوبة التنبؤ الدقيق بالتكاليف
تقول الدكتورة بوربلا مفسود، الأستاذ المساعد في كلية العلوم الصحية والحيوية في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر: "هناك الكثير من الجدل حول فعالية تكلفة الطب الدقيق، والسبب هو صعوبة التنبؤ الدقيق بالتكاليف التي قد يتضمنها أو النتائج التي قد يقدمها".
وتوضح الدكتورة مفسود أن معظم إجراءات الطب الدقيق المستخدمة في العلاج السريري حاليًا لا تجري تسلسلًا جينيًا لكامل الشيفرة الوراثية، وإنما يتم إجراء تسلسل لمواقع محددة فيها، أظهرت نتائج مهمة للمريض. وترى الدكتورة أن "هذا فعال من حيث التكلفة، ولكن نأمل أن يصبح إجراء التسلسل الجيني الكامل ممارسة عامة في المستقبل".
يرتكز أساس الطب الدقيق، الذي يعد أحد المجالات الرئيسية للبحث والتطوير والابتكار في مؤسسة قطر، على فهم التركيب الجيني للأشخاص، وفهم الاختلافات على مستوى السكان والأفراد، وكذلك تصميم الأدوية المناسبة للذين يعانون من أنماط جينية معينة.
ويعني هذا أنه كلّما عرفنا المزيد عن الجينوم ودوره في الأمراض، كلما أصبح توفير الطب الدقيق أرخص. وتقول الدكتورة مفسود: "تتمثل الفكرة في إجراء تسلسل جيني كامل للشخص في بداية حياته، ثم استخدام البيانات الناتجة عنه في الأمور الطبية ذات العلاقة، وأعتقد أن هذا سيكون في المستقبل القريب."
يمكن الآن إجراء تسلسل جيني كامل للبشر بأقل من 1000 دولار أميركي، بينما كانت تزيد كلفته عن 4000 دولار أميركي في عام 2015. وعلى الرغم من أن هذا المبلغ قد لا يبدو كبيرًا، إلا أنه حين يصبح الطب الدقيق جزءًا من سياسة الصحة العامة، سيحتاج صانعو القرار إلى ضمان تقليص التفاوت بين الناس في الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحسين صحة السكان من خلال التوزيع العادل للأموال.
قد نستطيع تبرير هذه التكاليف في بعض مجالات الرعاية السريرية مثل السرطان، بسبب ارتفاع تكلفة العلاج وطبيعة المرض
يقول الدكتور عمر البغا، الباحث الرئيسي بمعهد قطر لبحوث الطب الحيوي، وأستاذ علم الوراثة بكلية العلوم الصحية والحيوية: "ما يزال إجراء تسلسل جيني أو نمط جيني كامل في مجال الطب الدقيق مكلفًا جدًا. قد نستطيع تبرير هذه التكاليف في بعض مجالات الرعاية السريرية مثل السرطان، بسبب ارتفاع تكلفة العلاج وطبيعة المرض، لكنها ما تزال باهظة لو أردنا توسعة نطاق استخدامنا للطب الدقيق ليشمل مجالات أخرى".
مصدر الصورة: Marcin Janiec، عبر موقع Shutterstock
وأورد تقرير نُشر في يونيو 2020 أن السوق العالمي للطب الدقيق يشهد معدل نمو مركب بنسبة 9.7 في المائة سنويًا. وعلى الرغم من أن القطاع في تصاعد، إلا أن التحديات الرئيسية التي تواجهه ما تزال قائمة من حيث ارتفاع تكاليف التشخيص، وقلة تغطيته من قبل شركات التأمين الصحي.
تعد تغطية نفقات العلاج من العوائق الكبرى، فمن سيغطي تكاليف علاج قيد التجربة؟
ويعلّق الدكتور جورج نمر، الأستاذ ومنسق برنامج علم الجينوم والطب الدقيق في كلية العلوم الصحية والحيوية: "تعد تغطية نفقات العلاج من العوائق الكبرى، فمن سيغطي تكاليف علاج قيد التجربة؟ إذ تتطلب إعادة استخدام المعلومات الجينية في إيجاد العلاج المناسب الكثير من التجارب، ومن المرجح ألا تغطي شركات التأمين كل هذه التجارب".
ومع ذلك، يعتقد الدكتور إدوارد ستونكيل، العميد المؤسس لكلية العلوم الصحية والحيوية، أن الطب الدقيق يوجد فرصة كبيرة لفهم الأسباب الجينية والبيئية لبعض الأفراد ذوي نمط ظاهري معين.
هناك الكثير من الأدوية التي يمكن تصنيفها كـعقاقير يتيمة، وسيكون بالإمكان إعادة استخدام الكثير منها بغرض علاج أفراد أو مجموعات معينة بناء على معرفة بعض المعلومات الجينية
يقول الدكتور ستونكيل: "يمكننا البدء في تحديد الأدوية التي قد تكون مناسبة لمن لديهم مجموعة من الأعراض، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للأدوية الجديدة، إلا أن بعض الأدوية الموجودة بالفعل يمكن إعادة استخدامها لأغراض جديدة."
يتابع الدكتور ستونكيل: "هناك الكثير من الأدوية التي يمكن تصنيفها كـعقاقير يتيمة ومع أنها حصلت على الموافقة من خلال التجارب السريرية، إلا أن فعاليتها قد لا تكون جيدة بشكل عام، وسيكون بالإمكان إعادة استخدام الكثير منها بمجرد أن نفهم علم الجينوم بشكل أفضل قليلًا، وذلك بغرض علاج أفراد أو مجموعات معينة بناء على معرفة بعض المعلومات الجينية". وتعتبر شركات الأدوية أكبر شريحة من مستخدمي الطب الدقيق، بقيمة بلغت حوالي 22.2 مليار دولار أميركي في عام 2019.
مصدر الصورة: Amr Abdallah Dalsh، عبر موقع REUTERS
لكنّ الطب الدقيق في قطر لن يؤدي إلى استنزاف المرضى ماليًا، إذ يعد نصيب الفرد من الإنفاق الصحي من بين أعلى المعدلات في الشرق الأوسط، ويذكر تقرير صادر عن مجموعة أكسفورد للأعمال أن قطر رسخت مكانتها الرائدة عالميًا في مجال الرعاية الصحية، وتبوأت المرتبة 48 من بين 167 دولة، والمرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبما أن الرعاية الصحية العامة في قطر مدعومة بشكل كبير أو مجانية، فإن الأمر مسألة وقت لمعرفة كيف سيتم تقديم الطب الدقيق للمرضى، وكيف ستكون نتائجه.