إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
18 October 2018

بحث طلابي: تحليل تجارب طلاب مؤسسة قطر في برنامج الدراسة بالخارج

مشاركة

بعد تخرجها في جامعة جورجتاون في قطر، بدأت تحريم أصغر البحث في تجارب طلاب المدينة التعليمية للدراسة بالخارج، خلال استكمالها لبرنامج الماجستير بجامعة كولومبيا. تعرض السطور التالية بعض نتائج هذا البحث.

تعاظم الدور الذي تؤديه الجامعات في تزويد الطلاب بالعقلية اللازمة للنجاح في بيئة ذات اقتصاد عالمي؛ ومن بين تلك الجهود، تعزيز القيم المرتبطة بالعولمة، كالمواطنة العالمية والتفاهم بين الثقافات. يُطرح برنامج الدراسة بالخارج عادة لطلاب المرحلة الجامعية، ويعد إحدى الطرق الرئيسة لتأدية هذا الدور.

تتناول العديد من البحوث تجارب الطلاب من الولايات المتحدة لدى دراستهم في جامعات الشرق الأوسط المحلية، والعكس؛ إلا أن التقارير حول أثر برامج الدراسة بالخارج على طلاب فروع الجامعات الأمريكية في الشرق الأوسط تعاني ندرة شديدة.

يترك هذا الوضع فجوة معرفية؛ ففروع الجامعات الأمريكية، مثل تلك التي تستضيفها المدينة التعليمية بمؤسسة قطر، تحاول إعادة تهيئة الأجواء نفسها التي تميّز بها الحرم الجامعي الأم، ما يجعل تجربة الطلاب للدراسة بالخارج مختلفةً تمامًا عن تجارب نظرائهم من الطلاب من جامعات الشرق الأوسط المحلية.

وبصفتي خريجة جامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، وفي أثناء دراستي في الجامعة لمدة أربع سنوات، التقيت طلابًا لا يزالون مرتبطين بتجاربهم وذكرياتهم التي ترسّخت في أذهانهم لشهور، بل وسنوات عدة، بعد عودتهم من برامج الدراسة بالخارج في الولايات المتحدة. وفي حين يعجز الكثير من هؤلاء الطلاب عن تقدير مدى التحوّل الذي مروا به، فإن هذه التغييرات تتجلى لزملائهم ممن لم تتح لهم فرصة للمشاركة في برامج شبيهة. وبصفتي إحدى طالبات الفئة الثانية، فقد رغبتُ في تشكيل تصوّر أعمق حول هذه التغييرات بما يتعدى مجرد المقارنة بين هوية هؤلاء الطلاب قبل التجربة وبعدها، ويقدّم دراسة أكاديمية للأنماط السلوكية ترتكز إلى أسس منهجية مناسبة.

تتناول العديد من البحوث تجارب الطلاب من الولايات المتحدة الذين يدرسون في جامعات الشرق الأوسط المحلية، والعكس؛ إلا أن التقارير حول أثر برامج الدراسة بالخارج على طلاب فروع الجامعات الأمريكية في الشرق الأوسط تعاني ندرة شديدة.

انطلقتُ من هذه الرغبة للعمل مع أساتذتي في برنامج الماجستير بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة لتحديد نطاق البحث. وللوصول لنتائج هذه الدراسة وتحليل أدق التفاصيل حول تجربة الدراسة بالخارج، أجريتُ 10 مقابلات نوعية، معظمها مع طلاب يدرسون في الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر. كان الهدف من هذه المقابلات تقييم حصيلة تعلّم هؤلاء الطلاب فيما يتعلق بالمواطنة العالمية، والتواصل بين الثقافات، والنمو الشخصي، كما شارك فيها طلاب وطالبات تراوحت أعمارهم بين 20 و24 عامًا، ممن انطلقوا في رحلات تفاوتت مدتها بين ثلاثة أسابيع وسبعة شهور إلى أماكن مختلفة من بينها واشنطن وبيتسبيرج وشيكاجو ونيويورك.

المواطنة العالمية

بشكل عام، تحدّث الطلاب عن أثر دراستهم في مدن نابضة بالحياة في الولايات المتحدة، وما أتاحته لهم تلك التجربة من فرص للانخراط في المشاركة المجتمعية خارج الحرم الجامعي، وقد تجلّى ذلك في قيم المواطنة العالمية التي أظهروها، وهي إحدى أهم نتائج التعلم المذكورة في بحوث الدراسة بالخارج.

صورة 1 من 3

إلا أن مستوى انخراط الطلاب في المشاركة المجتمعية تأثّر بالفصل الذي درسوا فيه بالخارج، وبالمدينة التي أقاموا بها. فقد تحدث اثنان ممن درسوا في بيتسبيرج عن هدوء المدينة التي قالوا بأنها كانت أقل حيوية وتنوعًا مقارنة بتوقعاتهم، فيما تحدث أربعة آخرون درسوا بالخارج في فصل الربيع عن قلة الفرص التي أمكنهم الانخراط فيها سواءً بالحرم الجامعي أو في المدينة. يعود ذلك إلى برودة الطقس وهطول الجليد، ما قلل من عدد الفعاليات والأنشطة. توضّح هذه النتيجة أثر الطقس والفصل الدراسي على مستوى المشاركة المجتمعية.

التواصل بين الثقافات

قبل تجربة الدراسة بالخارج، ذكر جميع المشاركين أن الولايات المتحدة وشعبها لم يبدوا كغرباء بالنسبة لهم بفضل تفاعلهم مع طلاب أمريكيين ووافدين وأساتذة من الولايات المتحدة في فروع جامعاتهم الشريكة، إذ شعروا بأنهم "عاشوا" بالفعل في بيئة أمريكية في فروع الجامعات الشريكة في دولة قطر. إلا أن اعتياد الثقافة الأمريكية لم يكن كافيًا لإزالة الرهبة المصاحبة للاندماج والتكيف الاجتماعي، فقد ساور الطلاب قلق بشأن عدم قبولهم في الولايات المتحدة بسبب دينهم وخلفيتهم الثقافية.

وبعد تأمل تجربة الدراسة بالخارج، قال المشاركون العشرة إنهم حظوا بتواصل إيجابي مع الأفراد في الولايات المتحدة، وخاضوا هناك تجربةً جيدةً بشكل عام، ما يسلّط الضوء على قوة التواصل بين الثقافات. ومن جانب آخر، نفى ستة مشاركين تعرّضهم لأية تجارب عنصرية، وأكدوا أنهم قضوا وقتًا ممتعًا في الولايات المتحدة، غير أنهم لم يشعروا بأن تجربة الدراسة بالخارج قد جعلتهم أكثر قربًا من الشعب الأمريكي أو الطلاب المحليين.

ولذلك، فعلى الرغم من تعامل الشعب الأمريكي بلطف وود، اكتشف الطلاب أن الشعب الأمريكي المقيم في الولايات المتحدة يختلف عن الأمريكيين الذين صادفوهم في الشرق الأوسط. وبخلاف المتوقع، فقد أسهمت فترة دراسة الطلاب في الولايات المتحدة في توطيد علاقاتهم بزملائهم الذين قدموا للدراسة في الولايات المتحدة من مختلف بقاع العالم. أسهمت شهادات هؤلاء الطلاب في تأكيد أن التواصل بين الثقافات اقتصر على الطلاب الدوليين من ذوي الخبرات والأفكار المتقاربة.

النمو الشخصي

كان لدى معظم الطلاب أفكار متفاوتة بشأن النمو الشخصي؛ بصفة عامة، تبين أن بعض المشاركين اكتسبوا ثقة متزايدة بعد أدائهم الجيد في صفوفهم وأعربوا عن رضاهم حول تنوع المواد المطروحة، فيما شعر العدد الأكبر من المشاركين بغياب التحدي، وعبروا عن غياب التنوع في صفوف الحرم الجامعي الأم مقارنة بصفوفهم في فروع الجامعات الشريكة، ما يعني أن نموهم الشخصي حدث خارج حدود الفصل الدراسي، أو كان حصيلة ما تعلّموه داخل الفصل الدراسي وخُلاصة تجاربهم خارج حدوده.

وفي إطار حديثهم حول آرائهم عن الحرم الجامعي الأم بعد تجربة الدراسة بالخارج، ذكر جميع المشاركين أنهم توقعوا أن تكون فصول الحرم الجامعي الأم أكثر صعوبة وصرامة من الناحية الأكاديمية، وقارنوا بينها وبين صفوفهم في الجامعات الشريكة، مؤكدين أن فصول المدينة التعليمية تطلبت جهدًا أكبر.

تحدث بعض المشاركين عن غياب التنوع في نقاشات الفصول الدراسية في الجامعة الأم، فقد ذكر أربعة مشاركين على وجه الخصوص أنهم خاضوا نقاشات مثمرة في فروع جامعاتهم الشريكة أكثر من نقاشاتهم في فصول الجامعة الأم، ما يبرز التنوع الثقافي للطلاب في جامعات مؤسسة قطر الشريكة وانعكاسه على الحوارات في الفصول الدراسية. تكشف هذه النتيجة نوعًا مختلفًا من النمو الشخصي عزّز وعي المشاركين بهويتهم كطلاب دوليين، وهوية مؤسستهم الدراسية كفرع لجامعة عالمية، كما تُبرز التصور العام حول تجانس الطلاب الأمريكيين وغياب التباين فيما بينهم.

تشير جميع تلك النتائج إلى عدة نقاط: أولها أن تجارب الطلاب في فروع الجامعات الشريكة تتشابه بشكل عام مع تجارب الطلاب الذين يدرسون بالخارج، بمعنى أن الدراسة بالخارج تغير إدراك الطلاب المسبق حول مؤسسة ما، والمدينة والشعب والدولة التي تنتمي إليها.

أما النقطة الثانية، فهي التناقض الكبير بين تجارب الطلاب في المدينة التعليمية ونظرائهم الذين يدرسون بالخارج في جوانب عدة، لا سيما وأن هؤلاء الطلاب قد تعايشوا بالفعل مع الثقافة والنظام التعليمي للجامعة الشريكة في بلادهم. ولذا، فعلى الأكاديميين والباحثين في مجال العولمة والتعليم العالمي والتبادل الثقافي عبر الحدود النظر في الفوارق الدقيقة بين تجارب الفئتين، فالمدينة التعليمية تطرح أنماطًا جديدًا للتدفق العالمي، وتصيغ إمكانات جديدة للانتماء في عصرنا الحديث.

تحريم أصغر هي مديرة كلية سكنية بجامعة نيويورك. وقبل تقلّدها هذا المنصب، أكملت دراستها العليا في مجال تطوير التعليم العالمي في كلية المعلمين بجامعة كولومبيا. كما حصلت على شهادة البكالوريوس في الثقافة والسياسة من جامعة جورجتاون في قطر.

قصص ذات صلة