إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
8 June 2020

خريجة مؤسسة قطر تستكشف القطع الأثرية القطرية الأصيلة

مشاركة

هل يمكن اعتبار الحرف اليدوية أصيلة إذا تمت صناعتها بيد عاملة غير محلية ومواد خارجية؟

بالنسبة لأسماء درويش، وهي فتاة تعتز بوضوح أفكارها، عدم معرفة الحقيقة أمرٌ لا يروق لها.

قبل عام، كانت طالبة برنامج الماجستير في الفنون الجميلة بمجال التصميم، في جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، في رحلة لزيارة سوق واقف في الدوحة، وهي طالبة تونسية ترعرعت في قرية تشتهر بالحرفيين المحليين، حيث وجدت نفسها منجذبة إلى المتاجر الصغيرة التي تبيع الأعمال الفنية والحرف اليدوية القطرية.

محادثات أسماء الدرويش مع الحرفيين في سوق واقف حيث استلهمت فكرة مشروعها.

وقد زاد إعجابها بهذه الأعمال، حين أخبرتها صاحبة إحدى المتاجر أن كل هذه الحرف هي يدوية قطرية أصيلة مائة في المائة، ما جعلها تتساءل عن الموارد التي تم استخدامها في صنع تلك الأعمال الفنية، وعندها علمت أن المواد الخام المستخدمة لم يتم تصنيعها في قطر، ولم يكن الحرفيين الذين قاموا بصنعها قطريين.

تقول درويش: "اعتدت خلال نشأتي في تونس على ثقافة متجانسة حيث يتم استخدام كلمة "أصيلة" لوصف شيء صنعه الحرفيون المحليون باستخدام الموارد المحلية، والتي غالبًا ما تكون مستوحاة من التقاليد والثقافة الأصلية".

لم أكن أدرك أنه يمكن اعتبار الحرف اليدوية أو الأعمال الفنية بأنها من إنتاج بلد ما، حتى لو لم تكن القوى العاملة أو المواد المستخدمة من مصادر محلية

أسماء درويش

تابعت: "ما رأيته في سوق واقف أدهشني. لم أكن أدرك أنه يمكن اعتبار الحرف اليدوية أو الأعمال الفنية بأنها من إنتاج بلد ما، حتى لو لم تكن القوى العاملة أو معظم المواد المستخدمة من مصادر محلية".

دفع فضول درويش وافتتانها بهذا التناقض إلى استكشاف المزيد حوله. في تلك المرحلة، قامت بزيارات أخرى إلى سوق واقف لجمع المزيد من المعلومات والتحدث إلى عدد من الحرفيين، وحينها لم تكن تدرك أن ما بدأت به كحافز لإشباع فضولها، سيتحول إلى مشروع بحثي.

بعد عدة زيارات ومحادثات مع الفنانين المحليين، أدركت أن ما كانت تستكشفه - موضوع الأصالة - هو أمرٌ تود أن تتطرق إليه في أطروحتها لدرجة الماجستير.

لقد صممت لعبة ورق من شأنها أن تحسم أدوار المشاركين. وأن تضمن أن يسهم كل من الحرفيين وأعضاء هيئة التدريس، على قدم المساواة في عملية تصميم وتصنيع القطع الأثرية

أسماء درويش

وبعدما حصلت على موافقة أعضاء هيئة التدريس على فكرة أطروحتها البحثية، بدأت الدرويش في الحديث إلى أصحاب المتاجر والحرفيين المحليين والأجانب حول الموضوع الذي أثار اهتمامها.

على مدى الأشهر القليلة التالية، تعمقت في بحثها أكثر، وبحثت بشكل منهجي عن "لغز الأصالة"، كما كانت تطلق عليه، وكلما بحثت أكثر، أدركت أن فهمها لكلمة "أصالة" أصبح تحديًا بالنسبة لها.

تضيف: "غالبًا ما أتقبل بسهولة ما هو غير متوقع، لكن تقبل ما اكتشفته بنفسي، استغرق بضعة أسابيع، أنه عندما يتعلق الأمر بمصطلح "أصالة" تعني استخدام المواد والقوى العاملة المتاحة لمحاكاة آثار البلد وتقاليدها، بغض النظر عن الموطن الأصلي للحرفيين أو الموارد المستخدمة".

إحدى القطع الأثرية في سوق واقف وهي يدوية قطرية أصيلة مائة في المائة.

تابعت: "بطريقة ما، يتردد صدى هذه الأعمال الفنية مع هوية البلد. قطر بلد عالمي ويرحب بالجميع، وهو يضم مزيجًا من الثقافات التي تساهم في تعزيز الفنون وصناعة القطع الحرفية الأصيلة التي تباع في سوق واقف، ويبدو أنها تتبنى نفس النظرة للحفاظ على تراثها، إنها الأصالة الجديدة".

إذا لم يكن هذا الاكتشاف غير المتوقع مذهلًا بما فيه الكفاية، فقد وجدت درويش جانبًا آخر له: الحرفيون الوافدون في سوق واقف، وبسبب متطلبات عملهم المحددة، لم يكن لديهم هذا النوع من الإبداع الذي اعتادوا عليه في بلدانهم، وهو ما سبب لهم الشعور بعدم القدرة على إطلاق العنان لقدراتهم. ومع تنبهها إلى إبداع الحرفيين في قريتها التونسية، فكرت في حل لذلك.

توضح درويش: "خلال محادثاتي مع الحرفيين في سوق واقف، فكرت بجمعهم مع مصممين من جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، لإنتاج القطع الأثرية القطرية، ثم اتصلت بأعضاء هيئة التدريس في جامعتي - الذين كانوا مصممين أنفسهم - وسألتهم عما إذا كانوا على استعداد للتعاون مع هؤلاء الحرفيين الوافدين، ووافقوا، وهو ما أسعدني كثيرًا".

أشك في أنني كنت سأمتلك الشجاعة لاستكشاف مثل هذا التناقض لولا الوقت الذي قضيته ضمن البيئة التي توفرها المدينة التعليمية في مؤسسة قطر حيث تعدّ المناقشات جزءًا من حياتنا اليومية

أسماء درويش

لكن ذلك لم يكن كافيًا، فمن أجل بناء شعور بالثقة والتفاهم بين الطرفين، كان على الدرويش التأكد من عدم وجود ما يعرقل التواصل بين مجموعتين من الأفراد، هم في الواقع، غرباء عن بعضهم البعض.

تقول: "لقد صممت لعبة ورق من شأنها أن تحسم أدوار المشاركين. فأثناء مشاركتهم في اللعبة، التي أسميتها صلة، سيتم تشجيعهم على التعاون مع شريكهم، مما يضمن أن يسهم كل من الحرفيين وأعضاء هيئة التدريس، على قدم المساواة في عملية تصميم وتصنيع القطع الأثرية".

عندما سُئلت عن نجاح المشروع، أجابت الدرويش مبتسمة: "عندما بدأت، لم يكن لدي أي فكرة عن أن خطتي ستسير بسلاسة، وأنني سأستمتع بها كثيرًا. لقد عقدت ورشة عمل لهم، حيث استكشفنا الفرص، واستخدموا خلالها لعبة الورق التي صممتها لإنتاج المزيد من الأفكار عن القطع الأثرية القطرية الأصيلة.

لم أظن قط أنه سينتهي بي الحال بتقبل أن الأصالة قد تعني أيضًا التنوع الثقافي وتبني ثقافات أخرى

أسماء درويش

تصف درويش ورشة العمل بأنها كانت تفاعلية للغاية، حيث يمكن رؤية الدليل على تعاونهم في التقلبات غير الاعتيادية التي طبقوها في تفسيرهم للتصميم - مثل التصميم الهندسي لسجادة الصلاة الجلدية.

تقول:" في الواقع، وبناءً على نجاح هذا المشروع، سأطلق مبادرة في مشيرب، هي بمثابة منصة يمكن للمصممين والفنانين من المجتمع الأوسع أن يتعاونوا فيها لابتكار التحف والأعمال الفنية المماثلة."

صورة 1 من 7

جمعت الدرويش الحرفيين والمصممين ليتعاونوا معًا خلال مشروعها.

قطع فنية قطرية - مثل سجادة الصلاة هذه – يتم ثنيها، حيث عمل المصممون والفنانون معًا خلال مراحل التصميم والتصنيع المختلفة.

صممت الدرويش لعبة ورق لتعزز الثقة والتفاهم بين المصممين والحرفيين.

تضيف: "ما أدهشني تمامًا، عدا عن نجاح المشروع، هو أنني كنت على ثقة كافية لطرح هذا الموضوع على هيئة التدريس في جامعتي. أشك في أنني كنت سأمتلك الشجاعة لاستكشاف مثل هذا التناقض لولا الوقت الذي قضيته ضمن البيئة التي توفرها المدينة التعليمية في مؤسسة قطر حيث تعدّ المناقشات والمناظرات جزءًا من حياتنا اليومية".

تتابع:" انضممت إلى جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، لأنني أردت الأصالة بكل معنى الكلمة، أردت أن يكون لدي أسلوبي الخاص، ومنهجي الخاص في الفن والتصميم. لم أظن قط أنه سينتهي بي الحال بتقبل أن الأصالة قد تعني أيضًا التنوع الثقافي وتبني ثقافات أخرى ".

قصص ذات صلة