إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | البحوث
11 March 2021

الدكتورة أسماء الفضالة من مؤسسة قطر:"العلاقة بين التعليم والاقتصاد تكاملية"

مشاركة

يعتبر الخريجون ذوو المهارات العالية أمرًا حيويًا للتقدم الاقتصادي لأي دولة.

مصدر الصورة: Gui Jun Peng، عبر موقع: Shutterstock.

تتحدث الدكتورة أسماء الفضالة، مديرة إدارة البحوث وتطوير المحتوى في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز"، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، عن أهمية التعليم وأثره على النمو الاقتصادي

بدايةً، يوفر التعليم أساسًا للنمو وهو حجر الأساس الذي تقوم عليه الكثير من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، ما رأيك بذلك؟

من المؤكد أن التعليم مرتبط ارتباطًا رئيسيًا بالاقتصاد والتنمية، حيث أن الاستثمار في التعليم وتنمية الثروة البشرية لأي مجتمع يُعد من أفضل أنواع الاستثمارات وأكثرها مردودًا. فتوفير تعليم ذي جودة عالية في المدارس وخصوصًا في مرحلة الطفولة المبكرة يؤدي إلى بناء قدرات بشرية لدى الطلاب تنمو معهم خلال مراحل التعليم المختلفة، وينتج عن ذلك جيلاً من الخريجين المهنيين في مجالات مختلفة، يُمكنهم المشاركة بشكل فاعل في تنمية الاقتصاد ودفع عجلة الإنتاج. وتعتمد الدول المتقدمة على تنمية مواردها البشرية الوطنية وتنوعها في مختلف التخصصات مما يوفر كادرًا من المتخصصين في كافة المجالات ومنها الاجتماعية كالتعليم وخدمات الأسرة، وهذا ما يساهم في تعزيز الرفاهية الاجتماعية.

الدكتورة أسماء الفضالة.

أين تكمن أهمية التعليم بشكل عام في زيادة معدلات النمو وتحقيق التنمية الاقتصادية؟

يكمن دور التعليم في إعداد الكوادر البشرية المتخصصة والحديثة ورفد مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بها لتسريع وتيرة التنمية عبر الاستثمار في نوعية التعليم في جميع المراحل وتنوع المناهج وتطورها، كما يلعب التعلم مدى الحياة المتمثل بإعادة التأهيل ورفع الكفاءة والتطوير المهني دورًا رئيسيًا في الاستفادة من الموارد البشرية التي يتم الاستغناء عنها بسبب التطور التكنولوجي من خلال أتمتة بعض الوظائف أو إعادة هيكلة المؤسسات والشركات، وذلك بهدف تعظيم الاستفادة من الموارد أو تقليص النفقات. كل ذلك يؤدي بشكل مباشر لتطوير الاقتصاد الذي يعتمد على المعرفة والمهارات والتكنولوجيا.

التعلم مدى الحياة المتمثل بإعادة التأهيل ورفع الكفاءة والتطوير المهني ينعكس من خلال الاستثمار بالوقت والموارد في نوعية التعليم في جميع المراحل

الدكتورة أسماء الفضالة

هل يساهم التعليم في تنويع مصادر الدخل على طريق تحقيق التنمية الشاملة؟

بالتأكيد، حيث أن معظم الأنظمة التعليمية حاليًا تراعي التركيز على تعليم الطلاب ريادة الأعمال والمهارات التكنولوجية، وهي مهارات يتسم بها القرن الحادي والعشرين، وتركز أيضًا على تعزيز دور المواطنة العالمية، ومهارات البحث العلمي وغيرها من المهارات التي تساعدهم في الحصول على الوظائف المستحدثة بالمستقبل نتيجة للثورة الصناعية الرابعة أو بدء مشروعاتهم الشخصية التي يطبقوا فيها ما تعلموه من خلال ريادة الأعمال. يتميز التركيز على ريادة الأعمال أنه يفتح مجال للشباب ببدء مشروعات صغيرة ومتوسطة تسهم بشكل كبير في إتاحة دخل لهم وتوفير فرص عمل لشباب آخرين. بذلك يتم تنويع الاقتصاد والتحول من العمل بشكل بحت في القطاع الحكومي وشبه الحكومي إلى العمل بالقطاع الخاص.


ما المقصود بمصطلح اقتصاديات التعليم؟

يقُصد بمصطلح اقتصاديات التعليم النظر إلى التعليم من منظور اقتصادي وذلك من خلال دراسة اقتصاديات الموارد البشرية، وتحليل العائد المادي من التعليم في ضوء التكلفة، والإنتاجية التعليمية، وقياس المخرجات في ضوء المدخلات. تهتم اقتصاديات التعليم بتعظيم العائد من التعليم وذلك بالتوظيف الأمثل للموارد في النظام التعليمي للخروج بأكبر فائدة ممكنة على المجتمع. العلاقة بين التعليم والاقتصاد هي علاقة وثيقة وتكاملية. فالتعليم الجيد يوفر قوى عاملة ماهرة تنظر للعمل بشكل إيجابي وتعمل في شتى المجالات على تعزيز الاقتصاد. وفي نفس الوقت، فإن الاقتصاد القوي يوفر موارد إضافية لإتاحة وتطوير التعليم مما يرتقى بمستواه. وبناء على ذلك، من الضروري الاهتمام باقتصاديات التعليم عند وضع سياسات التعليم لأي نظام تعليمي أو تطويرها.

العلاقة بين التعليم والاقتصاد هي علاقة وثيقة وتكاملية، فالتعليم الجيد يوفر قوى عاملة ماهرة تنظر للعمل بشكل إيجابي وتعمل في شتى المجالات على تعزيز الاقتصاد

الدكتورة أسماء الفضالة

كيف ترين واقع التعليم في قطر وهل حقق النهوض الذي يتلاءم مع حجم الاستثمار فيه؟

يتميز النظام التعليمي في قطر بالعديد من الجوانب الإيجابية وكغيره من الأنظمة التعليمية في العالم يواجه حاليًا تحديات تحتاج للتطوير لا سيما بعد تفشي جائحة كوفيد-19. فمثلاً يهتم النظام التعليمي في قطر بتعزيز الهوية واللغة العربية والتراث القطري، كما أنه يوفر بنية تحتية قوية متمثلة في المباني المدرسية الحديثة، والتجهيزات والمصادر، كما يتيح استخدام التكنولوجيا في كثير من جوانب العملية التعليمية ويهتم بتطوير قدرات المعلمين. لكن في المقابل يحتاج النظام التعليمي إلى تطوير الكوادر القيادية بالمدارس لدعم العملية التعليمية على مستوى المدرسة بشكل مبني على أدلة علمية ودراسات تجريبية. كما يحتاج أيضًا إلى تعزيز الدافعية لدى الطلاب والعمل على زيادة انخراط أولياء الأمور في العملية التعليمية ومتابعة تطور أبنائهم.


برأيك، ما هي الأسباب التي دعت الاقتصاديين إلى الاستثمار في التعليم، وإبراز دوره الهام في التنمية الاقتصادية؟

التعليم والاقتصاد مرتبطان بشكل وثيق، كما أن التعليم حاليًا يمثل أحد مجالات الاستثمار الهامة مما له من مردود على المجتمع ككل، ما جعل الأسر والحكومات تهتم به بشكل كبير وتخصص له جزءًا كبير من موازناتها. وكلنا نلاحظ تغيير المناهج من الطرق التقليدية إلى التركيز على تدريس مهارات القرن الحادي والعشرين من التفكير النقدي، وحل المشكلات، والعمل الجماعي وغيرها من المهارات، بالإضافة إلى الاهتمام باللغات الأجنبية وتعليم ريادة الأعمال.

وكذلك تنوعت المدارس وتغيرت نظرة المجتمع للتنوع بالتعليم وباتت تتغير بشكل متسارع نحو مزيد من الإيجابية حيث تلمس الأسر مردود هذا النوع من التعليم على أبنائهم وبناتهم بعد التخرج من خلال نوعية الوظائف التي يحصلون عليها، ومدى استعدادهم المهني للتطور فيها، وكذلك الرواتب التي يتقاضونها، ما شجّع المستثمرين على بناء المدارس واستقطاب كوادر تدريسية وإدارية متميزة للعمل بها وتوفير أحدث تقنيات التعليم في فصولها.

التعليم والاقتصاد مرتبطان بشكل وثيق، كما أن التعليم حاليًا يمثل أحد مجالات الاستثمار الهامة مما له من مردود على المجتمع ككل

الدكتورة أسماء الفضالة

اتجهت دولة قطر إلى إنشاء مدارس تخصصية تساعد الطلاب على اتخاذ القرار المناسب لمستقبلهم، من خلال مواكبتهم لمتطلبات سوق العمل، كيف تساهم هذه الخطوة في تحقيق التنمية الاقتصادية؟

يتمثل أحد أهداف التعليم الرئيسية في رفد سوق العمل بالكوادر المهنية المؤهلة تأهيلاً جيدًا يتماشى مع احتياجات سوق العمل من الوظائف. ولا يقتصر الأمر على الوظائف الإدارية والقيادية بل يشمل أيضًا الوظائف الفنية والمهنية. وهنا تأتي أهمية التعليم الفني والمهني بمستوييه المدرسي وما بعدها. يتضح ذلك في إنشاء المدارس التخصصية مثل مدرسة قطر للعلوم المصرفية وإدارة الأعمال الثانوية والتي تتيح منهاجًا تعليميًا يعد الطلاب بشكل كبير للعمل بالقطاع المصرفي بعد التخرج. بالإضافة إلى المدارس التي تركز على العلوم الطبية والعلوم والتكنولوجيا، كأكاديمية قطر للعلوم والتكنولوجيا في مؤسسة قطر.

هناك زيادة في عدد الخريجين الجدد الذين يعملون بالقطاع الخاص أو الذين انخرطوا في مجال ريادة الأعمال عن طريق إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة

الدكتورة أسماء الفضالة

دعمًا لخطة الدولة في التنمية البشرية، وإنسجامًا مع رؤية قطر الوطنية 2030، ركزت دولة قطر على الاستثمار الأمثل في مواردها البشرية، كيف ينعكس ذلك إيجابًا على التطور الاقتصادي؟

ركَّزت رؤية قطر الوطنية 2030 بشكل كبير على التنمية البشرية حيث جعلتها أحد ركائزها الأساسية الأربع، كما انعكس هذا التركيز في استراتيجيات التنمية الوطنية المختلفة منذ عام 2011 وحتى الآن. ولتحقيق أهداف التنمية البشرية المذكورة قامت الدولة بتوفير موارد مادية وبشرية كبيرة لدعم قطاع التعليم في كافة مراحلة. رغم التحديات التي لا يزال يواجهها النظام التعليمي في دولة قطر، حاله كحال الأنظمة التعليمية في العالم، إلا أن هذا الاستثمار بدأ يؤتي ثماره مؤخرًا بشكل واضح، حيث إزداد عدد الطلاب الملتحقين بفروع الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، وجامعة حمد بن خليفة الوطنية بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية رغم إجراءات القبول المتقدّمة بهذه الجامعات ومتطلبات الدراسة بها. كما لاحظنا أيضًا زيادة كبيرة في أعداد خريجيها مما يؤكد أن هناك تغييرًا نوعيًا حدث في النظام التعليمي المدرسي أدى إلى هذه النتيجة. من الملحوظ أيضًا زيادة عدد الخريجين الجدد الذين يعملون بالقطاع الخاص أو الذين انخرطوا في مجال ريادة الأعمال عن طريق إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة. ينعكس ذلك بشكل مباشر على قوة الاقتصاد وتنوعه ما يجعله أكثر استدامة من ناحية عدم اعتماده بشكل أساسي على عائدات النفط والغاز.

وفقًا للدكتورة أسماء الفضالة، إن استثمار قطر في التعليم بدأ يؤتي ثماره من حيث بناء القدرات البشرية في الدولة. مصدر الصورة:Noushad Thekkayil، عبر موقع: Shutterstock

وأود أن أذكر هنا أيضًا ما لاحظته مؤخرًا من اهتمام الشباب والفتيات بالفنون والرياضة والأدب والبيئة حيث تمثل هذه الجوانب عوامل قوة لاقتصاد متنوع يشمل النواحي الإنسانية والاجتماعية إلى جانب النواحي العملية والمهنية. كما أن هذه المجالات تتيح فرصًا استثمارية ووظائف مثلها مثل باقي الجوانب الإقتصادية الأخرى. يحتاج تحقيق التنمية المستدامة في أي دولة إلى جهود كبيرة واستثمارات هائلة. وقد خطت دولة قطر العديد من الخطوات في هذا الاتجاه وللمضي قدمًا لا بدّ من استثمار المزيد في الموارد البشرية والمادية لعقود قادمة.

قصص ذات صلة