للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
خلال مشاركته في ندوة "ويش" حول الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن"، أكدّ على مدى توافق التعاليم الاسلامية مع الاتجاه الذي يكرّم كبار السن ويعزز مكانتهم في المجتمع
أكد الدكتور أيمن شبانة، عضو الهيئة التدريسية في كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، والخبير بشؤون الأخلاقيات الطبية في الإسلام، أن الرعاية التلطيفية للمسنين برزت على المستوى العالمي كقضية جدلية بسبب أهمية تحسين نوعية حياة كبار السن، بالتوازي مع الأعباء الاقتصادية وخصوصًا فيما يتعلق بالرعاية الصحية التي يحتاجونها وإمكانية الموائمة بينها وبين احتياجات الأطفال والشباب.
وبيّن الدكتور شبانة أنه من خلال مشاركته في الندوة التي عقدها مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش"، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، تحت عنوان" الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن" يومي 11-12 ديسمبر، في روما، أن هناك اتجاهان متناقضان حول رعاية كبار السن، الاتجاه الأول يرى أن كبار السن يمثلون رصيدًا كبيرًا للمجتمعات الإنسانية، من ناحية الخبرات والحكمة والاسهامات التي قاموا بها في حياتهم تجاه مجتمعهم، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة تبّنت هذا الاتجاه عندما وقعّت على مبادئ أساسية لرعاية كبار السن في العام 1991، وهي الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتلبية الاحتياجات والكرامة، ولاحقًا عندما أعلنت عام 1999 بوصفه اليوم الدولي للمسنين.
أما الاتجاه الآخر، فقد ذكر الدكتور شبانة أنه الأقل تعاطفًا مع هذه الفئة المجتمعية، حيث ينظر البعض إلى المسنين من وجهة نظر اقتصادية وطبية، لذلك يدعون في بعض الدول إلى تضييق الخيارات الصحية
المتاحة أمام المسنين، خصوصًا في الحالات المرضية الميؤوس منها بالاتفاق مع المريض، وذلك من خلال النظام الصحي أو الطبيب المعالج.
وأشار إلى أن الاتجاه الأول هو ما هدف وفد مؤتمر ويش إلى الدفاع عنه، حيث سلط في محاضرته الضوء على موقف الإسلام من قضية رعاية المسنين التلطيفية، قائلًا:" خلال مشاركتنا أكدنا مدى توافق التعاليم الاسلامية مع الاتجاه الذي يكرّم كبار السن ويعزز مكانتهم في المجتمع، فالتراث الإسلامي غني بالمصادر التي تركز على أهمية رعاية هذه الفئة المجتمعية انطلاقًا من دورهم المهم في المجتمع، وتتضمن هذه المصادر الدينية الكثير من القيم الإنسانية مثل الرحمة، التعاطف، والامتنان وهو عنصر مهم جدًا".
أكدنا مدى توافق التعاليم الاسلامية مع الاتجاه الذي يكرّم كبار السن ويعزز مكانتهم في المجتمع
وأضاف الدكتور شبانة:" تتحدث النصوص الدينية عن مراحل الحياة المختلفة التي يمر بها الإنسان، حيث الانتقال من مرحلة الطفولة الى المراهقة والنضج ثم التقدم بالسن والشيخوخة، ولكل من هذه المراحل خصائص محددة، وواجبات ومسؤوليات وحقوق معينة، وبالتالي، لا بدّ من احترام دورة الحياة هذه".
وقال:" هذه الرؤية الشاملة لدورة الحياة من وجهة نظر الإسلام هي ما ألقينا الضوء عليه في الندوة، حيث ركزنا على أهم القيم التي تحميها الشريعة الإسلامية ومن بينها ضمان استمرارية الحياة بشكل متوازن".
وحول دور الندوة في بناء الجسور بين الأخلاق والمبادئ الدينية من ناحية، وبين العلم من ناحية أخرى، يؤكد الدكتور شبانة أن الأخلاق والدين يطرحان الأسئلة الوجودية نفسها التي تواجه أي انسان، ومن بينها سؤال الحياة والموت، والخير والشر، وغيرها، أما العلم، فهو مجال يبحث في طبيعة البشر بعيدًا عن القيم.
ركزنا على أهم القيم التي تحميها الشريعة الإسلامية ومن بينها ضمان استمرارية الحياة بشكل متوازن
وقال:" يوجد قلق عام اليوم مما يسمى اليوم "العلم العلماني" الذي لا يأخذ بعين الاعتبار القيم الأخلاقية والدينية، وهو ما قد تنتجع عنه عواقب وخيمة، كأن يقوم العلماء بإجراء تجارب تهدد الوجود الإنساني، هنا سعينا من خلال الندوة إلى تبيان أهمية بناء الجسور بين العلم والأخلاق، بحيث تُعتمد الأخلاق كمرجع يمنع العلوم من أن تنحدر إلى مستوى التدمير الذاتي للإنسان".
وأوضح أنه على الرغم من كوننا مجتمعًا عربيًا اسلاميًا ما زال متمسكًا بالأسرة، إلا أن الانفتاح على العالم وازدياد التواصل والتفاعل بين مختلف المجتمعات، ترك آثاره على نمط حياة الناس، حيث أصبحوا يواجهون تحديات اقتصادية أكبر، ما أثر على حجم الوقت الذي يتم تخصيصه لرعاية الآخرين ومن بينهم كبار السن، مبينًا أنه في هذه الحالة، فإن الرجوع إلى القيم الأخلاقية والدينية يصبح أساسيًا، كي لا نصل إلى خيارات غير عادلة وغير أخلاقية.
وحول ما يُعرف بحالات المساعدة على الانتحار في عالمنا الاسلامي والعربي، فقد أكد الدكتور أيمن شبانة أنه من المؤكد أن مثل هذه الحالات ليست شائعة، لكنها موجودة ويصعب رصدها باعتبارها من المحرمات، وما ينبغي التركيز عليه في هذه الحالة هو معالجة الظروف التي قد تدفع البعض إلى ذلك، قبل أن تصبح هذه الحالة أكثر انتشارًا.
ودعا إلى بذل الجهود من أجل تحقيق هذا الهدف، وذلك من خلال التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والأفراد، بحيث يؤدي كل جانب دوره، كأن يرعى أفراد الأسرة المسن، ويبتكر المجتمع المدني أفكارًا ومشاريع جديدًا من شأنها أن تعزز القيم الأخلاقية المتعلقة برعاية كبار السن.
ولفت إلى أن دولة قطر تمكنت من وضع تشريعات من شأنها أن ترعى كبار السن، مثل قوانين الضمان الاجتماعي والإسكان وإدارة الموارد البشرية، والتقاعد والتأمينات الاجتماعية والأسرة وغيرها، كما أنها تتمتع بالموارد الكافية لتوفير الرعاية الصحية النوعية للمرضى ومن بينهم كبار السن.