إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | التعليم
8 April 2020

"ما كان لأحدٍ أن يتوقع أو يستعد لما يحدث الآن" – قصص لخريجي مؤسسة قطر في خط الدفاع الأمامي في التصدي لوباء كورونا (كوفيد-19)

مشاركة

مصدر الصورة: Hazem Asif (حازم آصف)، عبر موقع worldofhazem/instagram

ثلاثة من خريجي وايل كورنيل للطب – قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، يصفون تجاربهم أثناء علاج مرضى فيروس كورونا (كوفيد-19) في مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية، التي شهدت أكبر عدد من حالات الإصابة في العالم.

في أوائل شهر مارس الماضي، كانت ديالا استيتيه تعمل أثناء مناوبتها الليلية في مستشفى نيويورك-بريسبيتيريان في مانهاتن عندما استقبلت مريض في الثلاثينيات من عمره يعاني من صعوبة شديدة في التنفس والسعال الجاف.

لم يكن هذا المريض الذي استقبلته يعاني من أي حالات مرضية مزمنة، ولكنه كان قد عاد مؤخرًا من رحلة إلى أوروبا. سرعان ما أدركت استيتيه وزملاؤها أن المستشفى قد استقبلت بالفعل أول حالة إصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، وسارعوا إلى البدء في علاجه، وذلك على الرغم من عدم وجود بروتوكول علاجي آنذاك لهذا المرض حديث الظهور.

على مدار أسبوعين، انتقلنا من مرحلة استقبال إصابة واحدة يوميًا إلى استقبال عدة إصابات بين عشية وضحاها

ديالا استيتيه

تتحدث استيتيه، طبيبة مقيمة بالمستشفى، وخريجة وايل كورنيل للطب – قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر قائلة: "لقد كان الجميع حذرين للغاية. كان لدينا على الأقل ثلاثة أطباء متواجدون لنقل المريض، وكانوا يرتدون ملابس واقية لتحميهم من خطر العدوى، كما كانوا يرتدون قفازات طبية مزدوجة، وكمامات طبية من نوع N95، بالإضافة إلى كمامات إضافية من فوقها لحماية العينين.

بعد فترة وجيزة من استقبال أول حالة في المستشفى، وجدت استيتيه نفسها في وسط جائحة عالمية، سرعان ما ستحول مدينة نيويورك إلى أحد بؤر تفشي وباء كورونا (كوفيد-19).

وتابعت: "على مدار أسبوعين، انتقلنا من مرحلة استقبال إصابة واحدة يوميًا إلى استقبال عدة إصابات بين عشية وضحاها. فقد كانت الزيادة هائلة ومفاجئة في عدد الحالات". وذكرت أن المستشفى تستقبل حاليًا أكثر من 50 حالة إصابة بـ(كوفيد-19) يوميًا.

ديالا استيتيه وعلي خيرت هم أطباء مقيمون للعام الثالث في مستشفيات بمدينة نيويورك.

على بعد أميال قليلة شمال مستشفى نيويورك-بريسبيتيريان في مانهاتن، شهد طبيب آخر من خريجي وايل كورنيل للطب – قطر، علي خيرت، وهو طبيب مقيم في مركز لينكولن الطبي التابع لمستشفيات البلدية بنيويورك للعام الثالث، تطورًا سريعًا في مجريات الأزمة. حيث تأجج الوضع في المستشفى في غضون فترة قصيرة نتيجة التفشي السريع للوباء في المدينة.

تحولت غرف المرضى ذوي الحالات غير الحرجة إلى أجنحة خاصة بإستقبال مرضى فيروس كورونا فقط، وتم تفعيل غرف العزل، وشهد المركز تدفقًا هائلاً من المرضى الذين يعانون من مشكلات في الجهاز التنفسي.

ويقول خيرت: "نستقبل مرضى يعانون من مشاكل الجهاز التنفسي، الربو، وضيق التنفس والحمى، نقوم بنقلهم على وجه السرعة إلى غرفة العزل، ونستعد بكافة سبل الوقاية لحماية أنفسنا أولاً ، ثم نقوم بمقابلة وفحص المريض".

"ما يجعل الأمر محسومًا بالنسبة لنا، هو شدة الحاجة لتواجدنا"

منذ بداية الأزمة، أصبح الوضع في المستشفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة أكثر خطورة. وذلك نظرًا إلى نقص مستلزمات الوقاية الشخصية، حيث لم يعد يتمتع أخصائيو الرعاية الصحية برفاهية اتباع الإجراءات القياسية لتغيير الكمامات والأردية الطبية لكل مريض جديد".

يقول سياب بانهوار، طبيب آخر من خريجي وايل كورنيل للطب – قطر، اختصاصي في أمراض القلب بمركز تولين الطبي بولاية لويزيانا، وهي ولاية أخرى تأثرت بشدة من جراء انتشار الوباء: "نأتي إلى العمل يوميًا ولا نملك إلا أن نصلي أن تنجح معدات الوقاية في حمايتنا من خطر العدوى في كل مرة. فنحن بشر أيضًا وقد يتمكن الموت منا كذلك. حيث أن نقص مستلزمات الوقاية الشخصية يمثّل خطورة، ولكن لا يسعنا سوى أن نأمل بألا يحدث مكروهًا أثناء تعاملنا مع المرضى".

سياب بانهوار هو طبيب اختصاصي في أمراض القلب بمركز تولين الطبي بولاية لويزيانا.

وفقًا لخيرت، يقوم الأطباء بتغيير طريقة عملهم من أجل الحد من التعامل المباشر مع المرضى المصابين بفيروس كورونا (كوفيد-19) على قدر الإمكان. ويقول: "نحاول كأخصائيي الرعاية الصحية أن نحد من عدد المرات التي نحتاج خلالها التعامل مباشرةً مع المريض، لذلك عندما أذهب لتفقد المريض، يجب أن أتأكد من إحضار كل ما أحتاجه لأخذ عينة، وأن أسجل كافة المعلومات المتعلقة بتاريخه المرضي، وإجراء كافة الفحوصات الطبية وأي من الإجراءات الأخرى اللازمة، كل ذلك في زيارة واحدة للمريض".
لسوء الحظ، على الرغم من إتباع إجراءات السلامة المختلفة، تعرض خيرت للإصابة بالفيروس في منتصف شهر مارس، عقب ظهور نتائج إختبار العينة الخاص به. ويقول في هذا السياق: "بدأت أشعر بأعراض طفيفة وطُلب مني ملازمة المنزل. استغرقت نتائج اختبار العينة خمسة أيام لتظهر، ولكن بعد مرور تلك الفترة القصيرة ولحسن الحظ، كنت قد بدأت أن أشعر بالتحسن".

يتعافى خيرت الآن أثناء الحجر الذاتي المنزلي، ولكنه يتطلع بفارغ الصبر إلى العودة للعمل، ويعلّق قائلاً: "إذا تعرض أحد الأطباء للمرض، وبدأت تظهر عليه بعض الأعراض، يجب سحبه على الفور من المستشفى، وهو ما يشكّل عبئًا ثقيلاً على كاهل النظام الطبي. حيث أن لدينا نقص في طاقم العمل ولدينا عدد قليل من الأطباء المقيمين. لذا فإن فقدان أحد الأطباء المقيمين من فريق العمل في تلك الظروف الحرجة، يعوق العمل في القسم ككل".

نستقبل كم هائل من المعلومات الجديدة باستمرار. وهو أمر لم يكن باستطاعة أحد الاستعداد له

سياب بانهوار

منذ تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، قد عمل كل من خيرت، وبانهوار واستيتيه لساعات إضافية وتخلوا عن عطلاتهم الأسبوعية من أجل تلبية متطلبات الرعاية الصحية أثناء تلك الأزمة.

وتقول استيتيه عن المستشفى التي تعمل بها: "في أي يوم من الأيام، قد لا يتمكن حوالي 10 أطباء من مزاولة عملهم، إما بسبب ظهور نتائج إيجابية لعينات إختبارهم تؤكد إصابتهم، أو بسبب ظهور أعراض طفيفة عليهم، أو بسبب تعرضهم المفاجىء بشكل مباشر لمرضى مصابين بالفيروس. ولكن أعتقد بأن ما يجعل الأمر محسومًا بالنسبة لنا، هو شدة الحاجة لتواجدنا".

"المناطق الرمادية ليست بالأمر الجيد في مجال الطب"

هناك تحدي رئيسي آخر يواجهه العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتعاملون مع مرضى فيروس كورونا (كوفيد-19)، ألا وهو كونه فيروس جديد، مازلنا لا نعلم عنه الكثير، وليس لدينا تعليمات محددة بشأن طرق علاجه أو عن تأثيره بالضبط على جسم المريض.

يقول بانهوار في هذا السياق: "لا يوجد بروتوكول ثابت يمكننا اتباعه حتى الآن، وكل ما نعرفه يتغير بصورة يومية. بل في الحقيقة، يتغير على مدار الساعة. حيث أننا نستقبل كم هائل من المعلومات الجديدة باستمرار. وهو أمر لم يكن بإستطاعة أحد الاستعداد له".

وأضاف خيرت: "كل ما نملكه حاليًا من معلومات هو مبني على اجتهادات ويعتبر غير مؤكد. وهناك الكثير من المناطق الرمادية التي لم يُحسم الأمر بشأنها، وهو أمر غير جيد في الطب. فلدينا مسؤوليات اتجاه هؤلاء المرضى، وإنه لأمر مزعج ومخيف عدم القدرة على إعطاء إجابات واضحة".

إن هذا الوباء قد شكل تحديات غير مسبوقة بالنسبة للكوادر الطبية في كل أنحاء العالم، والذين يعرضون حياتهم للخطر لمواجهته. ومع ذلك قال كل من خيرت، وبانهوار واستيتيه أن التزامهم الكامل بمواصلة مكافحة الفيروس يفوق أية مخاوف شخصية، وأضافوا بأن تعليمهم وخبراتهم الطبية قد جهزتهم كي يكونوا في الصفوف الأمامية خلال تلك الأزمة.

إن تزويدنا بكل تلك الخبرات من خلال الدراسة الجامعية والخبرة الطبية الميدانية، بل واستخدامها في وقت حيث العالم بأمسّ الحاجة لمساعدتنا، إنما هي تجربة مجدية وتجعلنا نشعر بالتواضع

علي خيرت

يقول خيرت: "إن تجهيزك بكل تلك الخبرات من خلال الدراسة الجامعية والخبرة الطبية الميدانية، بل واستخدامها في وقت حيث العالم في أمس الحاجة لمساعدتك، إنما هي تجربة مجزية وتجعلك تشعر بالتواضع. حيث تشعر بأنك جزء مشارك وفعال في قضية إنسانية".

قالت استيتيه: "لدي الثقة من خلال التدريب الذي حصلت عليه في كلية الطب، ومن خبرتي كطبيبة مقيمة، فهذا يسهل الأمر بعض الشيء، ولكنها أيضًا تجربة تجعلك تشعر بالتواضع، أن تعلم بأن هناك بعض الظروف غير المتوقعة وغير المخطط لها ، وفي مثل تلك الظروف، عليك فقط أن تتعلّم كيف تتدبر أمرك وأنت في قلب الأحداث".

علي خيرت خلال مناوباته في مركز لينكولن الطبي التابع لمستشفيات البلدية في نيويورك.

"العلاج الأفضل لهذا الفيروس، هو عدم الإصابة به على الإطلاق"

مع استمرار انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في جميع أنحاء العالم، لا تزال المستشفيات والفرق الطبية مثقلة بالأعباء. وفقًا لبانهوار، يمكن للمجتمع المساعدة في إنقاذ الموقف من خلال إلتزامهم بالعزلة المنزلية وتخفيض عدد الإصابات – وهو ما يشار إليه بمصطلح "تسطيح المنحنى الوبائي".

يقول بانهوار، الذي بدأ الآن بتوثيق تجربته على قنوات التواصل الاجتماعي لإبراز أهمية العزلة الاجتماعية وإجراءات الحماية الأخرى: "إن العلاج الأفضل لهذا الفيروس، هو عدم التعرض للإصابة به على الإطلاق".

وتابع: "إن ما أحاول القيام به من خلال وسائل التواصل الاجتماعي هو الترويج لحقيقة أنه إن كان من الضروري ملازمة المنزل في هذه الفترة لإنقاذ الموقف، فعلى الجميع أن يلتزم. فربما لا يعرف الجميع خطورة الموقف الحالي، ما لم يسمعونها من منظور طبيب يعالج هؤلاء المرضى بشكل مباشر".

ومن جهته، يقول خيرت: "لا يمكنني التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية التباعد الإجتماعي والإلتزام بالعزل المنزلي. فالأمر لا يقتصر على الحماية الشخصية فقط، بل أيضًا للحد من نقل العدوى للآخرين ممن هم أكثر عرضة للخطر".

وعلّقت استيتيه قائلة: "لقد تم استدعاء الأجيال السابقة لخوض الحروب. بينما نحن مطلوب منا فقط أن نلتزم بالبقاء في منازلنا". وذلك في سياق تأكيدها على أهمية اتباع النصائح من مؤسسات الرعاية الصحية وقادة الحكومات. وذكرت أن ما يساعدها ويشد من أزرها خلال هذه الأوقات الصعبة هو حقيقة أن الناس كانوا يراسلونها باستمرار - سواء من داخل الولايات المتحدة أو من قطر، حيث تقيم ستيتية وعائلتها - للإطمئنان عليها وليعبروا عن إمتنانهم لجهودها.

وتابعت: "أشعر الآن للمرة الأولى بأن التركيز ينصب بالكامل على مجال الطب. حيث لم يتحدث المجتمع من قبل إلّا نادرًا عن عدد الساعات التي يقضيها الأطباء في العمل، حتى بعيدًا عن مثل هذه الأزمة. فما يحدث الآن قد بعث بروح من الإمتنان لنا في المجتمع الطبي، بل وجعلنا نشعر بالتقدير لوقتنا وجهودنا وللمخاطر التي نتعرض لها من أجل حماية المجتمع".


الرسوم التوضيحية في المقال بيد حازم عاصف، خريج جامعة فرجينيا كومنولث - كلية فنون التصميم في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، والذي ابتكر أعمالاً فنية تعكس جهود العاملين في مجال الرعاية الصحية خلال انتشار وباء كورونا (كوفيد-19).

قصص ذات صلة