للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
سلمى حسن مع زملاء الدراسة خلال رحلتهم الجامعية إلى إقليم الباسك، كجزء من برنامج مناطق الصراع ومناطق السلام الخاص بجامعة جورجتاون في قطر.
الصورة: جامعة جورجتاون في قطرإحدى خريجات دفعة عام 2020 بمؤسسة قطر تشارك تجربتها في الدفاع عن القضية البيئية من خلال التعاطف
عند دراسة الشؤون الدولية مثل اقتصاديات العالم أو الصراعات السياسية، غالبًا ما يتم إغفال أهمية التعاطف عند محاولة فهم هذه القضايا.
بالنسبة لسلمى حسن، التي تخرجت من مؤسسة قطر حديثًا، إن التعاطف مع البيئة هو المفتاح لمكافحة قضية تغير المناخ.
بالنسبة للطالبة سلمى حسن، عندما سافرت إلى إسبانيا العام الماضي في رحلة جامعية لدراسة النضال السياسي المسلح للعرق الباسكي في شمال إسبانيا، كان الشيء الرئيسي الذي استخلصته من تلك التجربة هو أهمية النظر في القضايا العالمية بروح من التعاطف، ليس فقط على المستوى العام للقضية بل أيضًا على مستوى الأفراد ومدى تأثيرها على حياتهم.
تقول سلمى، الطالبة التي تخرجت مؤخرًا بتخصص في الاقتصاد الدولي من جامعة جورجتاون في قطر – جامعة شريكة لمؤسسة قطر: "لدينا دائمًا انطباعًا مسبقًا بأننا نفهم حقيقة ما يحدث في قضيةٍ ما، ولكن رحلتي إلى إقليم الباسك ومقابلة شعبه بشكل مباشر قد غيّرت مفهومي بطريقة لم يكن لكتابٍ أو مقال أو مقطع فيديو أن يُحدثه. فقد جعلتني أتعاطف مع القضايا التي أدرسها، وجعلتني أدرك بأن ما أدرسه ليس مجرد نقاط على خريطة أو أعداد مذكوره في قاعدة بيانات، بل هم أناس حقيقيون يخوضون صراعات ويتأثرون بتلك القضايا. ومنذ ذلك الحين، أصبحت أعيد النظر حيال قضية أدرسها، ما لم أفهم حقيقة تلك القضية من خلال شخص أعرفه بصورة مباشرة".
فقد جعلتني أتعاطف مع القضايا التي أدرسها، وجعلتني أدرك بأن ما أدرسه ليس مجرد نقاط على خريطة أو أعداد مذكوره في قاعدة بيانات، بل هم أناس حقيقيون يخوضون صراعات ويتأثرون بتلك القضايا
تُعد سلمى حسن التي نشأت في قطر، واحدة من الطلاب الأكثر مشاركةً في دفعة عام 2020 بجامعة جورجتاون في قطر، وخلال رحلتها كطالبة جامعية، اغتنمت سلمى كافة الفرص المتاحة لها، وهو ما جعلها متفوقة ليس فقط من الناحية الأكاديمية وخريجة حاصلة على مرتبة الشرف اللاتينية، ولكن كذلك متفوقة في عدد كبير من الأنشطة الإضافية للمنهج الدراسي، حيث تنوعت تلك الأنشطة ما بين مشاركتها في برنامج نموذج الأمم المتحدة، ولعب كرة السلة، والقيام بأنشطة لخدمة المجتمع وعملها كباحثة مساعدة.
وتقول سلمى في هذا السياق: "في جامعة جورجتاون أو في مؤسسة قطر بشكل عام، هناك دائمًا فرصة متاحة لتقوم بشيء ما، أو لتصبح جزءًا من عملٍ ما، أو حتى لتساعد الآخرين. وأعتقد أن كل طالب عليه أن يلاحق تلك الفرص وأن يغتنمها من أجل الحصول على تجربة شاملة تنمّي شخصيته. قد يندم المرء فقط على الأمور التي لم يفعلها، وبالنسبة لي، ليس هناك ما أندم عليه".
في جامعة جورجتاون أو في مؤسسة قطر بشكل عام، هناك دائمًا فرصة متاحة لتقوم بشيء ما، أو لتصبح جزءًا من عملٍ ما، أو حتى لتساعد الآخرين
التعاطف نحو القضية البيئية
أوضحت سلمى أن تعاطفها لم يقتصر فقط على القضايا العالمية المرتبطة بمجال دراستها، ولكنه أصبح نهجًا وقيمة فعلية وجهت تقريبًا كافة الأنشطة التي مارستها كطالبة، لا سيما في ما يتعلق بتجربتها الأكثر ثراءً والتي تمثلت في تأسيسها لنادي الاستدامة البيئية في جامعة جورجتاون في قطر. وكرئيسة للنادي، دعت سلمى إلى التعاطف مع القضية البيئية من خلال تطبيق أنشطة مستدامة داخل الحرم الجامعي.
تقول سلمى: "قد نجد أن التعاطف مع قضية التغير المناخي ليس بنفس السهولة، وذلك لأننا نحاول الاهتمام بشيء لا نتفاعل معه ماديًا بشكل يومي بنفس الطريقة التي نتفاعل بها مع الإنسان. لكن هناك علاقة وطيدة تربط التعاطف بمفهوم الاستدامة، وهي التعاطف تجاه الأجيال القادمة على هذا الكوكب."
سلمى حسن (رقم 2 من جهة اليمين) بجانب آلة التدوير المتنقلة التي تم إدخالها إلى الحرم الجامعي بالتعاون مع شركة QUBE لإعادة التدوير. الصورة: جامعة جورجتاون في قطر.
تمثلت أحد أهم نقاط التحول الرئيسية لنادي الاستدامة البيئية في عقد التعاون مع شركة لخدمات التكنولوجيا البيئية مقرها في قطر بهدف تقديم مفهوم "إعادة التدوير" في الحرم الجامعي، وذلك من خلال إدخال آلة متنقلة إلى الحرم الجامعي تقوم بتحويل بقايا وجبات الكافتيريا إلى سماد غني. والفرق بين ما تقوم به تلك الآلة وعملية "إعادة التدوير" المعروفة، هو أن تلك الآلة تحوّل النفايات إلى مواد أعلى جودة أو متعددة الاستخدامات، بينما "إعادة التدوير" تعني إعادة تدوير منتج مستعمل وتحويله إلى نسخة جديدة من نفس المنتج.
سعيًا منها للتعمق أكثر في مجال الاستدامة البيئية، قامت سلمى بمتابعة مشاريع بحثية حول فضلات الطعام في دولة قطر كما تلقت أيضًا تدريبًا في مجلس قطر للمباني الخضراء، عضو مؤسسة قطر والذي يعمل على تشجيع تصميمات المباني المستدامة في الدولة. وكجزء من تدريبها، قامت سلمى بتطوير وتنفيذ برنامج "الحرم الجامعي الصديق للبيئة" بهدف تعزيز الممارسات الصديقة للبيئة في المعاهد التعليمية.
إنني على يقين من بعض الحقائق في هذا الموقف نظرًا لأننا نمر به جميعًا معًا
حظر السفر، أزمة الحصار، الوباء
لم تكن الدراسة الأكاديمية، وكل تلك الأنشطة وحدها التي أثرت تجربة سلمى الجامعية. في واقع الأمر، واجهت مجموعة من الصعوبات المختلفة على مر سنواتها كطالبة والتي ساهمت بشكل كبير في بناء شخصيتها.
في عام 2017، عندما فُرض الحصار على دولة قطر، كانت سلمى -وهي مصرية الجنسية- واحدة من بين العديد من طلاب مؤسسة قطر الذين كانوا قلقين بشأن مصير مستقبلهم التعليمي في ظل الخلاف السياسي المفاجئ.
تقول سلمى: "كنت أخشى أن يؤثر ذلك على إقامتي في قطر، لم يكن الوضع مثاليًا بالنسبة لنا". في نهاية المطاف، استطاعت سلمى مواصلة تعليمها بصورة طبيعية دون انقطاع.
من بين التحديات الأخرى التي واجهتها سلمى وزملائها في نفس المجال، كانت في التعامل مع حظر السفر إلى الولايات المتحدة المفروض على بعض الجنسيات وذلك قبيل استعدادهم للدراسة في الخارج في الحرم الجامعي الرئيسي لجامعة جورجتاون بالعاصمة واشنطن، بالإضافة إلى تخرجهم في ظل تراجع الظروف الإقتصادية الناتجة عن تفشي جائحة (كوفيد-19).
سلمى حسن (رقم 2 من جهة اليسار) خلال نشاط توعوي عن فضلات الطعام بكافيتيريا جامعة جورجتاون في قطر. الصورة: موقع مشروع حماية الغذاء والبيئة في قطر
ومع ذلك، تعتقد سلمى حسن أن مواجهة مثل هذه التحديات، ولا سيما الجائحة العالمية الراهنة، جعلتها وزملائها من دفعة عام 2020 أكثر مرونة واستعدادًا لخوض تجارب العالم الحقيقي.
تقول سلمى: "إنني على يقين من بعض الحقائق في هذا الموقف نظرًا لأننا نمر به جميعًا معًا، فإن العالم بأكمله يواجه تلك الأزمة، وقد يكون في مصلحتنا خوض كل تلك التجارب وأن نتعرض لتلك الظروف جملةً واحدة. خاصةً بالنسبة لطلاب كلية الشؤون الدولية، حيث أن مواجهتهم لكل تلك الأحداث الواقعية منحتهم بالتأكيد فهمًا حقيقيًا لواقع الحياة، وهو ما يغذي الشعور بالتعاطف حول القضايا العالمية من خلال التجربة الشخصية".
تحاول سلمى حاليًا تحقيق أقصى استفادة من فترة الحظر المنزلي من خلال تلقي دورات عبر الإنترنت من بعض الجامعات المرموقة. بعد إنتهاء أزمة الوباء وعودة الحياة إلى طبيعتها، تعتزم سلمى الدخول في مجال العمل التنموي مع المنظمات الدولية أو مجال الاستدامة البيئية لرفع مستوى الوعي بأهميتها.