للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
طلاب من أكاديمية العوسج، إحدى المدارس العاملة تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر.
مجموعة من الطلاب الأصدقاء في مؤسسة قطر يحيون اليوم الدولي للصداقة ويجسدون قيم تقبل الآخر دون شروط
"أنتِ مختلفة، تجلسين على كرسي متحرّك وتعجزين عن المشي، أنتِ لستِ مثلنا".
لم تكن مريم تقف وحدها حين كانت تستمع إلى أحدهم وهو يوجّه لها هذا الكلام الجارح، قبل أن تقوم بأية ردة فعل، سمعت إحداهن تقول له: "هذه الفتاة التي تعايرها بأنها لا تستطيع المشي، هي أكثر منك ذكاءً ومهارة، وهي قادرة على إنجاز الكثير، ولا يعيبها مواجهة بعض التحدّيات، بل ذلك يجعلها تستحق التقدير والاحترام أكثر".
لقد كانت تلك نوف جاسم البدر، التي وقفت لتدافع عن صديقتها مريم بشجاعة. ليست تلك المرة الأولى التي تساند فيها الطالبات في الصف التاسع في أكاديمية العوسج، صديقتهنّ مريم حمد الإبراهيم، إذ تربطهنّ صداقة متينة في مجتمع المدرسة، ويكتشفن الحياة وتحدياتها بكل ثقة وقوة، حتى خارج حدود جدران المدرسة أيضًا.
مريم حمد الابراهيم
حياةٌ أفضل
بمناسبة اليوم الدولي للصداقة، الذي يصادف 30 يوليو من كل عام، تستعيد الصديقات الأربع ذكرياتهن معًا، ويتحدثن عن دور الصداقة التي تجمعهن في تعزيز ثقتهن بأنفسهن وجعل حياتهن أفضل، والتي بدأت وكبرت بين جدران أكاديمية العوسج، إحدى المدارس العاملة تحت مظلة التعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، لتمتد إلى خارج حدود المدرسة.
تقول مريم حمد الإبراهيم، إحدى الصديقات:" لقد ولدتُ وأنا أعاني من الشلل الرباعي الذي جعل جسدي متصلبًا ما يؤثر حركة على أطرافي الأربعة، وهو ما جعلني جليسة الكرسي المتحرك، لقد واجهتُ الكثير من التحديات حين كنتُ أقل سنًا، إلى أن التقيت بصديقاتي، اللواتي غيّرن حياتي، وحولن التحديات إلى فرص، لمجرد أنهن جعلنني أشعر بأنني جزء أساسي من المجموعة".
قد أكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنني أحتاج إلى أصدقاء يساندونني، ويجعلونني أبتسم، ويتقبلونني كما أنا، وقد حصلت عليهم، وأنا متمسكة بصداقتهن مدى الحياة
تتابع:" قد أكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنني أحتاج إلى أصدقاء يساندونني، ويجعلونني أبتسم، ويتقبلونني كما أنا، وقد حصلت عليهم، وأنا متمسكة بصداقتهن مدى الحياة".
معًا في كل مكان
منذ اليوم الأول للقائهن، لم تشعر أيًا منهن بالوحدة، لم يفترقن أبدًا، يرافقن بعضهم البعض دائمًا، في وقت الغداء، وقت الفسحة، في المكتبة. خارج المدرسة، يذهبن معًا إلى الحدائق، والسينما، والمجمعات التجارية. ورغم التحديات التي تواجهها صديقتهن مريم، إلا أن ذلك لم أخذها معهن إلى كل مكان، ولو اضطر الأمر بذل المزيد من الجهد، فكل همّهم هو أن تكون سعيدة.
تقول نوف:" في المرة الأولى التي التقيت فيها مريم، كنا في الصف السابع، لاحظت أنها شجاعة وودودة، لهذه الأسباب اقتربت منها وسألتها: هل يمكن أن نصبح أصدقاء؟ منذ ذلك اليوم، نحن لا نفترق أبدًا".
لقد اكتشفت من خلال مريم أهمية الصداقة، وكيف أن الكرسي المتحرك لا يمكن أن يكون عائقًا أمام ذلك. ولو حدث أن وجّه أي شخص إليها كلمة جارحة، أدافع عنها
تضيف:" لقد اكتشفت من خلال مريم أهمية أن يكون لدينا أصدقاء في هذه الحياة، نشاركهم اللحظات الحلوة والمحزنة، وكيف أن الكرسي المتحرك لا يمكن أن يكون عائقًا أمام ذلك. ولو حدث أن وجّه أي شخص إليها كلمة جارحة، أدافع عنها".
تعلق مريم حمد الإبراهيم:" أنا أمتلك ثقة كبيرة في إمكانياتي، لا تهزها أي عبارة اساءة أو تنمر، لأنني أدرك أن العيب ليس في أن نمتلك تحديات معينة، بل أن نقف عاجزين أمام هذه التحديات ونستسلم لأحكام الآخرين. وجود صديقاتي إلى جانبي يجعلني أكثر قوة".
مريم جعلت حياتي أفضل. ففي المدرسة، كنت دائمًا أخجل من التحدث والتعبير عن نفسي، لكن مريم ساعدتني في التغلب على ذلك
صداقة لا تنتهي
حين أجرت مريم حمد الابراهيم جراحة ليدها اليسرى، مكثت في المستشفى لمدة أربعة أيام، ما أبعدها أسبوع كامل عن المدرسة، لكنه لم يبعدها عن صديقاتها اللواتي قدمن لزيارتها في المنزل وساعدنها على التحسن والعودة إلى مقعدها الدراسي في وقت قصير.
مريم المعاضيد، كانت إحدى الصديقات اللواتي زرن مريم بعد خروجها في المستشفى، وهو اليوم الذي تصفه بأنه كان بداية صداقة رائعة، حيث تقول:" كانت مريم تستلقي على سريرها والبسمة لا تغادر محيّاها، فالعملية الصعبة التي خضعت لها للتوّ لم تجعلها تفقد إيمانها بالحياة، لقد ألهمتني دون أن تنطق بحرفٍ واحد".
تضيف:" لقد تعرفت إلى صديقتي عن قرب، وبت أفهمها أكثر من أي شخص آخر، وأعرف كم تعشق اللون الفيروزي، والسينما، وقراءة كتاب حياة بلا حدود للكاتب نيك فيوتتش، في المقابل، جعلت مريم حياتي أفضل. ففي المدرسة، كنت دائمًا أخجل من التحدث والتعبير عن نفسي، لكن مريم ساعدتني في التغلب على ذلك".
قويات وسعيدات
حتى في ظل التباعد الاجتماعي خلال جائحة "كوفيد-19"، لم تتوقف الصديقات عن التواصل الافتراضي عبر الهاتف والانترنت، هنّ يرفضن فكرة الافتراق، ولا يفضلن الخوض فيها، بل كل همهّن اليوم، أن يبدأ العام الدراسي الجديد في أكاديمية العوسج، كي يستعدن اللحظات الحلوة التي بنينها في أروقة المدرسة كما في
خارجها، وهن مصرات على أن يتخرجن معًا ويرتدن الجامعة نفسها، وأن يحتفلن معًا بمائة يوم قادم، من اليوم الدولي للصداقة. قد لا يعلم أحد ما الذي تخبئ الأيام القادمة، لكن ما تؤكد عليه هؤلاء الفتيات هو أن الشيء الوحيد المهم لهن، هو أن يبقين معًا ولا يفترقن أبدًا، وكما تقول مريم:" معًا نحن أقوى، معًا نحن أكثر سعادة".