إظهار جميع النتائج

مستجدات فيروس كورونا (كوفيد-19)

للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر

قصة | البحوث
30 October 2018

لماذا تستثمر دولة قطر بقوة في مجال دراسة الجينات؟

مشاركة

يدرس برنامج قطر جينوم التركيب الجيني لسكان دولة قطر سعيًا لتجنّب الأمراض الناجمة عن الاضطرابات الجينية.

العديد منّا مرّوا بتجربة فقدان قريب أو صديق جرّاء إصابته بمرض سرطاني مفاجئ أو نوبة قلبية في سن مبكّرة رغم اتباعهم لنمط حياة صحي. يرجع ما نسبته 80 في المائة من هذه الأمراض النادرة التي تحصد أرواح الملايين حول العالم سنويًّا إلى الاضطرابات الجينية؛ ولذا فقد بدأت العديد من الدول في تكريس جهودها للحد من انتشار هذه الأمراض باستثمار مواردها في علم الجينوم، وهو علم يهدف إلى دراسة كيفية عمل الجينات لدى مجموعة سكانية محددة.

في معرض حديثها عن علم الجينوم، قالت الدكتورة أسماء آل ثاني، رئيس اللجنة الوطنية لبرنامج قطر جينوم، ونائب رئيس مجلس إدارة قطر بيوبنك، عضوا مؤسسة قطر: "ينطوي علم الجينوم على مفاتيح لفهم أسباب تفاوت تأثير العوامل والسلوكيات المتعلقة بأنماط الحياة بين الأفراد، ما يمكننا من التشخيص المبكّر، وتقديم علاجات ناجعة"، وأضافت: "نحن نخطو نحو عصر جديد من الخدمات الطبية المعتمدة على الطب الشخصي والطب الجينومي، ويتم حاليًا ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال الطب الوقائي بدلًا من علاج المرضى بعد إصابتهم".

يهدف برنامج قطر جينوم، الذي أُطلق عام 2013، إلى دراسة التركيب الجيني لسكان دولة قطر بهدف تقديم الرعاية الصحية الشخصية؛ وهي خدمات طبية تلبّي احتياجات كل فرد بناءً على موروثاته الجينية. تسهم البحوث الجينومية واسعة النطاق التي يجريها برنامج قطر جينوم على المواطنين، بالإضافة إلى المقيمين في دولة قطر منذ فترة طويلة، في تعزيز مكانة دولة قطر كواحدةٍ من الدول القليلة في العالم التي تُعنى بإجراء هذا النوع من البحوث.

نخطو نحو عصر جديد من الخدمات الطبية المعتمدة على الطب الشخصي والطب الجينومي، ويتم حاليًا ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال الطب الوقائي بدلًا من علاج المرضى بعد إصابتهم.

نسهم في تحسين خدمات الرعاية الصحية القائمة

يطرح برنامج قطر جينوم مثالًا واضحًا على جهود دولة قطر في مواءمة الحلول وأفضل الممارسات المعمول بها عالميًا لتتماشى مع السياق المحلي، بدلًا من الانقياد وراء نموذج تستخدمه الدول المتقدّمة، وتبنّيه جملةً وتفصيلًا؛ حيث يدرس البرنامج أدوية معيّنة تمّت صناعتها وتجربتها في دول غربيّة ومدى تأثيرها على المرضى المقيمين في دولة قطر، مقارنةً بتأثيرها على نظرائهم في هذه الدول.

في هذا الإطار، قالت الدكتورة أسماء آل ثاني: "ندرس أدوية السكري والقلب والأوعية الدموية التي تُستخدم بكثرة لعلاج مرضى هذه الحالات في دولة قطر، في محاولة لتحديد فاعلية استقلاب الدواء؛ وهي الآلية التي يتمكن من خلالها الجسم من التخلص من المركّب الدوائي بعد الاستفادة منه"، موضحةً أن معدل الأيض للفرد يمكن أن يحدد مدى الآثار الجانبية التي يمكن أن يسبّبها الدواء. كما أعقبت بقولها: "يجب أن نأخذ الهوية الجينومية لسكان منطقة ما بعين الاعتبار، وذلك بتحديد الأمراض الأكثر انتشارًا، والأدوية الأكثر فاعلية بالنسبة إلى سكان هذه المنطقة".

ما يزال علم الجينوم مجالًا ناشئًا، ولذا فمن الضروريّ نشر الوعي بأهميّة هذا المجال بين السكان لتعزيز رغبتهم في مشاركة تاريخهم الطبي، وعيّنات الدم، والبيانات الذاتية. وانطلاقًا من هذا الهدف، يستضيف برنامج قطر جينوم "مقهى الجينوم" الذي يجمع المجتمع المحلي لمناقشة علم الجينات ومدى تأثيره.

وإضافةً إلى ذلك، فقد أسهم البرنامج في إقامة معرض في متاحف مشيرب يعرض معلومات حول الحمض النووي، ويتيح للزوّار تجربة استكشاف الموروثات الجينية والهجرات البشرية في عصور ما قبل التاريخ من خلال شاشات تفاعلية.

كما أظهرت دراسة استقصائية مرجعية أجراها برنامج قطر جينوم أن 72 في المائة من المواطنين القطريين على استعداد لمشاركة عيناتهم البيولوجية مع البرنامج، ما يقدم دليلًا على رغبتهم في معرفة المزيد حول صحتهم، والإسهام في تجنب الأمراض في المستقبل.

وعلّقت الدكتورة أسماء آل ثاني على ذلك بقولها: "شعرنا بحماس كبير لدى تلقينا ردود فعل إيجابية حول برنامج قطر جينوم ومبادراته المستمرّة من شعب دولة قطر ومتخصصي الرعاية الصحية".

نتعاون مع الجهات المعنيّة المحليّة

تعاون البرنامج مع شبكة متكاملة من المعنيين بتقديم خدمات الرعاية الصحية أسّستها مؤسسة قطر، تضم وايل كورنيل للطب – قطر، وجامعة حمد بن خليفة، وسدرة للطب، وقطر بيوبنك، بالإضافة إلى التعاون مع جامعة قطر، ما يسهم في تعزيز جهود المشروع للمضيّ قدُمًا في تطوير البحوث الجينومية من خلال التعاون ومشاركة المصادر.

في وقت سابق من هذا العام، أطلق برنامج قطر جينوم، وقطر بيوبنك، ووايل كورنيل للطب – قطر أول رقاقة جينية قطرية يمكنها تخزين مئات الآلاف من متغيّرات الجينات في جهاز أصغر حجمًا من طابع البريد. سابقًا، كانت العينات الجينية النادرة أو الغريبة تُرسل للتشخيص في الخارج، أما الآن، فيمكن تخزينها في الرقاقة الجينية القطرية لاستكمال الفحص اللازم.

أكمل البرنامج التسلسلات الجينية لأكثر من 11 ألف جينوم كامل حتى يومنا هذا، وهو إنجاز لم يكن يُمكن تحقيقه في مثل هذا الوقت القصير لولا إسهام الجهات المعنيّة المحليّة، كما تقول الدكتورة أسماء آل ثاني. يعمل شركاء البرنامج مع مؤسسة حمد الطبية، وهي مؤسسة الرعاية الصحية الرئيسية في دولة قطر، ليتم استخدام الرقاقة الجينية القطرية في المؤسسة؛ بيْد أن العمل مع كيانات أخرى لا يخلو من التحديات.

تشرح الدكتورة أسماء آل ثاني تلك التحديّات بقولها: "طبيعة هذا المشروع معقّدة للغاية، فنحن نحتاج للعمل مع خبراء في الأخلاقيات والمجال الأكاديمي بالإضافة إلى منظمات خدميّة مثل مؤسسة حمد الطبية، ولذا فمن المتوقع أن يرى كل كيان من هذه الكيانات أجنداته كأولويّة"، مضيفةً أن "التنسيق بين جهات معنيّة مختلفة ليس بالأمر اليسير، ولكننا نثق ببعضنا الآخر ثقةً كبيرة".

بالإضافة إلى ذلك، يمثّل انتماء البرنامج للمنظومة الفريدة في مؤسسة قطر فرصةً لدمج علم الجينوم في المجال الأكاديمي، ما يمهّد الطريق لتخريج خبراء مستقبليين من دولة قطر في هذا المجال، قادرين على تأدية أدوار يصعب شغلها، كمستشارين في علم الجينات. وفي إطار سعيه لتحقيق هذه الغاية، وحّد برنامج قطر جينوم جهوده لتأسيس برامج دراسات عليا في دولة قطر، من ضمنها برنامج الماجستير في الاستشارات الوراثية في جامعة قطر، وبرنامجي الماجستير والدكتوراه في علم الجينوم والطب الدقيق بجامعة حمد بن خليفة.

وختمت الدكتورة أسماء آل ثاني بقولها: "نفخر بمبادرة دولة قطر في البدء بهذا المشروع؛ فنحن نشهد اليوم حديثًا متسارعًا حول علم الجينوم في منشورات علمية بشكل يوميّ، وأي تأخير في إحراز تقدم في هذا المجال سيتضاعف تأثيره، ولذا فكلما تسارعت مشاركتنا في هذا المجال، انعكس ذلك على تقوية الأثر الإيجابي الذي يمكننا إحرازه في نظام الرعاية الصحية مستقبلًا".

قصص ذات صلة