للاطلاع على آخر المعلومات والمستجدات من مؤسسة قطر حول فيروس كورونا، يرجى زيارة صفحة التصريحات الخاصة بمؤسسة قطر
الصورة الأساسية: سرطان الثدي هو أكثر السرطانات انتشارًا في دولة قطر
مصدر الصورة: Guschenkova، عبر موقع Shutterstockالدكتور عثمان البهالي، مدير حوسبة البحوث وأستاذ بجامعة تكساس إي أند أم في قطر، يقول إن تحديد حجم جرعة العلاج الإشعاعي المناسبة للحالة الفردية لمريض سرطان الثدي يمكن أن تحدّ من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
في الوقت الذي أدّت معالجةُ السرطان بالأشعة إلى زيادة عدد حالات الشفاء من المرض، أفضت إلى زيادة احتمالات إصابة هؤلاء المرضى بأمراض القلب والأوعية الدموية، وخاصةً المصابين منهم بسرطان الثدي.
يقول الدكتور عثمان البهالي، مدير حوسبة البحوث والأستاذ بجامعة تكساس إي أند أم في قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر: "تشير الإحصائيات العالمية في السنوات العشرين إلى الخمسة والعشرين الأخيرة إلى أن نسبةً كبيرة من السيدات اللواتي تلقين علاجًا لسرطان الثدي بالأشعة أصبن بأمراض القلب والأوعية الدموية خلال فترة خمس إلى عشر سنوات من تلقي الجرعة الأولى من العلاج".
الصورة الأولى: الدكتور عثمان البهالي، من جامعة تكساس إي أند أم في قطر.
وبما أن سرطان الثدي أكثر السرطانات انتشارًا في دولة قطر، فهذه مسألةٌ تدعو للقلق البالغ. غير أن الدكتور البهالي يعتقد أن الأثر الجانبي المذكور أعلاه يمكن الحدّ منه بصورة كبيرة عبر تحديد الجرعة المثالية للعلاج بالأشعة.
لكي نستطيع حساب الحجم الدقيق للجرعة، ينبغي استخدام برمجية أكثر تعقيدًا من المستخدمة حاليًا
وفي هذا الإطار، يحاول الدكتور البهالي توظيف السنوات التي راكمها من الخبرة في مجال الفيزياء الطبية والحوسبة الفائقة في تحقيق هذا الهدف بمساعدة الذكاء الاصطناعي. ويشرح هذا بقوله: "إن الخطر المتزايد للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ليس نتيجة مباشرة للعلاج بالأشعة وإنما نتيجة حجم الجرعة المستخدمة. فلو استطعنا تحديد الكمية الأمثل للجرعة بحيث تكون في الحدود الدنيا اللازمة لتكون فعالةً، إضافةً إلى تحديد زاوية للأشعة السينية بحيث تصيب الخلايا السرطانية وتبقى بعيدة قدر الإمكان عن القلب، فإنني أعتقد أن ذلك سيحدّ من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. أما حجم الجرعة في الوقت الحالي فيتم حسابه باستخدام برمجية كلاسيكية مبنية على حدود تقديرية تقريبية على اعتبار أن ذلك إجراء فعال من الناحية الزمنية. وهو بالطبع شيء موثوق ولكنْ غير دقيق، لكنه في معظم الحالات ينجز المطلوب. ولكي نستطيع حساب الحجم الدقيق للجرعة، ينبغي استخدام برمجية أكثر تعقيدًا من المستخدمة حاليًا".
الذكاء الاصطناعي إمكانياته كبيرة ومبشّرة، وخاصة في القطاع الطبي، ولكنْ لا بدّ من استيعاب أنه لا ولن يتقدم ويحقق المطلوب دون الوصول إلى البيانات
وإحدى هذه البرمجيات ’محاكاة مونت كارلو‘، لكن الأمر يستغرق ساعات لحساب الجرعة الصحيحة، وهو غير عملي ولا يصلح تطبيقه في سياق المستشفيات. ولذا تحاول مجموعة الدكتور المزاوجة بين محاكاة مونت كارلو وخوارزمية قوية للتعلم الآلي قام فريقُه بتطويرها. وعند تحقيق هذه المزاوجة، يمكنها بشكل كبير اختصار الوقت اللازم لتحديد الحجم الدقيق للجرعة المناسبة لمريض محدد. وفي هذا الإطار يقول الدكتور بوهالي: "لقد انتهينا من تطوير الخوارزمية، ونقوم الآن بـ’تعليمها‘ عبر استخدام البيانات الخاصة بالمريض".
أما بالنسبة للتحديات التي واجهها الدكتور البهالي في هذا المسعى، فيقول: "الوصول إلى البيانات يظلّ التحدي الأكبر بالنسبة للذكاء الاصطناعي، ليس في دولة قطر فحسب بل في كافة أرجاء العالم. الذكاء الاصطناعي إمكانياته كبيرة ومبشّرة، وخاصة في القطاع الطبي، ولكنْ لا بدّ من استيعاب أنه لا ولن يتقدم ويحقق المطلوب دون الوصول إلى البيانات. وما لم يحصل الباحثون على فرصة الوصول إلى البيانات، فلن نكون قادرين على تحقيق الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي".
المزاوجة بين الذكاء الاصطناعي والفيزياء الطبية لها من الإمكانات ما يمكّننا من إدخال تغييرات جذرية في ميدان الطب
من ناحية ثانية، يعمل فريق الدكتور البهالي بالتعاون مع أحد المستشفيات المحلية، على استكشاف الطرق المناسبة لتحديد مرحلة السرطان لدى المريض عبر فحص صور الورم ومعالجتها باستخدام الذكاء الاصطناعي. ففي الوقت الحالي يحدد الأطباء ذلك عن طريق الخزعة، وهي عبارة عن إجراء باضع يقومون فيه بأخذ عيّنة من النسيج المصاب وتحليلها لتحديد مدى انتشار السرطان.
يقول الدكتور البهالي: "يهدف مشروعنا هذا إلى تجنّب هذه الطريقة الباضعة والاستعاضة عنها ببيانات الصور والذكاء الاصطناعي. فقد سبق وطورنا الخوارزمية المناسبة ونعمل الآن على تعليمها كيفية تحديد درجة انتشار السرطان عبر تغذيتها بصور مستمدة من مرضى سابقين وبتفاصيل حالاتهم السرطانية. وبمجرد تغذية الخوارزمية بالمعلومات الكافية، ستكون قادرة في نهاية المطاف على التمييز بين درجات السرطان عبر تحليل الصور والتقاط الاختلافات في البكسل والدقة والتباين وجوانب عدة أخرى".
الصورة الثانية: يقول الدكتور البهالي أن الوصول إلى البيانات يظلّ التحدي الأكبر بالنسبة للذكاء الاصطناعي
ويأمل الدكتور البهالي أن يمهّد عملُه، عبر التعاون الوثيق مع المستشفيات المحلية والدولية، الطريقَ نحو تحديد الحجم الأمثل لجرعة العلاج بالأشعة المناسب للمريض والقائم على البيانات والذي من شأنه أن يعظّم احتمالات نجاح العلاج بالأشعة ويقلّل آثاره الجانبية على المرضى.
ويختتم الدكتور البهالي هذا بقوله: "لم تحظَ الفيزياء الطبية فيما مضى بالاهتمام اللازم أو تحصل على التمويل الذي تستحقه، ولكنّ هذا بدأ يتغير الآن. وبفضل التمويل الذي يقدمه الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، بدأ هذا المجال البحثي في دولة قطر بالسير على الطريق الصحيح. ولعلّنا نشير هنا إلى أن إدارة الدواء والغذاء الأمريكية أجازت في السنوات الخمس الماضية ثمانية أجهزة جديدة للاقتفاء الإشعاعي، وهذه سابقة لم تحدث من قبل. وأنا مقتنع بأن المزاوجة بين الذكاء الاصطناعي والفيزياء الطبية لها من الإمكانات ما يمكّننا من إدخال تغييرات جذرية في ميدان الطب، وخاصة في مجالات مثل علم الأورام، ولذلك تغمرني السعادة لأنني عضو في هذا الفريق الذي يحدونا الأمل في أنه سيتمكن من صنع هذا التغيير في دولة قطر".